على كل الأطراف الكشف عن مصير المختفِينَ قسريًّا على ذمة النزاع الجاري وكل دورات النزاع السابقة
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيان صحفي، أصدرته اليوم الأربعاء، في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، أنها وثّقت (1547) واقعة اختفاء قسري، خلال الفترة ما بين أغسطس/ آب 2014 وحتى يوليو/ حزيران 2023، تورطت في ارتكابها كافة أطراف النزاع المسلح في اليمن، بما فيها قوات الحكومة المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، والتشكيلات والأجهزة الموالية لحزب الإصلاح في تعز ومأرب، وتشكيلات النُّخب المسلحة والأحزمة الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، والتحالف بقيادة السعودية والإمارات. مُطالِبةً، كافةَ الأطراف، بالكشف عن مصير جميع المختفين قسريًّا، والإفراج عنهم، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الاختفاء القسري، وجبر ضرر الضحايا، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان عدم تكرار جرائم الاختفاء القسري في جميع الظروف.
وبالإضافة إلى المئات من ضحايا النزاع الجاري، لا يزال هناك مئات الضحايا من المختفين قسريًّا، وعائلاتهم، من ضحايا دورات الصراع السياسي، على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين، والعقد الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين، لم تتوقف مطالبات ذوي المختفين قسريًّا، طيلة العقود الماضية. وحتى اليوم، لا يزال الكثير منهم، يأملون بالالتقاء بأحبائهم، رغم الفترة الزمنية الطويلة المنقضية على اختفاء أحبتهم القسري، فإنهم مع ذلك، يواصلون رحلة كفاحهم الطويل للبحث، دون كلل، عن أي معلومات تساعد في الكشف عن مصير ذويهم من المختفين قسريًّا، أو أي طريقة، قد تقودهم لمعرفة مصيرهم، سعيًا للخلاص من معاناة مروعة يعايشونها، كضحايا لتلك الجريمة، في حين توارثَ مسؤوليةَ استمرار جرائم الاختفاء القسري، أجيالٌ متعاقبة من المتورطين في ارتكابها، والمتسترين والمتواطئين عليها، من مختلف الأطراف، ولم يتوقف المتصارعون المسؤولون عن جرائم الاختفاء القسري، عند استخدامها كأداة من أدوات الصراع السياسي وحسب، بل عمدوا إلى تفويت كل فرصة سنحت، في محطات مختلفة، لمعالجة ملف الاختفاء القسري الثقيل، وفق آليات عادلة.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "يثقل كاهل اليمن ميراثٌ متراكم بمعاناة الآلاف من ضحايا الاختفاء القسري، بمن في ذلك عائلات المختفِين قسريًّا وأحبائهم"، وأضافت المتوكل: "لقد عمدت كافة الأطراف المتورطة في المئات من وقائع الاختفاء القسري، حديثها وقديمها، إلى إدارة الظهر لضحايا الاختفاء القسري، وعائلاتهم وأحبائهم، مراهنةً على التقادم، ليقذف بالضحايا، والشهود، والحقائق، والمطالب، وقوائم المتهمين والمتورطين، إلى طي النسيان. ومع فشل ذلك الرهان الأكيد، واستمرار أصوات الضحايا من عائلات المختفين قسريًّا، فقد حان الوقت للمبادرة إلى معالجة هذا الملف بصورة عادلة، من قبل جميع المسؤولين السابقين والحاليّين".
وشدّدت مواطنة، على خطورة جرائم الاختفاء القسري، كونها جريمة ضد الإنسانية، وإحدى الجرائم الأشد خطورة، طبقًا لنظام روما الأساسي، المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، حيث لا يقتصر تعريف ضحاياها على المختفين قسريًّا وحسب، بل يشمل كذلك، ذوي وأصدقاء المختفين قسريًّا، طبقًا للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بالإضافة إلى خرقها للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وجدّدت مواطنة، مطالبتها للمجتمع الدولي بتشكيل آلية دولية مستقلة، ذات بعد جنائي، للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، المرتكبة من قبل أطراف النزاع، بما في ذلك وقائع الاختفاء القسري، وحثّت المنخرطين في جهود السلام، من الفاعلين الدوليّين، ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، على وجه الخصوص، على وضع الكشف عن مصير المختفين قسريًّا، والإفراج عنهم، كأولوية ملحّة، لكل المساعي، من أجل سلام شامل ومستدام.