إن الأحكام الجائرة التي تصدر وفق مزاج السلطات النافذة و وفق محاكمات تفتقر للحد الأدنى من معايير و مبادئ المحاكمة العادلة مثل الحكم الصادر بحق حامد حيدرة هي مجرد أداة قمع و تنكيل .. على جماعة أنصار الله الكف عن استخدام هذه الأداة.
قالت مواطنة لحقوق الإنسان في بيان أصدرته اليوم أن على سلطات جماعة أنصار الله (الحوثيين) إلغاء حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة بحق حامد كمال محمد حيدرة (53 سنة) والإفراج عنه فوراً دون قيد أو شرط. حيث قضى منطوق الحكم الصادر صباح الثلاثاء 2 يناير/ كانون الثاني 2018 بإعدام حيدرة تعزيراً ومصادرة أمواله وممتلكاته، وإغلاق المحافل البهائية في اليمن.
قالت رضية المتوكل رئيسة مواطنة لحقوق الانسان: “إن الأحكام الجائرة التي تصدر وفق مزاج السلطات النافذة ووفق محاكمات تفتقر للحد الأدنى من معايير ومبادئ المحاكمة العادلة مثل الحكم الصادر بحق حامد حيدرة هي مجرد أداة قمع وتنكيل، وعلى جماعة أنصار الله (الحوثيين) الكف عن استخدام هذه الأداة.”
احتجز حيدرة في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2013، بينما كان موظفاً في شركة توتال النفطية في مدينة بلحاف بمحافظة شبوة. اتسمت الإجراءات القانونية في قضيته منذ اللحظة الأولى من اعتقاله بأنها معيبة ، من بينها إبقائه رهن الإختفاء القسري لتسعة أشهر، الاحتجاز المطول قبل محاكمته ، وتعرضه للتعذيب والمعاملة السيئة ، وعدم تمكنه من التواصل مع محامي خلال عملية التحقيق ، والتأخير غير المبرر لجلسات محاكمته.
وفق وثائق المحكمة ، وُجِّهت إلى حيدرة تُهم شملت “السعي لدى دولة أجنبية… لنشر الديانة البهائية في الأراضي اليمنية والتحريض على اعتناق تلك الديانة وإخراج اليمنيين من الدين الإسلامي ” بغرض ” المساس باستقلال اليمن وسلامة أراضيها” ، وتزوير وثائق شملت جوازات سفر وبطاقات هوية شخصية لنفسه ولعائلته عن طريق تقديم معلومات شخصية كاذبة ، واستخدام هذه الوثائق للقيام “بشراء أراض وعمل مشاريع تجارية الغرض منها استقدام أعداد كبيرة من البهائيين إلى اليمن لتوطينهم على أراضي الجمهورية اليمنية ، تنفيذاً لتوجيهات بيت العدل الأعظم في إسرائيل.”
تُشكِّل مقاضاه الشخص ، حتى على تهمة جنائية معترف بها انتهاكاً لمبدأ عدم التمييز إذا ما اتسمت بالانتقائية على أساس الأصل القومي أو الاجتماعي للفرد، أو معتقداته الدينية، أو إذا كانت إلى حد كبير مدفوعة بذلك. وفضلاً عن ذلك ، فإن أي حالة يعتقل فيها أحد الأشخاص حصرياً بسبب ممارسته السلمية لحقة في حرية التعبير وممارسته العملية لمعتقداته التي ارتضاها ضميره ، تشكِّل احتجازاً تعسفياً ينتهك القانون الدولي، وفق ما نصت عليه المادتان 18 و 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يعد اليمن طرفاً فيه. وفي مثل هذه الحالة ، ينبغي الإفراج عن هذا الفرد فوراً.
في رسالة مشتركة وجهتها مواطنة لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ، في مارس/ آذار 2017، إلى المسؤولين في صنعاء، بعد دراسة ملف القضية ومعلوماتها ، بما فيها بعض وثائق الادعاء والدفاع ، وسجلات جلسات الاستجواب. خلصت المنظمتان إلى أن حيدرة سجين رأي يخضع للاحتجاز والمحاكمة بسبب معتقداته التي ارتضاها ضميره وأنشطته السلمية كمؤمن بالديانة البهائية.
