اليمن : أفرجوا فوراً على بهائيٍّ يواجه خطر حكم الإعدام

منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة لحقوق الإنسان: بيان صحفي مشترك للتداول العام

May 23, 2017

الثلاثاء – (23 ماي 2017)

منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة لحقوق الإنسان

بيان صحفي مشترك للتداول العام

قالت منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة لحقوق الإنسان ( مواطنة ) يجب على سلطات الحوثيين وصالح في اليمن الإفراج الفوري, ودون شرط أو قيد عن حامد حيدرة, نظراً لأنه سجين رأي يخضع للاحتجاز والمحاكمة بسبب معتقداته التي ارتضاها ضميره, وأنشطته السلمية كمؤمن بالديانة البهائية, وذلك بعد أن تم نقله إلى الحجز الانفرادي.

فمنذ ديسمبر/ كانون الأول 2013, يُحتجز حامد كمال محمد بن حيدرة, 52 عاماً, بالعاصمة صنعاء, كما أنه يواجه خطر حكم الإعدام. وقد علمت منظمة العفو الدولية, ومنظمة “مواطنة”, أنه قد تم نقله إلى الحجز الانفرادي. ويعاني من طائفة من المشاكل الصحية التي تتطلب الرعاية الطبية.

وفي مارس/ آذار, كتبت منظمة العفو الدولية, ومنظمة ” مواطنة” إلى المسؤولين المعنيين في صنعاء للإعراب عن بواعث قلق خطيرة بشأن الأساس الذي استند إليه الاحتجاز المستمر لحامد حيدرة, إلى جانب العيوب الشديدة التي اتسمت بها الإجراءات القانونية إزاء قضيته, ومن بينها الاحتجاز الاحتياطي المفرط قبل المحاكمة, والتأخيرات غير المبررة في محاكمته, والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة, غياب الحصول على المشورة القانونية خلال عمليات الاستجواب. ولكن, وحتى كتابة هذا البيان, لم يصل أي رد على هذه الرسائل.

أساس التهم

وفق وثائق المحكمة, وجِّهت إلى حامد حيدرة تهم شملت ” السعي لدى دولة أجنبية… لنشر الديانة البهائية في الأراضي اليمنية والتحريض على اعتناق تلك الديانة وإخراج اليمنيين من الدين الإسلامي ” بغرض ” المساس باستقلال الدولي وسلامة أراضيها”, وتزوير وثائق شملت جوازات سفر وبطاقات هوية شخصية لنفسه ولعائلته, عن طريق تقديم معلومات شخصية كاذبة, واستخدام هذه الوثائق للقيام “بشراء أراض وعمل مشاريع تجارية الغرض منها استقدام أعداد كبيرة من البهائيين إلى اليمن لتوطينهم على أراضي الجمهورية اليمنية, تنفيذاً لتوجيهات بيت العدل الأعظم في إسرائيل”.

وتساور منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة بواعث قلق من أن هذه التهم الموجهة ضد حامد حيدرة, وسواها من التهم, قد وجهت إليه بالدرجة الأولى بسبب ما يؤمن به من معتقدات وأنشطته السلمية, بصفته أحد أتباع الديانة البهائية.

فأولاً, لا تُعد التهم الموجهة ضد حامد حيدرة والمتعلقة بانخراطه المزعوم في نشر “الديانة البهائية” لصالح دولة أخرى جرائم جنائية معترفاً به دولياً, ولا تتماشى مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وفضلاً عن ذلك, فبينما تقر منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة بحق الدول في مقاضاة أي أشخاص يشتبه على نحو معقول بمسؤوليتهم عن جرم جنائي معترف به, في محاكمات عادلة_ وعلى سبيل المثال جرائم تتعلق بتزوير الوثائق_ إلا أن المنظمتين تشعران ببواعث قلق من أن هذه التهم, في صيغتها المدرجة في وثائق المحكمة, مدفوعة بالدرجة الأولى بما يحمله حامد حيدرة من معتقدات ارتضاها ضميره, وبأنشطته السلمية كشخص ينتمي إلى الديانة البهائية.

