رسالة مفتوحة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول المانحة الأخرى في الأمم المتحدة
(بيروت) – قالت الأمم المتحدة إن ناقلة النفط صافر (FSO Safer) التي ترسو على بعد 32 ميلا بحريا من مدينة الحديدة الساحلية اليمنية الهامة يمكن أن تنفجر أو تتفكك في أي وقت، وهو ما يهدد بوقوع كارثة بيئية وإنسانية. وأعلنت الأمم المتحدة في 13 يونيو / حزيران 2022 أن عدم توفر التمويل الكافي كان السبب في تأخر البدء بتنفيذ عمليات إنقاذ تحول دون وقوع هذه الكارثة، وأطلقت حملة تبرعات جماعية لجمع 20 مليون دولار أمريكي لسد فجوة التمويل.
وبصفتكم حكومات مانحة رئيسية، نحثكم، نحن المنظمات الموقعة أدناه، على تقديم الدعم الفوري لعملية الإنقاذ التي من شأنها أن تمنع تسرب مئات الآلاف من براميل النفظ المحملة على متن الناقلة العملاقة في البحر الأحمر. وندعوكم إلى الوفاء بتعهداتكم التمويلية السابقة وزيادة تلك التعهدات على النحو اللازم للبدء الفوري بتنفيذ عملية الإنقاذ.
لا تزال الناقلة صافر عالقة قبالة الساحل اليمني دون صيانة منذ عام 2015 وعلى متنها ما يقدر بنحو 1.14 مليون برميل من النفط الخام الخفيف – وهو ما يعادل أربعة أضعاف كمية النفط المتسرب في كارثة صهريج النفط إكسون فالديز وكافيل لجعل الناقلة صافر تتسبب بخامس أكبر تسرب نفطي في التاريخ. وقدرت الأمم المتحدة أن تكاليف عملية تنظيف ومعالجة التلوث الذي سيحدثه تسرب النفط من الناقلة صافر ستبلغ 20 مليار دولار على الأقل، باستثناء ما سينتج عنه من عواقب اقتصادية واسعة النطاق.
وتثني المنظمات الموقعة أدناه على التزامات التمويل السابقة التي تم التعهد بها لبعثة الإنقاذ مع التسليم أيضا بأن الفجوة التمويلية لا تزال حادة ولا تزال تشكل عائقا حاسما أمام تنفيذ العملية. إننا نشعر بقلق شديد إزاء عدم الإستعجال في عملية جمع التبرعات من المجتمع الدولي وبطء وتيرتها، الأمر الذي جعل اليمن يقترب بشكل خطير من الوقوع في كارثة إنسانية وبيئية جديدة.
وقد حذرت الأمم المتحدة من أن عملية الإنقاذ الطارئة ستصبح أكثر خطورة بحلول شهر أكتوبر القادم، نظراً لإرتفاع مستويات سرعة الرياح وزيادة التيارات المتقلبة في البحر الأحمر.
وقد وقعت سلطات الأمر الواقع الحوثية، التي تسيطر على مدينة الحديدة، مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في الخامس من شهر مارس / آذار وافقت من خلالها على تسهيل تنفيذ خطة تتكون من مرحلتين بتنسيق من الأمم المتحدة لمنع وقوع الكارثة. تتمثل المرحلة الأولى في نقل النفط من الناقلة صافر إلى سفينة آمنة. وستكلف هذه العملية التي ستستغرق أربعة أشهر مبلغ 80 مليون دولار – ولا تزال هناك حاجة إلى توفير ربع هذا المبلغ. وتشمل المرحلة الثانية تثبيت سفينة بديلة في غضون 18 شهرا. ويبلغ إجمالي التمويل المطلوب لتغطية نفقات كلتا المرحلتين مبلغ 144 مليون دولار.
