تحقيق جديد يوثق كيف قام التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) بتدمير النظام الصحي في اليمن.
الأربعاء 18 مارس/ آذار 2020
صنعاء/ نيويورك –
نفذت الأطراف المتحاربة في اليمن ما لا يقل عن 120 هجوماً عنيفاً على مرافق طبية وعاملين صحيين، كشفت عنها تحقيقات مشتركة نشرتها اليوم مواطنة لحقوق الإنسان وأطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR). أدت الهجمات التي شنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وقوات جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) إلى تدمير النظام الصحي في اليمن، وتسببت بالموت والمعاناة للمدنيين اليمنيين على نطاق واسع، ومن المرجح أن تشكل هذه الهجمات جرائم حرب بحق اليمنيين.
إن التقرير (“نزعت الإبرة الوريدية وبدأت بالجري: هجمات أطراف النزاع على القطاع الصحي في اليمن“) هو نتيجة لعمليات توثيق وتحليل لهذه الهجمات خلال أربع سنوات تقريباً في 20 محافظة من أصل 22 محافظة يمنية، والتي امتدت من مارس/ آذار 2015 وحتى ديسمبر/ كانون الأول 2018. يكشف التحليل عن أربع فئات رئيسية من الهجمات العنيفة التي شنت على المرافق الصحية: غارات جوية (35)، وهجمات برية (46)، واحتلال عسكري (9)، واعتداءات على عاملين في مجال الصحة (23)، وانتهاكات أخرى (7)، مثل أعمال النهب والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.
أسفرت الهجمات التي يذكرها التقرير بالتفصيل عن مقتل ما لا يقل عن 96 مدنياً وعاملاً صحياً، من بينهم 10 أطفال، وجرح 230 آخرين، من بينهم 28 طفلاً. وكانت محافظة تعز، والتي تشكل ثالث أكبر مدينة يمنية، هي الأكثر تضرراً من الهجمات على المرافق الطبية، حيث تم توثيق ما لا يقل عن 65 واقعة هناك. كما تأثرت محافظة صعدة، التي تشترك في حدودها مع المملكة العربية السعودية، تأثراً كبيراً بالهجمات على مرافق الرعاية الصحية، حيث تم توثيق 25 واقعة منها 22 بغارات جوية.
يعد التحقيق الذي أجرته مواطنة لحقوق الإنسان ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR) التحليل الأكثر شمولاً لتأثير سلوك الأطراف المتحاربة على النظام الصحي في اليمن منذ تصاعد الصراع في أوائل العام 2015. ويوضح التقرير أنماط الهجمات على القطاع الصحي، وأثرها، والانتهاكات المحددة التي تم إرتكابها أثناء تنفيذ هذه الهجمات.
يخلص التقرير إلى أن عدم امتثال الأطراف المتحاربة للقانون الدولي قد أسهم في حدوث الوضع الإنساني الكارثي في البلد. وأن التدمير الروتيني والإحتلال المتكرر لمرافق الرعاية الصحية وقتل وجرح العاملين في مجال الرعاية الطبية يسهم على حد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في حرمان المجتمعات المحلية في اليمن من تلقي الرعاية الصحية.
كما يخلص التقرير إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات – والذي تمده الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي بالسلاح – قد قام في المقام الأول بتدمير مرافق صحية وإلحاق الضرر بها بهجمات جوية. وقام الحوثيون، الذين يتلقون الدعم من إيران، وجماعات مسلحة أخرى موالية للحكومة اليمنية، بإلحاق أضرار وتدمير مرافق صحية بإستخدام أسلحة برية عشوائية. كما قامت قوات الحوثيين وغيرها من الجماعات المسلحة الأخرى بإحتلال مرافق طبية. وقام كلا طرفي النزاع بقتل كوادر طبية.
قال ريان قطيش، وهو باحث لدى منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “إن أثر كل هجوم يتم شنه على مرفق صحي يتجاوز جدرانه، فقتل الأطباء والممرضين وغيرهم من العاملين الصحيين يحرم المجتمعات المحلية من تلقي الرعاية الصحية التي هم في أشد الحاجة إليها”. وأضاف، “أدت هذه الهجمات مجتمعة إلى تدمير نظام الرعاية الصحية في اليمن وتسببت بقدر لا يوصف من المعاناة وإزهاق للأرواح.”
وقال قطيش أيضاً، “خلَّف إنهيار سيادة القانون في اليمن – والذي عززته أطراف النزاع – كارثة في مجال حقوق الإنسان يقل أن يوجد لها مثيل، حيث أن وضع الحماية الذي تتمتع به المرافق الطبية والعاملين فيها فقد معناه.”