كما تشكِّل مقاضاه الشخص , حتى على تهمة جنائية معترف بها, انتهاكاً لمبدأ عدم التمييز إذا ما اتسمت بالانتقائية على أساس الأصل القومي أو الاجتماعي للفرد, أو معتقداته الدينية, أو إذا كانت إلى حد كبير مدفوعة بذلك. وفضلاً عن ذلك, فإن أي حالة يعتقل فيها أحد الأشخاص حصرياً بسبب ممارسته السلمية لحقة في حرية التعبير وممارسته العملية لمعتقداته التي ارتضاها ضميره, وفق ما نصت عليه المادتان 18 و 9 من ” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”, تشكِّل احتجازاً تعسفياً ينتهك القانون الدولي, وينبغي, في مثل هذه الحالة, الإفراج عن هذا الفرد فوراً.

وطبقاً لما تلقته منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة من معلومات, بما فيها بعض وثائق الادعاء والدفاع, وسجلات جلسات الاستجواب, ومقابلات مع زوجة حامد حيدرة ومحاميه, يبدو أن التهم ضد حامد حيدرة المتعلقة باستخدامه المزعوم لوثائق مزورة لشراء أراض في اليمن لا أساس لها.

حيث يحاجج الادعاء في ” بيان الأدلة ” التي ساقها بأن الاسم الحقيقي لحامد حيدرة هو ميرزا كماليسروستاني, وأنه غير اسمه بصورة غير رسمية, دون إبلاغ السلطات اليمنية, حتى يقوم بتزوير وثائق للحصول على الجنسية اليمنية لنفسه ولعائلته, بغرض التمكن من “تنفيذ الخطط البهائية- الإسرائيلية في اليمن”. ويدعي أنه ليست بحوزة حامد حيدرة وثائق رسمية لتبيان كيف جرى تغيير اسمه من حامد ميرزا كماليسروستاني إلى حامد كمال محمد بن حيدرة.

غير أن حامد حيدرة المولود في سقطرة في 1964, وحسب منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة, فقد حصل على الجنسية اليمنية بصورة رسمية في 1985 من والده الإيراني, الذي كان قد وصل إلى سقطرة في 1954, ومُنح الجنسية من قبل سلطان المهرة وسقطرة. ولدى حصوله على الجنسية, اقترح السلطان تغيير اسم والد حامد من ” ميرزا كماليسروستاني ” إلى حامد كمال محمد بن حيدرة.

ويزعم الادعاء في قرار اتهامه كذلك أن حامد حيدرة قد قام بتزوير وثائق بينها بطاقات هوية شخصية, لنفسه ولعائلته بغرض شراء أراضٍ في اليمن. وفي بيان الأدلة, يستشهد الادعاء ببطاقات هوية فارغة, وأخرى عبِّئت جزئياً وعثر عليها في بيته كدليل على التزوير.

بيد أن منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة قد فهما أن سلطات سقطرة أعطت حامد حيدرة , في أواخر تسعينيات القرن الماضي, بطاقات هوية فارغة له ولأفراد عائلته, وتركت الخيار للأفراد كي يكملوها بخط اليد. وتقول عائلة حامد حيدرة إنه لم يجر تعبئة بطاقات الهوية الشخصية هذه بالصورة المناسبة عندما تم الحصول عليها أو استعمالها بتاتاً.

وأخيراً يزعم الادعاء أن حامد حيدرة اشترى 31 قطعة أرض في سقطرة, و31 في المكلا و4 في عدن, باسم شخص آخر, ووضعها تحت تصرف ” المحفل المركزي باليمن” بغرض إنشاء مركز استقبال للبهائيين وبناء دار للعبادة ووحدات سكنية للبهائيين الموجودين في سقطرة أو الذين سيهاجرون لاحقاً إليها.

ولكن, وطبقاً لمعلومات منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة, تم تملك جميع قطع الأراضي التي بحوزة حامد حيدرة في المكلا وسقطرة وعدن من قبل حامد حيدرة نفسه, وليس باسم أي شخص آخر, بما في ذلك أفراد عائلته.

في ضوء جميع هذه الاعتبارات, تكرر منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة مطالبتهما بالإفراج عن حامد حيدرة دون قيد أو شرط.

إضافة إلى ذلك, نود إثارة بواعث القلق التالية المتعلقة بهذه القضية:

احتجاز مفرط قبل المحاكمة وتأخيرات غير مبررة في استكمال المحاكمة

طبقاً لوثائق المحكمة التي قُدمت لمنظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة, وكذلك لمعلومات قدمتها العائلة, مضى على احتجاز حامد حيدرة قبل بدء محاكمته أكثر من ثلاث سنوات, وذلك عقب القبض عليه في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2003 أثناء عمله في ” شركة توتل”, حيث كان موظفاً, في مدينة بلحاف, بمحافظة شبوة.