لم تتمكن شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج (SEPCO) اليمنية التي تديرها الدولة، والتي تمتلك الناقلة “صافر”، من عمل الصيانة اللازمة للناقلة منذ عام 2015، مما تسبب في تدهور السلامة الهيكلية لها. ودخلت مياة البحر إلى غرفة محركات الناقلة العملاقة في شهر مايو/ أيار 2020، مما زاد من المخاوف بشأن احتمال تسرب النفط الذي على متنها أو إنفجارها. وقبل توقيع سلطات الأمر الواقع الحوثية على مذكرة التفاهم مع الأمم المتحدة في شهر مارس للسماح بتنفيذ خطة الإنقاذ، كان وصول الأمم المتحدة إلى الناقلة غير مسموح به من قبل هذه السلطات.
كما إننا نحث على اتخاذ إجراءات فورية، لأن كل لحظة تظل فيها السفينة مهملة تؤدي بشكل خطير إلى الإقتراب أكثر من وقوع كارثة بيئية وإنسانية من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة أصلاً في اليمن.
ويساورنا قلق شديد إزاء الآثار البيئية الكارثية الطويلة الأمد التي قد تنجم إذا لم يتم البدء بتنفيذ عملية الإنقاذ على الفور. فقد حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة في يوليو/ تموز 2020 من أن تسرب النفط من السفينة يمكن أن يكون له “تأثير بيئي خطير وطويل الأمد” على أحد أهم مستودعات التنوع البيولوجي على ظهر هذه الكوكب، مما قد يؤدي إلى تدمير الأراضي الرطبة الساحلية، وأشجار المانغروف الأعشاب البحرية والشعب المرجانية.
وسيكون للتدمير البيئي عواقب اقتصادية مدمرة طويلة الأجل على ما يقرب من 28 مليون شخص في اليمن والمملكة العربية السعودية وإريتريا والسودان ومصر وجيبوتي الذين يعتمدون على هذه المناطق في كسب عيشهم. وبالنظر إلى أن الناقلة صافر تقع أيضا بالقرب من ممرات الشحن العالمية الهامة، فسيكون هناك العديد من العواقب الاقتصادية الضارة المحتملة الأخرى التي قد تنجم عن التسرب.
يقود استخدام الوقود الأحفوري أزمة المناخ، التي يؤدي تأثيرها إلى سلسلة من الأضرار البيئية والمتعلقة بحقوق الإنسان. وتعتبر هذه المخاطر أكبر في مناطق النزاع، مثل اليمن، بسبب تراجع الحوكمة البيئية والرقابة الحكومية نتيجة تقلص الميزانيات أو قيود الوصول أو غيرها من مسائل الأمن والسلامة، إلى جانب احتمال وقوع هجمات متعمدة أو عرضية على مواقع الوقود الأحفوري.
كما يمكن أن يؤدي تسرب النفط إلى إغلاق ميناء الحديدة، مما يؤثر على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على واردات المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، حيث يتم توفير ما تتراوح نسبته بين 80 و 90 بالمائة من الإحتياجات الأساسية للسكان اليمنيين عن طريق الواردات التجارية والمساعدات الإنسانية التي يدخل 70 بالمائة منها عبر ميناء الحديدة.
ونكرر الإعراب عن قلقنا من أن يؤدي تسرب النفط بهذا الحجم إلى تفاقم خطير للأزمة الإنسانية المستفحلة بالفعل في اليمن، حيث قُتل وجُرح آلاف المدنيين في اليمن منذ عام 2015 جراء النزاع المسلح بين التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات من جهة وجماعة الحوثي المسلحة من جهة اخرى، والذي ساهم في حدوث ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
تؤكد المنظمات الموقعة أدناه أن التبرع بمبلغ 20 مليون دولار اليوم لإنهاء خطر انفجار ناقلة النفط صافر من شأنه أن يمنع وقوع كارثة ستتطلب مليارات الدولارات لتغطية تكاليف عملية التنظيف البيئي وحدها.
وتشدد المنظمات الموقعة أدناه على أنه يجب على جميع أطراف النزاع احترام حقوق الإنسان والامتثال لالتزاماتها المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي.
المنظمات الموقعة: