الحديدة.. حياة في الأنقاض

في قلب ميناء الصليف بمديرية الصليف، محافظة الحديدة، حيث تتواجد صوامع الشركة اليمنية الدولية التي يعمل فيها ما لا يقل عن 200 عامل، يكافحون صعوبة الحياة ويساهمون في إبقاء الحركة والإنتاج في المحافظة.

November 4, 2021

ينام المرء مطمئنًا ويصحو والركام فوق رأسه

11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021

يكافح سكان محافظة الحديدة رغما عن الحرب لتسيير أمور حياتهم، ولإبقاء نبض الحياة فيها.فالناظر لوضع المحافظة بجانبه الإيجابي المحب للحياة والسلام يرى هناك مزارعون لم تثنيهم الحرب وارتفاع الأسعار عن استمرارية الزراعة وإنتاج المحاصيل. وهناك عاملون في مصانع وشركات باقون رغم المصاعب وظروف حرب أفقدتهم زملائهم أثناء تأديتهم واجبهم، وغيرهم كُثر.في قلب ميناء الصليف بمديرية الصليف، محافظة الحديدة، حيث تتواجد صوامع الشركة اليمنية الدولية التي يعمل فيها ما لا يقل عن 200 عامل، يكافحون صعوبة الحياة ويساهمون في إبقاء الحركة والإنتاج في المحافظة.هذه المديرية لم تصلها نيران الاشتباكات بعد، فهي تعيش استقرارًا نسبيًا مقارنة ببقية مديريات محافظة الحديدة. كان عمال الشركة يعملون بطمأنينة يروحون ويغدون لمقر عملهم دونما خوف، لكن هذا الشعور لم يستقر طويلاً. ففي ليلة كان عاملو الشركة وموظفيها يغطون في نوم عميق بعد يوم عمل شاق ومليء بالإنجاز وتستريح أجسادهم للنهوض للعمل والإنتاج في اليوم التالي.لك أن تتصور كيف يمكن لشخص أن يكون نائمًا على سرير يحمل جسده المنهك وكأن هذه القطعة الخشبية جنته العازلة له عن العالم، وفجأة يجد نفسه على الأرض بين ركام وخشب، وسريره فوقه مثبطًا لحركته وعاجزًا عن الهروب والنجاة بروحه، ولا هواء له سوى دخان وغبار.هذا ما قاله الضحية ناصر ماهر (اسم مستعار-32 سنة) عند سؤاله عما حدث. وصف لنا وضعه بقوله:

"لا أتذكر سوى أنني استيقظت بين ركام وخشب وأنا عاجزٌ عن الحركة، وغير قادر على التنفس، محاولا إنقاذ نفسي"."وفي اليوم الرابع من الواقعة وجدت نفسي فوق سرير المستشفى وبين أجهزة طبية وغير قادر على تحريك الجزء الأيسر من جسدي نتيجة الإصابة البالغة في رأسي".

حالة من الذعر والهستيريا؛ هذا ما كان عليه العمال في ذلك الوقت، أسئلة تدور في خلجات أنفسهم. فكل شخص وجد نفسه بين استفسارات أين نحن الآن؟ ما الذي حدث؟ أين زملائي؟ لماذا حدث هذا؟ من الذي قام بهذا؟ لا جواب له سوى: "الحمد لله أننا لا زلنا على قيد الحياة".يوم الأحد 21 مارس/ أذار 2021 وعند الساعة الـ02:40 صباحاً، تعرضت الشركة اليمنية الدولية للصناعات الغذائية المحدودة "يفيكو" لهجمة طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات، أصيب فيها ستة جرحى من العمال تراوحت إصاباتهم بين المتوسطة والبالغة.ما حدث لم يكن له آثار جسدية على الجرحى فقط، بل وآثارًا نفسية للعاملين. فعندما ترى أن الجريح ناصر ماهر الذي تعرض لإصابة بالغة عاد للعمل بالرغم من عدم مقدرته على الحركة إلا بمساعدة وعكاز، يرغب على حد قوله في كسر الخوف الناتج مما حدث، تدرك صلابة وإصرار أبناء تهامة على العيش، وليس العيش فقط بل العيش مقترنا بالأمل وعدم الاستسلام لأي ظرف.