وسط صمت المجتمع الدولي وعدم تحركه لوضع حد لاستمرارها
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل استخدام التجويع كسلاح حرب ضد الفلسطينيين، من خلال مواصلة شن الهجمات على الأعيان والمرافق المدنية ومنع وصول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية التي لا غنى عنها لبقاء الفلسطينيين على قيد الحياة، وفرض المزيد من القيود على عمليات دخولها وتوزيعها على مدى ما يزيد عن ثمانية أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بصورةٍ أثرَّتْ بشكلٍ وخيم على وصول مئات الآلاف من المدنيات والمدنيين الفلسطينيين إلى مصادر الغذاء والمياه، وحرمت السكان المدنيين وخاصة الأطفال من المواد الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يعتبر الاستخدام المتعمَّد للتجويع والإعاقة المتعمدة للإمدادات الإغاثية جريمة حرب، وسط صمت المُجتمع الدولي وعدم قيامه بواجباته لوضع حد للجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني دون هوادة.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "إن حياة مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين على المحك بسبب استمرار استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للتجويع كسلاح حرب ضد الفلسطينيين، في ظل صمت المجتمع الدولي وعدم تحركه الفاعل لإيقاف هذه المأساة الإنسانية، رغم أن الأوضاع الإنسانية قد بلغت أسوأ حالاتها على نطاق واسع في قطاع غزة". ودعت المتوكل المجتمع الدولي "إلى تحركٍ جاد لإنقاذ المدنيين، ليس فقط من خلال توفير الغذاء اللازم، وإنما أيضًا من خلال وضع التدابير الفعالة لمعالجة الآثار المترتبة على انتشار الجوع بشكل حاد بين المدنيين، ووضع حد للانتهاكات التي تخرق بشكل سافر قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك استخدام التجويع كوسيلة حرب".
وأفاد مكتب الصحة في قطاع غزة، أن 32 شخصاً توفوا بينهم 28 طفلاً بسبب سوء التغذية والجفاف في مستشفيات شمال غزة، حتى 1 أبريل/ نيسان 2024. وقالت وكالات الأمم المتحدة في منتصف فبراير/ شباط إن 5% من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد، كما أشارت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في 27 يونيو/ حزيران إلى أن ما لا يقل عن 557,000 امرأة في غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وأن أكثر ما يثير القلق هو وضع الأمهات والنساء البالغات اللواتي يتحملن مسؤوليات متزايدة في تقديم الرعاية والمسؤوليات المنزلية في الخيام ومراكز الإيواء المؤقتة.
ووفقًا للتحديث الثالث بشأن انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة الذي نشره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، في 25 يونيو/حزيران الماضي، فإن نحو 96% من سكان قطاع غزة يُحتمل أن يواجهوا مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمن فيهم 33 % يُتوقع أن يواجهوا مستويات حالات الطوارئ من انعدام الأمن الغذائي، و22 % يتوقع أن يواجهوا مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. كما أشارت بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا) إلى أن أكثر من نصف السكان لا يتيسر لهم الوصول إلى أي طعام يتناولونه في منازلهم على أساس منتظم، وأن ما يزيد عن 20% منهم يقضون أيامًا دون أن يتناولوا أي طعام.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان له: "إن العمليات الإنسانية في غزة تقترب من الانهيار، مما يجعل خطر المجاعة حقيقياً للغاية. وفي الصعيد ذاته، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن المدنيين الذين نزحوا نتيجة ارتفاع وتيرة الأعمال العدائية وأوامر الإخلاء في غزة يفتقرون إلى المأوى والغذاء وغيرها من الإمدادات الضرورية للبقاء. فيما أكد خبراء أمميون مستقلون أن حملة التجويع المتعمدة التي تنتهجها إسرائيل ضد المدنيين في فلسطين هي شكل من أشكال الإبادة الجماعية، مع دعوتهم إلى ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وإنهاء الحصار، وضرورة وقف إطلاق النار.
ويلزم القانون الدولي الإنساني، كلًا من الدول والأطراف غير الحكومية باحترام وحماية ومنع انتهاكات القواعد التي تحمي وصول المدنيين إلى المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء، أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وبموجب القانون الدولي الإنساني، تتضمن هذه القواعد حظرًا واضحًا لاستخدام التجويع المتعمد للمدنيين.
تدعو مواطنة لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لإنهاء جميع العوائق أمام الأعمال الإنسانية، وتسهيل وصول العاملين في المجال الإنساني دون أي معوقات أو قيود، والضغط من أجل تسهيل حركة المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية المنقذِة للحياة.