لازالت انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن "بلا مُساءلة"

وشهد العام 2019 عنفاً متصاعداً في مختلف أرجاء البلاد، ما خلف خسائر فادحة في الارواح وألحق أضرار واسعة النطاق بالبنية التحتيةالحيوية. وعلى نحو متكرر وثقت “مواطنة " انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وانتهاكات فادحة لحقوق الإنسان ارتكبتها الأطراف المتحاربة في اليمن ، والتي قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب.

October 19, 2020

“مواطنة” تطلق تقرير “بلا مساءلة” عن حالة حقوق الإنسان في اليمن خلال 2019


الإثنين، 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

صنعاء – قالت مواطنة لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي للعام 2019 (بلا مُساءلة: حالة حقوق الإنسان في اليمن خلال 2019) إن الأطراف المتنازعة استمرت في الاستخفاف بحياة المدنيين وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنساني، فيما بقي أكثر المتضررين من الحرب بلا إنصاف أو تعويض.

وشهد العام 2019 عنفاً متصاعداً في مختلف أرجاء البلاد، ما خلف خسائر فادحة في الارواح وألحق أضرار واسعة النطاق بالبنية التحتيةالحيوية. وعلى نحو متكرر وثقت “مواطنة ” انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وانتهاكات فادحة لحقوق الإنسان ارتكبتها الأطراف المتحاربة في اليمن ، والتي قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب.

بينما ما يزال ملايين اليمنيين على حافة المجاعة، لجأت الأطراف المتنازعة بما فيها التحالف بقيادة السعودية والإمارات والكيانات المسلحة على الأرض كجماعة أنصار الله “الحوثيين” على نحو متزايد إلى اتخاذ إجراءات بيروقراطية تعسفية وقيود حالت دون وصول المواد الأساسية الضرورية للبقاء على قيد الحياة إلى الفئات الهشة.

وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “ركنت أطراف النزاع في اليمن إلى سياسة الإفلات من العقاب.  إن استمرار هذه السياسة، يضع اليمنيون واليمنيات في فك الانتهاكات الجسيمة ويتركهم وحيدون في مواجهة أطراف مستهترة. إن اتخاذ خطوات ملموسة نحو المساءلة والإنصاف ضروري لحماية والمدنيين ولكسر دورات العنف المتكررة في اليمن”.

تُقدم “مواطنة” في متن تقريرها السنوي الثالث “بلا مُساءلة” استعراض موسع لحالة حقوق الإنسان في اليمن خلال العام 2019 . استندت في إنجاز هذا التقرير إلى أبحاث ميدانية استقصائية، أجرت خلالها تحقيقاً معمقاً ومعاينة مباشرة لمواقع الهجمات (الجوية والبرية) وغيرها من الوقائع، وأجرت على الأقل 2376 مقابلة مع شهود وأقارب ضحايا وناجين وأطباء، وفحصت وثائق وصور وفيديوهات وغيرها من الأدلة المادية، على امتداد الفترة من يناير/ كانون الأول 2019 حتى ديسمبر/ كانون الثاني 2019. يتضمن هذا التقرير عرض لانتهاكات واعتداءات تسببت في أضرار مدنية، إذ وثقت “مواطنة” ما يقارب 1213 واقعة انتهاك، ولا تفيد الوقائع المذكورة في هذا التقرير الحصر وإنما حالات تسلط الضوء على واقع المعاناة التي يواجهها المدنيون في البلاد، وأنماط مختلفة من الانتهاكات.

جميع الأطراف المتحاربة – بما في ذلك التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والقوات والجماعات التابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات المشتركة المدعومة من الإمارات على الساحل الغربي – ملزمة بالامتثال للقانون الدولي الإنساني، كما أنها ملزمة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يظل ساري المفعول.

وأضافت المتوكل أن “حتى في ظل استمرار الحرب، ما كان يجب أن تكون اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم. لقد حدث ذلك بسبب غياب المساءلة، وبسبب كل جريمة حرب ترتكبها أطراف النزاع دون عواقب يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤوليته في وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب، وضمان محاسبة مجرمي الحرب وتحقيق الإنصاف للضحايا”.

التجويع

وثقت “مواطنة” خلال العام 2019، ما لا يقل عن 112 واقعة انتهاك أثارت المخاوف مرة أخرى بشأن استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، بما في ذلك الهجمات التي تؤثر على الاحتياجات الأساسية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وعرقلة الأطراف المتحاربة للإغاثة الإنسانية بشكل متكرر في 17 محافظة يمنية. تتحمل جماعة أنصار الله “الحوثين” المسئولية حيال 81 واقعة، فيما ارتكبت قوات التحالف بقيادة السعودية والامارات 15 واقعة انتهاك، بينما تتحمل مسؤولية 7 وقائع انتهاك القوات البرية السعودية، كما اقترفت القوات والجماعات التابعة لحكومة الرئيس هادي 4 وقائع، وتلقى المسؤولية في واقعتي انتهاك على الألوية التابعة للقوات المشتركة المدعومة إماراتياً. وارتكب المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً واقعة انتهاك. في حين وجدت “مواطنة” أن أطرافًا متحاربة مختلفة تشاركت المسؤولية في إحدى الوقائع المتبقية، ولم تتمكن من تحديد المسؤولية في واقعة اخرى.

الهجمات الجوية

واستمرت الهجمات الجوية في قتل وجرح المدنيين ودمرت أهداف مدنية محمية في عام 2019، حيث استهدفت أحياء سكنية ومراكز احتجاز وأسواق وجسور ومدراس ومنشآت خدمية وتجارية. وثقت “مواطنة” خلال العام 2019، ما لا يقل عن 64 هجمة جوية شنتها مقاتلات التحالف بقيادة السعودية والإمارات الحقت أضرار وخسائر بحق مدنيين و/أو أعيان مدنية في عشر محافظة يمنية. راح ضحية هذه الهجمات ما لا يقل عن 293 قتيل مدنياً، بينهم 95 طفل و54 امرأة، وجرح ما لا يقل عن 380 مدنياً، بينهم 111 طفل و57 امرأة.

الهجمات البرية

كما أدت الهجمات البرية العشوائية على المناطق الآهلة بالسكان إلى أضراراً في الممتلكات المدنية وخسائر بشرية بالغة في صفوف المدنيين. ووثقت مواطنة خلال عام 2019، ما يقارب 124 هجمة برية عشوائية، أودت بحياة 132 بينهم 27 إمرأة و73 طفل، وجرح ما لا يقل عن 329 مدنياً، بينهم 57 امرأة و202 طفل. توزعت هذه الوقائع على إحدى عشر محافظة يمنية. ووفقًا لتحقيقات مواطنة، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين) كانت مسؤولة عن 67 من واقعة، فيما تتحمل القوات والجماعات التابعة لحكومة هادي والقوات البرية السعودية والجماعات المسلحة الموالية لقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات مسؤولة عن 43 واقعة. فيما تتحمل المسؤولية المشتركة قوات أنصار الله “الحوثيين” والقوات والجماعات التابعة لحكومة هادي 11 واقعة. لم يتمكن باحثو مواطنة من تحديد الطرف المنتهك في 3 واقعة.

الألغام الأرضية

وخلال العام 2019، وثقت مواطنة، ما يقارب 46 واقعة انفجار ألغام، راح ضحيتها ما لا يقل عن 83 مدنياً بين قتيل وجريح معظمهم من النساء والأطفال، وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيين” مسؤولية زراعة جميع هذه الألغام.

تجنيد واستخدام الأطفال

وتحققت “مواطنة” من تجنيد واستخدام ما لا يقل عن 602 طفلاً بينهم على الأقل 43 طفلة، في 2019. وجدت “مواطنة” أن 75% من هؤلاء الأطفال جنّدتهم جماعة أنصار الله (الحوثيون). و بلغت نسبة الأطفال الذين جُندوا من قبل القوات والجماعات التابعة لحكومة   هادي ومجموعة المقاومة ما يقارب 18% . كما ووصلت نسبة الأطفال الذين جندتهم قوات الحزام الأمني وقوات النخب الشبوانية والحضرمية المدعومة إماراتياً إلى 6% من الاجمالي، وتتحمل القوات المشتركة في الساحل الغربي المدعومة إماراتياً المسؤولية عن تجنيد 1%.

الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب

مارست أطراف النزاع في اليمن الاحتجاز بحق المدنيين تعسفياً في 21 محافظة يمنية (من 22 محافظة يمنية) وهي كافة المحافظات التي تغطيها “مواطنة”. خلال العام 2019، وثقت “مواطنة” 210 واقعة احتجاز تعسفي لـ 265 ضحية ومن بينهم 18 طفلاً.   إضافة إلى أن حصاد العام 2019 شمل توثيق حالات احتجاز تعسفي بحق 8 نساء. فيما خلال العام 2019، وثقت “مواطنة” 39 واقعة اختفاء قسري لـ 44 ضحية من بينهم طفل واحد، بالإضافة إلى توثيق 8 وقائع تعذيب، منها 4 واقعة ارتكبتها قوات الحزام الأمني المدعومة اماراتيا في محافظة أبين أزهقت أرواح ضحيتان في مركز الاحتجاز، فيما تتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيين” مسؤولية 4 واقعة تعذيب في محافظات تعز، أمانة العاصمة، وحجة. وقد افضت 3 وقائع تعذيب إلى وفاة 3 ضحايا.