إن ” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” ( العهد الدولي), واليمن دولة طرف فيه, ينص في المادة 9(3) على أنه من حق كل شخص يتم احتجازه بتهمة جنائية أن يقَّدم إلى المحاكمة خلال فترة معقولة من الزمن أو أن يطلق سراحه في انتظار بدء المحاكمة, وأنه لا ينبغي أن تكون القاعدة العامة وضع الأشخاص الذين ستجري محاكمتهم قيد الحجز. وما إن تبدأ المحاكمة, ينبغي أن لا يتجاوز الاحتجاز فترة المحاكمة, التي تنتهي حكماً مع جلسة النطق بالحكم من جانب المحكمة الابتدائية[1]. ويؤكد العهد الدولي أيضاً في المادة 14(2), على أنه من حق أي شخص توجه إليه تهمة جنائية أن يفترض أنه بريء إلى أن تثبت إدانته بموجب القانون, وبما يعني ضمناً أن يحاكم دون تأخير ( المادة 14 (3) (ج). ويعني واجب احترام الحق في افتراض البراءة والحق في الحرية أنه إذا ما جرى احتجاز الشخص المتهم في انتظار محاكمته, فإن الدولة ملزمة بإعطاء الأولوية للقضية, والإسراع في مباشرة إجراءاتها القانونية.[2]

وقد عقدت أولى جلسات المحكمة , في قضية حامد حيدرة, أمام ” المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء” في 8 يناير/ كانون الثاني 2015, أي بعد أكثر من سنة من القبض عليه. ولك يُجلب حامد حيدرة أمام المحكمة لحضور الجلسة, وأُجَّلت الجلسة حتى 22 فبراير/ شباط 2015.

وطبقاً لمعلومات قُدمت إلى منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة, عُقد حتى تاريخه ما لا يقل عن 24 جلسة أخرى, وأُجِّلت جميعاً على نحو متكرر لأسباب مختلفة, بما في ذلك غياب حامد حيدرة عن جلسات المحكمة, وبسبب سفر القاضي, حسبما ذَكر. وكما فهمت منظمة العفو الدولية, فإن حامد حيدرة لم يحُضر أمام المحكمة لما لا يقل عن 10 جلسات من ما مجموعه 26 جلسة استماع عقدت لمحاكمته.

وكان بين التفسيرات التي قُدمت لعدم جلب حامد حيدرة إلى المحكمة عدم توافر مركبات لنقله , أو دوريات لمرافقته , أو لغياب الأمن. بيد أنه, وفيما يخص جلسة واحدة على الأقل, جُلب موقوفون آخرون من “سجن صنعاء المركزي”, حيث كان محتجزاً منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014 , إلى المحكمة , ولم يكن حامد حيدرة بينهم. وفي بعض الحالات , لم يُعط أي تفسير لعدم إحضاره إلى المحكمة.

التعذيب وغیره من ضروب المعاملة السيئة

حسبما فهمت منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة, جرى عصب عيني حامد حيدرة عند القبض عليه, في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2013, وكبلت يداه واقتيد إلى صندوق سيارة تابعة ” لجهاز الأمن القومي” في صنعاء, حيث احتجز بمعزل عن العالم الخارجي لسبعة أشهر. ولم يُسمح له بالاتصال بعائلته حتى يونيو/ حزيران 2014, كما لم يُسمح لهم بزيارته إلا عقب تسعة أشهر, عندما تم نقله, غي سبتمبر/ أيلول, إلى “إدارة البحث الجنائي”, في صنعاء أيضاُ.

وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2014, نُقل حامد حيدرة, الذي لم تكن محاكمته آنذاك قد بدأت بعد, إلى ” سجن صنعاء المركزي”, حيث احتجز في زنزانة مع سجناء مدانين محكوم عليه بالإعدام, مما شكّل خرقاً لمبدأ حبس السجناء الذين لم تنته محاكمتهم على نحو منفصل عن السجناء المدانين, تماشياً مع ما تنص عليه ” قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” [3]

