الموضوع: اتخاذ الإجراءات العاجلة اللازمة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني في اليمن
تخاطبكم منظمات حقوق الإنسان والحريات المدنية الموقعة أدناه لتعبر لكم عن مخاوفها الجدية بشأن الجهود الأخيرة من قبل الحكومة اليمنية لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان وقادة المجتمع المدني المعروفين في اليمن. هذه الجهود تقوض العمل الذي تشتد الحاجة إليه في مجال حقوق الإنسان في اليمن وتهدد الصلات بين المجتمع المدني اليمني والمجتمع الدولي وتعرض سلامة وحياة المدافعين اليمنيين للخطر كما تقوض التزامات الحكومة – المعبر عنها في إعلان الأمم المتحدة حول حماية المدافعين عن حقوق الإنسان – بشأن احترام عمل المدافعين عن حقوق الإنسان. أيضاً، تخاطبكم المنظمات لتعبر لكم عن قلقها الشديد إزاء استمرار الاعتقالات التعسفية والاحتجاز ومضايقة المدافعين والناشطين من قبل قوات الحوثيين وصالح في شمال اليمن.
من الضروري أن تفي جميع أطراف النزاع في اليمن بالتزاماتها المتعلقة باحترام استقلالية المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء المجتمع المدني وحقوقهم. يحمي القانون الدولي الحق في حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير، واليمن دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
نخاطبكم لنطلب منكم مناقشة المخاوف المبينة في هذه الرسالة مع الحكومة اليمنية وقوات الحوثيين وصالح. كما أننا نطلب منكم اتخاذ إجراءات لدعم المدافعين اليمنيين – وعملهم للنهوض بحقوق الإنسان لجميع اليمنيين – من خلال حث الحكومة اليمنية على الوفاء بالتزاماتها الدولية وحماية المواطنين اليمنيين والمجتمع المدني.
إن عمل المجتمع المدني في اليمن أمر حيوي خاصة في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من اليمنيين من عواقب النزاع ويفتقرون إلى إمكانية الحصول على المساعدات الإنسانية العاجلة والضرورية. وفقاً للأمم المتحدة، فإن البلاد على حافة المجاعة؛ وللدول مصلحة في ضمان حماية الحريات والحقوق للمجتمع المدني اليمني. يتعرض المجتمع المدني اليمني للهجمات في سياق نزاع مسلح قتل فيه ما لا يقل عن 4.726 مدنياً وجُرح 8.217 مدنياً، بحسب ما ذكرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وقد ارتكبت جميع الأطراف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني. لذلك، فإن عمل منظمات حقوق الإنسان والحاجة إلى التوثيق على الأرض أمران أكثر إلحاحاً، وسيمثلان عاملين أساسيين في إخضاع جميع أطراف النزاع للمساءلة وضمان تقديم الجناة إلى العدالة في المستقبل. المجتمع المدني الفاعل أمر أساسي إذا كان من المأمول أن تحل المساءلة محل الإفلات من العقاب، وإذا كان الهدف منع هذه الجرائم من أن تصبح أكثر انتشاراً وترسخاً. ينتج المجتمع المدني اليمني معرفة قيمة ومستقلة عن الوضع الحالي في اليمن، ويعمل يومياً على تحسين ظروف المدنيين اليمنيين.
أن تكون مدافعا عن حقوق الإنسان في اليمن، فإن ذلك أمر ينطوي على تحمل مخاطر شخصية كبيرة لسنوات عديدة. في الآونة الأخيرة، أرسلت الحكومة اليمنية، عبر سفارتها في العاصمة واشنطن، رسالة إلى المشرعين الأمريكيين شنت فيها هجوماً عنيفاً على مدافعين يمنيين بارزين عن حقوق الإنسان؛ وكما ورد في مجلة السياسة الخارجية (ForeignPolicy) تحت عنوان “اليمن تنتقد تقديم إحاطة من قبل ناشطين في مجال حقوق الإنسان في العاصمة واشنطن” (30 مارس 2017م)، اتهمت اليمن المدافعين عن حقوق الإنسان بتبني “أجندة سياسية” مرتبطة بالمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران “و”بدعم الحوثيين في الخفاء”.
هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة. من بين المدافعين الذين تعرضوا للانتقاد في الرسالة رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني يمنية بارزة ومعترف بها عالمياً لتحقيقاتها المستقلة والشاملة في مجال حقوق الإنسان. قدمت منظمة مواطنة تقارير قيمة جداً، دون تحيز أو أجندة سياسية، حول جميع أطراف النزاع، بشأن القتل خارج إطار القانون والاعتقال التعسفي وحقوق المرأة والاختفاء القسري؛ والعديد من قضايا حقوق الإنسان الأخرى في اليمن. بدون عمل منظمة مواطنة، فإن المعلومات المتعلقة بآثار وديناميات الكثير من هذه القضايا لن تكون معروفة للمجتمع الدولي، الأمر الذي يجعل من الصعب جداً على المجتمع الدولي أن يفهم ويستجيب لأحد أكثر النزاعات المسلحة الراهنة شحة في العالم الأكثر من حيث التقارير بشأنه.
المتوكل معروفة على المستوى الدولي بعملها وخبرتها في مجال حقوق الإنسان باليمن؛ وقد عملت في السابق مع منظمة المجتمع المفتوح (Open Society Foundations) لتوثيق الضحايا المدنيين في اليمن، كما ساعدت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية؛ وقد دعيت إلى عرض عملها في العديد من الفعاليات والمنتديات الدولية، بما في ذلك في جلسة استماع للبرلمان الأوروبي. في هذا الشهر، مُنِحت المتوكل “جائزة المُدافع العالمي” من معهد حقوق الإنسان في كلية الحقوق في كولومبيا، ودعيت لتكون “ممارس مقيم” في كلية الحقوق في كولومبيا.
