منظمات حقوقية تدين تواطؤ المجتمع الدولي مع التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، في الحرب التي بدأها في مثل هذا اليوم قبل 4 سنوات على اليمن، والذي حسب وكالات الأمم المتحدة يشهد اليوم أكبر كارثة إنسانية في العالم.
تدين المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه بأشد العبارات تواطؤ المجتمع الدولي مع التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، في الحرب التي بدأها في مثل هذا اليوم قبل 4 سنوات على اليمن، والذي حسب وكالات الأمم المتحدة يشهد اليوم أكبر كارثة إنسانية في العالم. وترصد المنظمات الموقعة ببالغ الألم والأسى تحول اليمن إلى ساحة لصراعات إقليمية ونزاع مسلح عبثي يبدو بلا نهاية وشيكة، فيما يستمر اليمنيون في دفع أثمان باهظة على مرأى ومسمع من العالم دون اكتراث؛ مع استمرار جلاديهم في عقد صفقات السلاح الضخمة لشراء صمت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني.
لقد شن التحالف الحرب على اليمن تحت مزاعم دعم الرئيس الشرعي، ولا تعتقد المنظمات الموقعة أن المواطنين في اليمن، الذين يواجهون ويلات الحرب والحصار والتجويع وغياب الأمن والأوبئة وانهيار قطاع الصحة، مقتنعون بشرعية مزاعم التحالف الذي يواصل بلا هوادة قصف المدن والمدنيين والأعراس وسرادقات العزاء والمصانع. فبحسب تقرير صادر في 2019 عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية؛ يحتاج 84% من السكان للحماية والمساعدات الإنسانية، ويهدد خطر المجاعة 10 مليون يمني، بينما أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في نوفمبر 2018 عن مقتل نحو 7 آلاف مدنيا وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين منذ بداية الحرب، وأكدت المفوضية أن غالبية الخسائر “نتجت جراء الغارات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية.” وهو ما سبق وأشار إليه فريق الخبراء البارزين الإقليميّين والدوليّين المعني باليمن في التقرير الصادر في أغسطس 2018، والذي أعلن فيه الفريق استنتاجه بأن “أفرادًا من الحكومة اليمنيّة وقوات التحالف بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وأفرادًا في سلطات الأمر الواقع، ارتكبوا أفعالًا قد ترقى إلى جرائم حرب.”
اليمنيون ضحايا مباراة وحشية حامية بين قوات التحالف والحوثيين، وكلاهما لم يتورعا عن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بممارسة التعذيب والإخفاء القسري والقتل خارج إطار القانون بالإضافة إلى خطف الرهائن وابتزاز أموال العائلات المعدمة. ففيما شرع الحوثيون في تجنيد الأطفال منذ بداية الحرب، لجأت السعودية، وفقا لتقارير حديثة، إلى تجنيد الأطفال من دارفور السودان للقتال في اليمن. كما تدير الإمارات سجون سرية تمارس فيها صنوف مختلفة من التعذيب للأسرى. وفي هذا الإطار، تعرب المنظمات الموقعة عن بالغ استنكارها إزاء حرص السعودية والإمارات على تصدير صورة براقة للمجتمع الدولي عن البلدين الغنيتين اللتين تسعيان للتحديث واللحاق بركب المجتمعات المتحضرة ومحاربة الإرهاب؛ في الوقت الذي تقترفا فيه جرائم ضد الإنسانية تفوق في بشاعتها ما ترتكبه بعض جماعات التطرف العنيف، فضلاً عن أن تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية تؤكد أن سجلهما الحقوقي الداخلي لا يختلف عن سجلات أعتى الديكتاتوريات.