وخلال الأشهر التعسة الأولى من احتجازه لدى ” جهاز الأمن القومي “, تعرض حامد حيدرة, بحسب ما أخبر عائلته , للتعذيب البدني والنفسي أثناء التحقيقات, وأهينت ديانته البهائية. فصُعق بالصدمات الكهربائية, وضُرب بقضيب معدني, بما في ذلك على أصابعه وأعضائه التناسلية؛ وعلِّق من السقف لفترات طويلة؛ وجرى تكميمه؛ وهدِّد بإلحاق الأذى ببناته. وفي بعض الأحيان, إبان أشهر الشتاء, صبّ الماء البارد على رأسه ؛ وفي إحدى المرات حقن بمادة مجهولة في عنقه. وطبقاً لسجل الادعاء العام حول تحقيق أجري معه في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014, أثناء احتجازه لدى ” جهاز الأمن القومي”, أبلغ حامد حيدرة المحقق أنه قد تعرض للضرب الشديد وللتهديد أثناء احتجازه, كي “يعترف” ويبصم على بياض, على وثائق قدمت له. ثم عرض المحقق على حامد حيدرة ” اعترافاته ” المؤرخة في 20 يناير/ كانون الثاني 2014, وسأله إن كانت تلك أقواله وبصمته. وأجاب حامد بأنه لا يعرف.

إن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة حظر مطلق ولا مجال لتقييده؛ وينطبق في جميع الأوقات وفي جميع الظروف. حيث ينص ” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” صراحة على أنه لا يُسمح بتعليقه أو الانتقاص منه بأي صورة من الصور, حتى في حالة الطوارئ العامة التي تتهدد حياة الأمة. كما أكدت ” لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ” على أنه ليس من الممكن التذرع بأي عذر أو بظروف مخففة لتبرير انتهاك هذا الحظر, لأي سبب من الأسباب. ويتعين عدم الاعتداد بأية أقوال أو شكل من أشكال الأدلة التي يتم الحصول عليها نتيجة للتعذيب, وغيره من ضروب المعاملة السيئة, كجزء من الأدلة المقبولة في أي من الإجراءات القانونية, إلا في سياق قضية تُستخدم فيها ضد المرتكب المزعوم للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وطبقاً للتقارير الطبية الصادرة عن “مستشفى الثورة النموذجي العام بصنعاء” التي ضمِّنت في وثائق المحكمة , يعاني حامد حيدرة من طيف من الاعتلالات الصحية, بما فيها ارتفاع ضغط الدم والكولسترول, وتم تشخيصه, في ديسمبر / كانون الأول 2015, بأن يعاني من ذبحة صدرية, ومن حصى في المرارة  تتطلب خضوعه للعلاج. وأبلغت عائلة حامد حيدرة منظمة العفو الدولية أنه لم تقدَّم له أيه فحوصات طبية أو أدوية أو توفَّر له المعالجة الطبية التي يحتاج لهذه المشكلات الصحية؛ رغم طلبه ذلك مراراً من سلطات السجن.

إن حق المحتجزين في الاتصال بالعالم الخارجي, ولا سيما بعائلاتهم, وفي تلقي المساعدة من محام, وفي أن يُعرض على طبيب, ضمانات أساسية في وجه انتهاكات حقوق الإنسان, بما في ذلك التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة, ولها تأثيرها على قدرة الشخص المتهم على التحضير لدفوعه. وتسهيل استشارة الفرد للطبيب أمر أساسي حتى يتمكن من ممارسة حقه في الصحة. وقد أكدت ” لجنة حقوق الإنسان” في ملاحظتها الختامية بشأن تقارير الدول الأطراف, أنه ينبغي تكريس حقوق الأشخاص المحتجزين في حجز الشرطة وقيد الاحتجاز السابق للمحاكمة , في الاتصال بالأطباء وبعائلاتهم وبالمحامين, في متن القانون.

الحق في الحصول على المشورة القانونية أثناء التحقيق

تشير وثائق المحكمة التي استعرضتها منظمة العفو الدولية منظمة مواطنة إلى أن حامد حيدرة أُخضع, ما بين 4 سبتمبر/أيلول 2014 و 4 ديسمبر/ كانون الأول 2014, إلى ما لا يقل عن 19 جلسة استجواب أثناء احتجازه في ” جهاز الأمن القومي”. وطبقاً لرواية عائلته, لم يحضر محامي حامد حيدرة سوى ثلاث من هذه الجلسات؛ رغم ما تظهره السجلات من طلب حامد حيدرة الصريح حضوره التحقيق, أثناء ما لا يقل عن جلستين من الجلسات الأخرى.

ولم تطلع منظمة العفو الدولية ولا منظمة مواطنة على محاضر التحقيقات, التي يقال إنها جرت أثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي لدى ” جهاز الأمن القومي”, ولكن يزعم حامد حيدرة أنه تعرض أثناءها للتعذيب أو للمعاملة السيئة.