تنص المادة 6 (2) من العهد الدولي على أنه “لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يُحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة”. وأكدت “لجنة حقوق الإنسان” أنه ” ينبغي فهم عبارة “أشد الجرائم خطورة” بمعناها الضيق وهو أن عقوبة الإعدام ينبغي أن تكون تدبيراً استثنائياً جداً”. وتوصي “ضمانات الأمم المتحدة التي تكفل حماية حقوق الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام”، التي تبناها “المجلس الاقتصادي والاجتماعي” التابع للأمم المتحدة في 1984، بأنه “لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا في أخطر الجرائم على أن يكون مفهوماً أن نطاقها ينبغي ألا يتعدى الجرائم المتعمدة التي تسفر نتائج مميتة أو غير ذلك من النتائج البالغة الخطورة”. وفي هذا الصدد، أوضح “مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً” أنه “لا يجوز بتاتاً أن تكون أحكام الإعدام إلزامية ، وأنها لا تُفرض إلا جزاء الجرائم التي تنطوي على القتل المتعمد” ، وتؤكد ذلك المسودة الراهنة “للجنة حقوق الإنسان” لتحديث التعليق العام بشأن الحق في الحياة ، التي تنص على أنه ينبغي قراءة عبارة “أشد الجرائم خطورة” بمعناها الضيق لتشير إلى جرائم في غاية الخطورة كتلك التي تشمل القتل المتعمد. أما التهم الموجهة ضد حامد حيدرة والتي أُصدر على ضوءها الحكم عليه بالإعدام، فلا تفي بمقتضيات هذه المعايير .
وقالت المتوكل: “على جماعة أنصار الله ( الحوثيين ) الكف عن استخدام الأساليب والحيل التي تم استخدامها ضد أنصار الجماعة سابقاً، ومنها الأحكام القضائية القاسية الناتجة عن إجراءات مختلة ومخالفة للقانون ومبادئ العدالة.”
في 10 أغسطس/ آب 2016 اعتقل الحوثيون 65 شخصاً أغلبهم من أتباع الأقلية البهائية في صنعاء من النساء والرجال والأطفال على خلفية قيامهم بأنشطة مدنية ومن ثم تم الإفراج عنهم. ولاحقاً في 2017، شن الحوثيون أيضاً حملات اعتقالات في أوقات متفرقة بحق البهائيين. ولا يزال ستة من البهائيين رهن الإعتقال التعسفي والإختفاء القسري في سجون جماعة الحوثيين في صنعاء.
تعرض أتباع الأقلية البهائية في اليمن سواء من المواطنيين اليمنيين ، أو ممن كانوا يقيمون بشكل قانوني منذ عشرات السنين في اليمن من جنسيات أخرى إلى الإعتقال والتعرض لضروب من المضايقات والترهيب، ليس من جماعة أنصار الله (الحوثيين) فحسب، بل أيضاً من سلطات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. دفعت هذه الحملات العشرات من أتباع الأقلية البهائية للهرب إلى بلدان أخرى.
يوم الأربعاء 11 يناير/ كانون الثاني 2017 اعتقلت سلطات مطار عدن الدولي حشمت الله علي محمد ثابت (75 سنة) وزوج ابنته نديم السقاف (43 سنة) ، وهما من أتباع الديانة البهائية. وأبقتهما السلطات رهن الإختفاء القسري دون توجيه تهمة أوالتواصل مع محامي حتى 5 سبتمبر/ أيلول 2017 حيث أفرجت عنهما قبيل انعقاد الدورة 36 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
في 29 سبتمبر/ أيلول 2017 أهاب مجلس حقوق الإنسان في المادة (7) من قراره الخاص باليمن 36/31 بجميع الأطراف بالإفراج الفوري عن جميع البهائيين المحتجزين بسبب معتقداتهم الدينية.