كرست المتوكل حياتها لتحسين حقوق الإنسان لجميع اليمنيين؛ وقد وثقت هي ومنظمتها انتهاكات وتجاوزات جميع أطراف النزاع الراهن في اليمن، بما في ذلك تغطية واسعة النطاق لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الحوثيين. فعلى سبيل المثال، أصدرت في شهر نوفمبر 2016م تقريراً يتهم الحوثيين بانتهاك القانون الدولي الإنساني، خلص إلى أن الحوثيين كانوا “مسؤولين عن معظم الهجمات العشوائية والدموية التي شُنت على المناطق السكنية” في مدينة تعز، وفي شهر يونيو 2016م، دعت علناً الحوثيين إلى إطلاق سراح الصحفيين من سجون الحوثيين، وفي شهر مايو 2016م، أصدرت تقريراً رئيسياً تحت عنوان (ليسوا هنا) يبين أن الحوثيين هم المسؤولين عن حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية الواسعة النطاق. هذا الشهر، أصدرت منظمة مواطنة تقريراً يوثق إصابات المدنيين الناجمة عن الألغام المضادة للأفراد والألغام المضادة للمركبات التي زرعها الحوثيون خلال النزاع الحالي. أيضاً، قامت هي ومنظمتها بعمل رائع لتوثيق الإصابات في صفوف المدنيين التي تسببت فيها جهات أخرى، بما في ذلك التحالف الذي تقوده السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية.
بسبب هذا العمل، تعرضت المتوكل وزملاؤها في منظمة مواطنة للضرب والمضايقات والاعتقال عدة مرات من قبل الحوثيين – وهي الجماعة التي تدعي الحكومة اليمنية الآن أن منظمة مواطنة “تدعمها في الخفاء”. هذا النمط الذي اتبعته جماعة الحوثي والقوات المتحالفة معها أدى إلى تقليص حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير والحرية الفردية لمنظمات حقوق الإنسان على مدى السنتين الماضيتين، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش. منذ أواخر عام 2014م، قامت جماعة الحوثي والقوات المتحالفة معها بشكل تعسفي باعتقال واحتجاز المنتقدين والمعارضين وكذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء الطائفة البهائية، مما عرّض عشرات الأشخاص للاختفاء القسري. منذ عام 2015م، قلصت قوات الحوثي أيضاً حرية تكوين الجمعيات، وداهمت مكاتب المنظمات غير الحكومية في صنعاء وقامت بإغلاقها وهددت مدرائها وموظفيها.
على الرغم من أن اتهامات الحكومة اليمنية ليس لها أي أساس، وتتناقض مع واقع الأمر، وتربط علناً بين المدافعين المستقلين عن حقوق الإنسان والجماعات المسلحة وجانب واحد من النزاع، إلا انها تقوض عمل منظمات حقوق الإنسان اليمنية وتعرض حرية وحياة المدافعين عن حقوق الإنسان للخطر. منذ توجيه الحكومة اليمنية لاتهامات الكاذبة، أطلقت وسائل الإعلام والجماعات في اليمن هجوماً علنياً كبيراً ضد المتوكل، مما أدى إلى تعريضها وزملائها لمخاطر شخصية وجسدية وجعل من الصعب جداً عليهم القيام بعملهم بأمان.
هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية غير مقبولة وتتناقض بشكل صارخ مع التزامات الحكومة المبينة في إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار رقم (A/RES/53/144) الذي يحمي حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون على تعزيز حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي. تقع على عاتق الحكومة اليمنية مسؤولية وواجب حماية حقوق الناشطين والمدافعين والعاملين في المنظمات غير الحكومية وخلق مساحة يمكنهم فيها القيام بعملهم المشروع دون تدخل. يجب على الحكومة، وكذلك قوات الحوثيين وصالح، التوقف عن أية أعمال، بما في ذلك الترهيب والمضايقة، تؤدي إلى منع المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين اليمنيين والمنظمات اليمنية غير الحكومية من ممارسة حقوقهم في التعبير وتكوين الجمعيات.
إننا نقف مع زملائنا اليمنيين المدافعين عن حقوق الإنسان؛ ونطلب من حكوماتكم بكل احترام دعم جهودهم للنهوض بحقوق الإنسان في اليمن، ونطلب منكم حث الحكومة اليمنية على احترام القانون الدولي وحث جميع أطراف النزاع على احترام حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
المخلصين،
منظمة العفو الدولية
منظمة المادة 19
منظمة المادة 36
مركز الحقوق الدستورية
مركز حقوق الإنسان والعدالة العالمية (كلية الحقوق بجامعة نيويورك)
المركز الاستشاري لحقوق الإنسان في كلية الحقوق في كولومبيا *
المركز الاستشاري للعدالة العالمية (كلية الحقوق بجامعة نيويورك) *
حقوق الإنسان أولاً
هيومن رايتس ووتش
لجنة الحقوقيين الدولية
منظمة الحياة للإغاثة والتنمية
منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
منظمة المجتمع المفتوح
منظمة باكس الهولندية للسلام
رايتس ووتش (المملكة المتحدة)
مركز روبرت ف. كينيدي من أجل العدالة وحقوق الإنسان
* الاتصالات من المراكز الاستشارية لا تهدف إلى تقديم وجهات نظر الكليات، إن وجدت.