ارتكبت الأطراف المتحاربة في اليمن – بما في ذلك التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثي المسلحة والحكومة اليمنية – خلال النزاع الدائر بينهم انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما إنتهكت أطراف النزاع، مرارًا وتكرارًا، مبادئ القانون الإنساني الدولي الأساسية المتمثلة في التمييز والتناسب والحيطة. وبحسب التقييم الذي أجرته مواطنة لحقوق الإنسان ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR)، قد يصل حجم العديد من هذه الانتهاكات إلى درجة جرائم حرب. ولكن هناك قصور شديد ومؤسف بخصوص مساءلة مرتكبي هذه الإنتهاكات والإنصاف للضحايا.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “اليمنيون يتضورون جوعا ويموتون من المرض ويقبعون في مرمى نيران هذه الحرب العبثية.” وأضافت، “بعيداً عن أي هجوم معين، فإن الطرق التي يقاتل بها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والجماعة الحوثية المسلحة والحكومة اليمنية تجعل من الصعب للغاية على المدنيين البقاء على قيد الحياة.”
وقالت رضية المتوكل أيضاً، “إن الطريقة الوحيدة لإنهاء هذه الحلقة المروعة في اليمن تكمن من خلال بذل جهود مساءلة ذات مصداقية تتناول خطورة ونطاق الإنتهاكات والجرائم المرتكبة.”
ويقدم هذا التقرير الجديد مستوى جديداً من التفصيل والنظرة المتعمقة في هذه الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب في خضم الصراع القائم في اليمن. فقد قام 24 باحثاً من “مواطنة” بجمع بيانات عن هذه الإنتهاكات من خلال إجراء مقابلات شبه منظمة مع أكثر من 194 شخص من شهود العيان والناجين. قام خلالها الباحثون بزيارة مواقع الهجمات عندما سمحت لهم الظروف بذلك وجمعوا شهادات متعددة وأدلة فوتوغرافية لتوثيق كل واقعة والتحقق من تفاصيلها. كان هدف الباحثون هو تعزيز توثيق كل واقعة بثلاث إفادات كحد أدنى لشهود عيان مستقلين. وتعاون خبراء منظمتي أطباء من أجل حقوق الإنسان PHR ومواطنة لحقوق الإنسان لتقديم تحليل متعمق للهجمات الفردية وكذلك لتوثيق أنماط وتأثير الهجمات على قطاع الصحة.
وأثناء تحليل هذه البيانات، وجدت مواطنة لحقوق الإنسان ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR) أدلة دامغة على إرتكاب التحالف بقيادة السعودة والإمارات، وجماعة الحوثي المسلحة والحكومة اليمنية انتهاكات واسعة النطاق في اليمن. حيث أن استراتيجياتهم وأساليبهم في الحرب تعكس تجاهلهم للالتزامات القانونية الدولية ومعايير حقوق الإنسان وحياة المدنيين اليمنيين.
قال قطيش من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، “إن الوضع الإنساني في اليمن – والذي يعتبر الأسوأ في العالم – لن يتحسن بدون تحول سلوكي كبير لدى الأطراف المتحاربة.” وأضاف، “يجب على المقاتلون إحترام وضع الحماية المخصص للبنية التحتية الطبية والمدنية، والإلتزام بمبادئ التمييز والتناسب والحيطة التي ينص عليها القانون الإنساني الدولي.”
وقالت المتوكل من “مواطنة”، “إن أولئك الذين يمدون الأطراف المتحاربة بالأسلحة وغيرها من أشكال الدعم الأخرى – سواء كانوا في الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا أو كندا أو فرنسا أو إيران أو أي دول أخرى – هم يطيلون من معاناة وبؤس اليمن ومشاركون في إرتكاب الانتهاكات المتفشية والموثقة في هذا التقرير.”
انظر هنا للحصول على التقرير بالكامل بالإضافة إلى ملحق يتضمن جميع الهجمات الموثقة على المرافق الصحية، مصنفة حسب التاريخ والموقع والنوع والوصف. هذا التقرير متاح باللغتين العربية والإنجليزية.
أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR) هي منظمة تعمل في مجال مناصرة حقوق الإنسان مقرها نيويورك وتستخدم العلم والطب لمنع إرتكاب الفظائع الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. تعرف على المزيد هنا.
مواطنة لحقوق الإنسان (مواطنة) هي منظمة يمنية مستقلة تشارك في الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال توثيق الانتهاكات والتحقق منها، وتوفير الدعم القانوني، وكسب التأييد، ورفع الوعي وبناء القدرات. تعرف على المزيد هنا