إن استهانة التحالف وقيادته بالعدالة الدولية والمحاسبة، وتجاهله لمطالب المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية بالتوقف عن قصف المدنيين وإجراء تحقيقات شفافة في مزاعم انتهاكات قوانين الحرب قد تضاعفت بإعلانه في 2016 تأسيس ما أسماه (الفريق المشترك لتقييم الحوادث)، وهي آلية افتقدت للشفافية والاستقلال. فبدلا من أن تفضي “تحقيقات” الفريق إلى تحديد المسئولين عن جرائم الحرب ومحاسبتهم، أصدر الملك سلمان في يوليو 2018 عفوًا عن العسكريين المشاركين في الحرب. وفيما لم يتخذ التحالف أي إجراء جاد لتعويض الضحايا، تسارع السعودية والإمارات إلى المشاركة في مؤتمرات المانحين لدعم اليمن متعهدة بدفع ملايين الدولارات دون وجود آلية شفافة لضمان وصول المساعدات إلى المتضررين. وفي المقابل استخدمت السعودية نفوذها المالي في ابتزاز الأمم المتحدة في عهد الأمين العام السابق بان كي مون لإزالتها من قائمة العار التي تضم منتهكي حقوق الأطفال، في مقابل ألا تقطع مساعداتها المالية عن المنظمة العالمية.
كما تتابع المنظمات الموقعة ببالغ القلق الدعم الذي يلقاه الحوثيين من إيران، فضلاً عن تمتع التحالف بالدعم اللوجيستي والاستخباري والدبلوماسي من الولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد الرئيس أوباما، وتدرك أن الأمر تفاقم مع إدارة الرئيس ترامب الذي يستميت في الدفاع عن السعودية وولي العهد محمد بن سلمان لأهميتهما للمصالح الأمريكية، حتى بعد قتل السعودية للصحفي جمال خاشقجي في قنصليتها بإسطنبول. هذا بالإضافة إلى إصرار بريطانيا وفرنسا على مواصلة بيع الأسلحة للسعودية. لكن مؤخرًا، وكصدى لمقتل خاشقجي، تحرك مجلس الشيوخ الأمريكي وصوّت قبل أيام على مشروع قرار لإنهاء الدعم الأمريكي للسعودية في حربها على اليمن. كما انتهت لجنة العلاقات الدولية بالبرلمان البريطاني إلى اعتقادها بأن الأسلحة البريطانية المباعة للسعودية “من المحتمل بقوة أن تكون سببًا في خسائر كبيرة بين المدنيين في اليمن؛ الأمر الذي يهدد بانتهاك القانون الدولي الإنساني.” وفي هذا الإطار؛ تثمّن المنظمات الموقعة موقف ألمانيا التي حظرت بيع الأسلحة للسعودية – أيضًا بسبب مقتل خاشقجي – وتدعوها للتمسك بالقرار وعدم الالتفات لدعوات باعة السلاح بالتراجع، وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا.
إن المنظمات الموقعة إذ تثمّن أيضًا مواقف الحكومات التي انتقدت في بداية مارس الجاري، ولأول مرة، سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة؛ فإنها تدعو المجتمع الدولي إلى مراجعة عاجلة لمواقفه المخزية خلال السنوات الأربع الماضية، وإخفاقه في حماية المدنيين ووقف الحرب والدمار في اليمن. وتدعو المنظمات الموقعة الدول التي تبيع السلاح إلى السعودية والإمارات إلى التوقف الفوري، وإجراء تحقيقات شفافة في الضرر الذي سببته هذه الصفقات للسكان المدنيين في اليمن ومحاسبة المسئولين عنها. كما تدعو المنظمات البرلمانات إلى مواصلة الضغط على الحكومات الحليفة للسعودية والإمارات والإصرار على حظر دعمهما بأي وسيلة سواء عسكرية أو دبلوماسية.
على المجتمع الدولي وقف نزيف الدم في اليمن، وإعطاء الأولوية القصوى للوصول إلى تسوية سياسية عاجلة وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسريا وهدم أقبية التعذيب التي يديرها الحوثيون والإماراتيون. وإذ ترى المنظمات الموقعة أنه لا يمكن إحلال السلام في اليمن دون محاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وتعويض الضحايا وضمان عدم إفلات المتورطين من العقاب من كافة أطراف الصراع فإنها تدعو مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة لإنهاء معاناة اليمنيين واستخدام كافة الوسائل الممكنة للتصدي لانتهاكات أطراف الصراع، وعلى رأسها فرض العقوبات على المسئولين من كافة الأطراف الذين انتهكوا قوانين الحرب.
المنظمات الموقعة: