وثائقي يسلط الضوء على معاناة المحتجزين تعسفياً والمختفين قسرياً، وعلى المآسي التي تلحق بأهاليهم جراء ممارسة أطراف النزاع في اليمن هذه الإنتهاكات لتعزيز سلطتها في المناطق الخاضعة لها.
أطلقت مواطنة لحقوق الإنسان فيلماً وثائقياً جديداً بعنوان “في العتمة”، يتناول انتهاكات الإحتجاز التعسفي والإختفاء القسري في اليمن.
وتشير المنظمة في هذا البيان، الذي تصدره بالتزامن مع إطلاق الفيلم، إلى أنه يسلط الضوء على معاناة المحتجزين تعسفياً والمختفين قسرياً، وعلى المآسي التي تلحق بأهاليهم جراء ممارسة أطراف النزاع في اليمن هذه الإنتهاكات لتعزيز سلطتها في المناطق الخاضعة لها.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان، إن “ملفي الإحتجاز التعسفي والإختفاء القسري، وما يلحقهما من ضرر، هما من أثقل ملفات حقوق الإنسان في اليمن.”
يعرض فيلم “في العتمة” خمس قصص لوقائع تعرض خلالها ضحايا مدنيون للاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، من قبل أطراف النزاع في اليمن؛ واقعتان في صنعاء على يد جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وواقعتا احتجاز شقيقين في محافظة مأرب على يد قوات تابعة للرئيس عبدربه منصور هادي، وواقعة واحدة في مدينة عدن.
في صباح الأحد 25 سبتمبر/ أيلول 2015، هاجم مسلحون بزي مدني تابعون لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، مدرسة الفاتح بمنطقة شملان في العاصمة صنعاء، واعتقلوا مديرها خالد النهاري (38 سنة). اقتاد المسلحون خالد النهاري على متن حافلة أجرة إلى مكان غير معلوم، ولم تعرف أسرته مكانه لمدة أربعة أشهر ونصف. بعد هذه المدّة، سُمح لخالد بالإتصال هاتفياً بأسرته، وبعد ذلك بشهر، سُمح للأسرة بزيارته.
وقال شقيق خالد لـ”مواطنة” أنه شاهد حروقاً على ذراعي أخيه، كما لاحظ معاناته من آلام في ظهره. وأضاف: “وُجّهت لخالد 26 تهمة، منها: زرع شرائح، والتفجيرات التي وقعت في قاعدة الديلمي الجوية ومطار صنعاء ووزارة الدفاع خلال الأعوام الماضية. اتهموه حتى بالضلوع في تفجير القاعة الكبرى التي قصفها طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، مع أنه كان محتجزاً لديهم حينها.”
وفي التاسع من يونيو/ حزيران 2015، اختفى بشكل مفاجئ في صنعاء، الناشط والصحفي حارث صالح حميد (27 سنة). ذكرت أسرة حارث أنه كان يكتب مقالات عن الوضع الراهن، ويتحدث عن جميع الأطراف المتصارعة في اليمن. بحثت الأسرة عنه في جميع مراكز الشرطة التي كانت تنكر وجوده لديها. وتؤكد شقيقة حارث بأن السلطات الأمنية في صنعاء سمحت لاحقاً للأسرة بزيارته، لكن والدها كان قد أصيب بجلطة لشدة حزنه.
كما يحكي الفيلم واقعتا احتجاز لشقيقين في محافظة مأرب، الواقعة تحت سيطرة القوات التابعة للرئيس هادي. حيث احتجزت هذه القوات خالد علي جحّاف (30 سنة) في أغسطس/ آب 2016.
قال شقيق خالد أن أخاه كان يمتلك شاحنة لنقل البضائع، وأنه كان قد غادر المنفذ السعودي إلى المنفذ اليمني، حين لحقت به عربة عسكرية وأجبرته على التوقف. تم القبض على خالد واحتُجز في مأرب، وحين ذهب أخوه عبدالغني علي جحّاف (35 سنة) للبحث عنه، احتُجز هو الآخر.
وأضاف الشقيق الثالث الذي تحدث لـ”مواطنة”: ابن خالد (14 سنة) أصيب باضطراب نفسي، بينما أصيبت زوجته بجلطة لشدة تأثرها على زوجها وابنها. والمحصّلة، أسرتان مكلومتان بلا عائل لأكثر من 16 شهراً.”
تم الإفراج عن عبدالغني في الثامن من مارس/ آذار 2018، بينما لا يزال أخوه خالد “في العتمة”.
ويروي الفيلم أيضاً، قصة احتجاز الشاب محمد صالح فضل منصّر في مدينة عدن. تم القبض على محمد من قبل سبعة أشخاص في 15 يوليو/ تموز 2016، واقتادوه إلى جهة غير معلومة.
تسرد والدة محمد، بصوت مبحوح، الصعوبات التي واجهتها أثناء البحث عن ابنها المختفي قسرياً في كل أماكن الإحتجاز دون جدوى. “سلكت جميع الطرق، وسألت عنه في كل مكان. إنه قطعة من قلبي، وأنا أحاول أن أطمئن عليه وأن أعرف أين هو.” تقول الأم المكلومة.
وأضافت رضية المتوكل: “يجب أن تتوقف أطراف النزاع في اليمن عن ممارسة هذه الانتهاكات الجسيمة، وعليها أن تعرف بأنها سوف تحاسب عاجلاً أم آجلاً، عن تاريخها المظلم في عدم احترام حقوق الإنسان”.
ويعرض الوثائقي الحقوقي ” في العتمة ” نماذج من معاناة المئات ممن غيبتهم مختلف أطراف الصراع التي تشاركت سلوكيات متطابقة في عدم احترام حقوق الإنسان وخرقها لقواعد القانون اليمني ، حيث وثقت ” مواطنة لحقوق الإنسان ” خلال ما يقارب أربعة أعوام من عمر الحرب ، المئات من وقائع الإحتجاز التعسفي والإختفاء القسري ، طالت مدنيين في جميع المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة أطراف صراع متعددة .
وتجدد “مواطنة” لحقوق الإنسان دعوتها لجماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات الرئيس هادي والجماعات الموالية لها والجماعات الموالية لتحالف السعودية والإمارات ، إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المختفين قسرياً.