العنف الجنسي

وفي العام 2019، وثقت مواطنة لحقوق الإنسان 12 واقعة عنف جنسي، بما في ذلك تسع حالات اغتصاب وثلاثة أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي. وكان من بين الذين تعرضوا للعنف الجنسي 11 طفلاً (تسع فتيات وصبيان) وامرأة، وقُتل اثنان من الأطفال بعد تعرضهما للعنف الجنسي.  وتتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيون)المسؤولية في 10 وقائع. كما تتحمل قوات العمالقة وقوات الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي والمدعوم اماراتيا المسئولية في واقعتي عنف جنسي.

الاعتداء على المدارس

وتسببت الانتهاكات المتزايدة لأطراف النزاع في اليمن في الحاق اضرار فادحة بالمدارس والمرافق التعليمة، واحتلالها واستخدامها لأغراض عسكرية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في أوساط الطالبات والطلاب. وفي العام 2019 وثقت “مواطنة ” ما لا يقل عن 56 واقعة اعتداء أو استخدام لمدارس لأغراض عسكرية. منها 3 هجمات جوية شنها التحالف، و3 هجمات برية تتحمل القوات والجماعات المسلحة التابعة للرئيس هادي المسؤولية عن واقعة واحدة من هذه الوقائع الثلاث، في حين ارتكبت جماعة أنصار الله “الحوثيون” الهجمتين البريتين الأخريين. ووثقت “مواطنة” 36 واقعة استخدام مدارس لأغراض عسكرية، حيث تقع المسؤولية عن 35 واقعة على جماعة أنصار الله “الحوثيين”، بينما تتحمل القوات والجماعات المسلحة التابعة للرئيس لهادي مسؤولية واقعة واحدة. كما قامت “مواطنة” بتوثيق 11 واقعة استخدام واحتلال عسكري لمدارس، 7 منها ارتكبتها جماعة أنصار الله “الحوثيون” في محافظة صعدة. واثنتان منها اقترفتهما قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًّا في محافظة أبين، وواقعتين أخريين ارتكبتهما القوات الحكومية التابعة لهادي. وفي عملية تحقيق أنجزت بشراكة مع منظمة هيومن رايتس ووتش، وثقت مواطنة تضرر ثلاث مدارس جراء واقعة انفجار مخزن يحتوي على كمية كبيرة من المواد المتطايرة خزنتها جماعة أنصار الله “الحوثيون” في مستودع بالقرب من الثلاث المدارس في حي سعوان السكني بأمانة العاصمة، قُتل على إثر الانفجار 15 طفلًا وسقط عشرات آخرون جرحى.

الاعتداء على الرعاية الصحية

بينما وثقت مواطنة طوال العام 2019، 19 واقعة اثرت على المستشفيات والمراكز صحية والطواقم طبية بأنماط مختلفة من الانتهاكات، إذ تعرضت الأعيان الطبية للاقتحام المسلح، والاعتداء برصاص الحي على الطواقم الطبية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية، قُتل فيها 4 من بينهم عامل صحي ومساعدة طبيب وجرح 4 من بينهم عامل صحي. ارتكبت جماعة أنصار الله “الحوثيون” 6 وقائع، فيما تتحمل القوات والجماعات المسلحة التابعة للرئيس هادي مسؤولية 12 واقعة، كما ارتكبت قوات التحالف واقعة واحدة.

الصحافة

وثقت مواطنة خلال العام 2019، 10 واقعة انتهاك طالت 13 صحفي وعاملاً في مجال الصحافة والاعلام.  إذ واصلت الأطراف المتنازعة ارتكاب الاعتقالات التعسفية، الإساءة، تقييد حرية حركة الطواقم الإعلامية. سبع من هذه الوقائع ارتكبتها قوات الجيش والأمن التابعة للرئيس هادي، في حين قامت جماعة أنصار الله “الحوثيون” باحتجاز تعسفي لصحفي وإخفاء قسري لآخر. كما شنت مقاتلات التحالف بقيادة السعودية والإمارات غارة جوية على منزل الصحفي عبد الله صبري.

حرية التنقل

وخلال عام 2019، بينما وثقت “مواطنة” 29 واقعة تقييد حرية التنقل في مناطق يمنية مختلفة. وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيون” مسؤولية 17 واقعة، كما قامت القوات التي تتبع الحكومة والجماعات التابعة لها بارتكاب 8 واقعة. في حين قام المجلس الانتقالي الموالي للإمارات بِارتكاب 3 وقائع.  وتقع المسؤولية المشتركة على قوات أنصار الله “الحوثيين” والقوات الحكومية في واقعة واحدة.

التجمع السلمي

نفذ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات لحملات قمع بحق تجمعات سلمية ومظاهرات مطلبية لمواطنين يمنيين في أبين وحضرموت.

الأقليات الدينية

في 2019، استمرت جماعة أنصار الله إساءة معاملتها ومضايقتها للطائفة البهائية.