فلكل شخص يقبض عليه أو يجرى توقيفه, وكل شخص يواجه تهمة جنائية, الحق بموجب القانون والمعايير الدوليين, في تلقي المساعدة من مستشار قانوني أو محام, لتمكينه من حماية حقوقه والشروع في إعداد دفاعه, وكذلك لتمكينه من الطعن في قرار احتجازه. ويشكل هذا الحق ضمانه مهمة ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة, وضد انتزاع ” الاعترافات” بالإكراه. ويشمل الحق في المشورة القانونية قبل المحاكمة الحق في الاتصال بمحام , وفي الحصول على الوقت الكافي للتشاور مع المحامي في جو من الخصوصية, وحضور المحامي أثناء الاستجواب وتمكين المتهم من التشاور معه أثناء ذلك. وبينما لا ينص العهد الدولي صراحة على الحق في تلقي المساعدة من محام أثناء الاحتجاز والاستجواب والتحقيق الأولي, إلا أن ” لجنة حقوق الإنسان” قد أوضحت, في تعليقها العام رقم 32 بشأن الحق في محاكمة عادلة, وفي ملاحظتها الختامية حول تقارير الدول الأطراف, أن ذلك أمر لازم, حتى تتم ممارسة الحق في محاكمة عادلة بصورة ذات مغزى, وفق ما تقتضيه المادة 14 من العهد.

عقوبة الإعدام

أخيراً, تساور منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة بواعث قلق من أن بعض التهم الموجهة إلى حامد حيدرة تحمل عقوبة الإعدام الإلزامية بموجب القانون اليمني.

وترى “لجنة حقوق الإنسان” أن فرض عقوبة الإعدام بصورة إلزامية يشكل انتهاكاً للحق في الحياة.[4] وفضلاً عن ذلك, فقد أعلن ” المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً ” أنه ” ينبغي في قضايا عقوبة الإعدام أن يُصدر القضاة أحكامهم بصورة إفرادية لمنع إيقاع عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة, والحرمان التعسفي من الحياة”, وأن “عقوبة الإعدام الإلزامية, التي تحول دون إمكانية فرض حكم أدنى, بغض النظر عن الظروف, لا تتماشى مع الحظر المفروض على المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”. [5]

وتنص المادة 6(2) من العهد الدولي على أنه “لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام , أن يُحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة”. وأكدت “لجنة حقوق الإنسان” أنه ” ينبغي فهم عبارة ” أشد الجرائم خطورة” بمعناها الضيق وهو أن عقوبة الإعدام ينبغي أن تكون تدبيراً استثنائياً جداً” [6]. وتوصي “ضمانات الأمم المتحدة التي تكفل حماية حقوق الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام”, التي تبناها “المجلس الاقتصادي والاجتماعي” التابع للأمم المتحدة في 1984, بأنه “لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا في أخطر الجرائم على أن يكون مفهوماً أن نطاقها ينبغي ألا يتعدى الجرائم المتعمدة التي تسفر نتائج مميتة أو غير ذلك من النتائج البالغة الخطورة”. [7]وفي هذا الصدد, أوضح “مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً” أنه ” لا يجوز بتاتاً أن تكون أحكام الإعدام إلزامية, وأنها لا تُفرض إلا جزاء الجرائم التي تنطوي على القتل المتعمد”, [8]وتؤكد ذلك المسودة الراهنة “للجنة حقوق الإنسان” لتحديث التعليق العام بشأن الحق في الحياة, التي تنص على أنه ينبغي قراءة عبارة “أشد الجرائم خطورة” بمعناها الضيق لتشير إلى جرائم في غاية الخطورة كتلك التي تشمل القتل المتعمد. أما التهم الموجهة ضد حامد حيدرة, والتي يُعاقب عليها بالإعدام, فلا تفي بمقتضيات هذه المعايير.

ومما زاد بواعث قلق منظمة العفو الدولية, ومنظمة مواطنة, بشأن هذه النقطة هو انتهاكات الحق في المحاكمة العادلة, وغيرها من الانتهاكات المشار إليها أعلاه.

وتنص الضمانة رقم 5 من ” ضمانات الأمم المتحدة التي تكفل حماية حقوق الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام على أنه ” لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة بعد إجراءات قانونية توفر كل الضمانات الممكنة لتأمين محاكمة عادلة, مماثلة على الأقل للضمانات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, بما في ذلك حق أي شخص مشتبه في ارتكابه جريمة يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام أو متهم بارتكابها في الحصول على مساعدة قانونية كافية في كل مراحل المحاكمة”.

