لمصلحة الجهود الحقيقية والفعالة الرامية إلى تحقيق المساءلة، لا بد أن تتبنى الدول الأعضاء في الدورة التاسعة والثلاثين، للمجلس قراراً يكفل استمرار فريق الخبراء البارزين في عمله الحيوي والمتمثل في التحقيق في كل الخروقات والانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وفي استجلاء الحقائق والظروف وتحديد هوية المسؤولين
صاحب المعالي،
نحث نحن، المنظمات غير الحكومية الموقعة أدناه، حكومتكم على دعم تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين المعني باليمن وتعزيزها، من خلال تحسين آلية الإبلاغ التي يعتمدها، وتشديد اللهجة بشأن المساءلة؛ واعتبار ذلك أولوية في الدورة القادمة، التاسعة والثلاثين، لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التي ستنعقد بين 10 و27 سبتمبر/أيلول القادم.
ما زالت الظروف المتدهورة والمروعة نتيجة هذه “الكارثة التي صنعها الإنسان وحده”، منذ الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التي تقرر فيها إنشاء الولاية، تهدّد رفاه ملايين المدنيين في اليمن وأرواحهم. فحوّلت اليمن إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم. وتزداد هذه الظروف سوءاً بسبب استمرار الخروقات والانتهاكات الفادحة والمنتشرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
فقد دأبت أطراف النزاع، طيلة العام الماضي، على تقييد المساعدات الإنسانية بوتيرة منتظمة، فضلاً عن تنفيذ هجمات متكررة على المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما فيها المدارس والمستشفيات، والتحرش بالمدافعين عن حقوق الإنسان وتخويفهم، إلى جانب عمليات القبض والحجز والإعدام العشوائية. (لمزيد من المعلومات، يرجى الإطلاع على الملحق المرفق).
وعلى الرغم من هذه الانتهاكات واسعة النطاق، فشلت جميع أطراف النزاع في إجراء تحقيقات نزيهة بشأن تلك الانتهاكات. بل وأصدرت المملكة العربية السعودية مؤخراً أمراً ملكياً “بالعفو عن جميع العسكريين المشاركين في عملية ’إعادة الأمل‘ [التي بدأت في أبريل/نيسان 2015] من جميع العقوبات العسكرية والمسلكية الصادرة بحقهم.” ولم يوضح القرار الشامل والغامض فرض أي حدود على العفو، إن كانت موجودة أصلاً.
وفي ظل تزايد أعداد ضحايا الانتهاكات في اليمن وتدهور الأزمات الإنسانية، لا بد أن يواصل المجتمع الدولي جهوده ويعززها من أجل ردع انتهاكات جميع أطراف النزاع المستمرة للقانون الدولي وضمان مساءلة مقترفيها. فضلاً عن ذلك، فنحن نشعر بالقلق من محدودية الوقت المتاح حالياً لفريق الخبراء البارزين لأداء ولايته وضمان إجراء تحقيق شامل ومستقل بشأن كل الانتهاكات المزعومة.
ولمصلحة الجهود الحقيقية والفعالة الرامية إلى تحقيق المساءلة، لا بد أن تتبنى الدول الأعضاء في الدورة القادمة، التاسعة والثلاثين، للمجلس قراراً يكفل استمرار فريق الخبراء البارزين في عمله الحيوي والمتمثل في التحقيق في كل الخروقات والانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وفي استجلاء الحقائق والظروف وتحديد هوية المسؤولين.
كذلك، وحتى يواصل فريق الخبراء البارزين أداء مهامه الحالية على نحوٍ فعال، ينبغي أن يطالب القرار فريق الخبراء البارزين بأن:
ومن شأن فشل المجلس في تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين أن يمثل إشارة خطيرة بالنسبة إلى جميع أطراف النزاع، ومفادها أن انتهاكات القانون الدولي قد ترتكب في اليمن بمنأى عن العقاب.
مع خالص تحياتنا،
ملحق: إحاطة بشأن الوضع الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن
يستمر الوضع في اليمن، الذي تدعوه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، في التدهور. فمنذ سبتمبر/أيلول 2017، أضيف 3.4 مليون إنسان إلى عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية، ليصل العدد الإجمالي إلى 22.2 مليون مدني (75% من عدد السكان). كما أصبح 8.4 مليون يمني حالياً على شفا المجاعة، بزيادة أكثر من مليون إنسان. وقد حذرت الأمم المتحدة من أن 10 ملايين يمني آخرين سيكونون على شفا المجاعة بحلول نهاية العام، ما لم تتحسن الأوضاع. هذا بالإضافة إلى نحو مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بمن فيهم 400,000 على شفا المجاعة.