وقد شددت “لجنة حقوق الإنسان” على أنه يجب التقيد بالمبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة, بما فيها افتراض البراءة, في جميع الأوقات, بما في ذلك حالات الطوارئ. وشدّدت صراحة بصورة خاصة على أنه يتعين لأي محاكمة تفضي, في مثل هذه الحالات, إلى فرض عقوبة الإعدام, أن تتماشى مع أحكام “العهد الدولي”, بما في ذلك جميع مقتضيات المادة 14, كما لا يجوز الاستناد إلى أي أقوال أو اعترافات يتم الحصول عليها على نحو ينتهك الحظر المفروض على التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة كأدلة في إجراءات قضائية. [9]

وتعارض منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة عقوبة الإعدام في جميع الأحوال دون استثناء, بغض النظر عن طبيعة الجريمة أو ظروفها؛ أو الذنب أو البراءة أو أية صفات أخرى للجاني؛ أو الطريقة المستخدمة من جانب الدولة في تنفيذ حكم الإعدام. فعقوبة الإعدام انتهاك للحق في الحياة وفق ما نص عليه “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. وهي العقوبة القصوى من حيث قسوتها ولا إنسانيتها وإهانتها لكرامة الإنسان.

وفي ضوء بواعث القلق التي أوردناها فيما سبق, تحص منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة سلطات الحوثيين وعلي صالح على الإفراج عن حامد حيدرة فوراً, ودون قيد أو شرط. وإلى حين ذلك, تهيب المنظمتان بسلطات الحوثيين وصالح بالتدخل لضمان ما يلي:

  • حماية حامد حيدرة من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية؛
  • توفير العلاج الطبي الفوري المناسب لما يعانيه من اعتلالات صحية, والسماح له بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة في المستشفيات, حيث يمكنه تلقي الرعاية الطبية المتخصصة؛
  • السماح له بتلقي زيارات منتظمة من محاميه وعائلته.

وفيما يتعلق بمزاعمه بأن قد تعرض للتعذيب ولغيره من ضروب المعاملة السيئة لانتزاع “اعترافات” منه, تدعو منظمة العفو الدولية ومنظمة مواطنة إلى ضمان ما يلي:

  • مباشرة تحقيق محايد وفعال على وجه السرعة في مزاعمه؛
  • إتاحة الفرصة له كي يلتمس الإنصاف الفعال وتلقي التعويض المناسب لما لحق به من أضرار, بما في ذلك التعويض المالي؛
  • تقديم المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضده إلى ساحة العدالة , وفق إجراءات تفي بمقتضيات القانون والمعايير الدوليين للمحاكمة العادلة, إذا ما توافرت أدلة مقبولة كافية لذلك.

[1]  انظر , مثلاً القرار الصادر عن ” المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ” في قضية سولماز ضد تركيا ( 27561/02) ,
(2007) الصفحات 23-26 ,   ويمكن الاطلاع عليه بالعودة إلى http://hudoc.echr.coe.int/eng#{“itemid”:[” – 00179053“]}

[2] انظر, مثلاً , القرار الصادر عن ” محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان” في قضية باريتو ليفا ضد فنزويلا, (2009) الصفحات 120 – 122

[3] القاعدة 11(ب) من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ” ( قواعد نيلسون مانديلا) , التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 175/70 , المؤرخ في 17 ديسمبر / كانون الأول 2015.

[4] الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان: بوتسوانا,  (2014) oc. CCPR/C/110/D/2177/2012 الفقرة 3.7

[5] تقارير المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً :

A/HRC/4/20, p. 2 s4; UN Doc. E/ CN.4/2005/7 (2004) s.80; UN Doc. E/CN.4/1999/39,(1999) s63, 82

[6] لجنة حقوق الإنسان, التعليق العام رقم 6 المتعلق بالحق في الحياة, الفقرة 7.

[7] الضمانة رقم 1 من “ضمانات الأمم المتحدة التي تكفل حماية حقوق الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام”, قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة رقم 1084/50 المؤرخ في 25 مايو/ أيار 1984.

[8] تقرير المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً, 9 أغسطس/آب 2012, A/67/272 , الفقرة 122.

[9] التعليق العام رقم 32 للجنة حقوق الإنسان, الفقرة 6.