وفي اليمن، يحتاج كل طفل تقريبًا إلى مساعدات. ومنذ مارس/آذار 2015، قُتِلَ أكثر من 5,000 طفل أو أصيبوا جراء العنف. وشهدت اليمن أيضاً، خلال النزاع، أسوأ انتشار وبائي للكوليرا في التاريخ الحديث، مع ارتفاع عدد الحالات المشتبه بها إلى 1.1 مليون حالة، نصفها تقريبًا من الأطفال، بالإضافة إلى تسجيل أكثر من 2,200 حالة وفاة. كذلك، يتزايد انتشار وباء الدفتيريا، و80% من المصابين به من الأطفال.
منذ الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قُتِلَ وأُصيبَ 2,656 مدنيًا. وقد وثق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان قتل أكثر من 6,300 مدني (ومنهم 1,491 على الأقل من الأطفال)، وإصابة أكثر من 10,000 مدني بين مارس/آذار 2015 ومايو/أيار 2018. ويُرَجّح أن يكون الرقم الفعلي للضحايا المدنيين أعلى من ذلك بكثير.
وقد دأبت أطراف النزاع، وبوتيرة منتظمة، على تقييد توصيل المساعدات وعرقلتها، وهاجمت البنية التحتية المدنية أو خربتها أو دمرتها، بما في ذلك المدارس والمستشفيات. فقد عرقلت القوات الحوثية، التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعلى مساحات واسعة من شمال غربي البلاد، توزيع المساعدات الإنسانية، ومنعت نفاذ الخدمات الإنسانية، وعسكرت توزيع المساعدات.
أما التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فقد أغلق مطار صنعاء الدولي في وجه الرحلات التجارية منذ أغسطس/آب 2016، فعرقل بذلك وصول السلع المنقذة للحياة، وقيَّد حركة آلاف المدنيين الذين يحتاجون إلى علاج خارج البلاد لعدم توفره في اليمن. كذلك، فرض التحالف حصارًا بحريًا على اليمن منذ مارس/آذار 2015، فقيّد بذلك تدفق الغذاء والوقود والأدوية إلى المدنيين اليمنيين. فطرأ قصور حاد في وفاء الواردات التجارية للغذاء والوقود بالاحتياجات.
وشنّ التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عددًا غير مسبوق من الضربات الجوية العشوائية والمتفاوتة على المدنيين والأهداف المدنية، فضرب منازل، ومدارس، ومستشفيات، وأسواق، ومساجد. وكثير من هذه الهجمات قد ترقى إلى جرائم حرب. وقد أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أنه بين مارس/آذار 2015 ومايو/أيار 2018، نجمت “الغالبية العظمى [من الضحايا المدنيين]… عن ضربات جوية شنها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية”. كذلك، كانت القوات الإماراتية والقوات العميلة لها مسؤولة عن حالات تعذيب وسوء معاملة أخرى، وعدم مراعاة الأصول القانونية، وحالات الاختفاء القسري في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
أما القوات الحوثية، فقد قصفت عشوائيًا مناطق مأهولة بالمدنيين، ولا سيما في تعز، ثالث أكبر المدن اليمنية؛ كما زرعت الألغام المضادة للعربات بشكل عشوائي، واستخدمت ألغامًا مضادة للأفراد محرمة دوليًا، وجنّدت الأطفال للقتال. كذلك، نفّذت القوات الحوثية عمليات احتجاز تعسفي، وكانت مسؤولة عن حالات اختفاء قسري وتعذيب وإعدام بدون محاكمة لأفراد في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك فضلاً عن قيامها باحتجاز مجموعة من الصحافيين تعسفيًا لأكثر من عامين.
وقد هددت جميع أطراف النزاع المدافعين عن حقوق الانسان، وتحرشت بهم وعمدت إلى تخويفهم.
وفشلت جميع أطراف النزاع في إجراء تحقيقات نزيهة بشأن الانتهاكات. وقد أعلن الفريق المشترك لتقييم الحوادث باليمن الذي شكله التحالف، في 31 يوليو/تموز 2018، نتائج ما يقارب 75 تحقيقاً بشأن مئات الانتهاكات المزعومة التي وثّقتها المنظمات الإنسانية والمعنية بحقوق الإنسان. وقد أعرب فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة عن قلقه إزاء شفافية تلك التحقيقات ومصداقيتها.