اليمن أيضاً يستحق أن يكون بخير

ليس صحـــيحاً أننا لا نريد أن نعيش مثلكم، وإنه لشـــعور ثقيل بالخيبة ألا نملك سوى توريث أمنياتنا عامًا بعد عام، على أمل أن تتحقق يوما.. لا بد أن تتحقق يوماً. أيها العالم، كل عام وأنتم بخير!

January 1, 2020

1 كانون الثاني/يناير 2020

أيها العالم،

فرحتكم هي حق، وهي ومضة أمل وإطلالة جميلة على وجه هذا الكوكب، لكننا نريدكم أن تشعروا بنا وأن تعلموا أنه:

بينما تلفّون هدايا أعياد رأس السنة، تكاد تنفد الأكفان التي نلف بها ضحايانا.

بينما تشعلون شوارعكم بالأضواء الملونة وتطلقون المفرقعات، يلتهم الظلام الدامس كلّ مدن اليمن منذ سنوات.

بينما تصلكم أجوركم ومكافآت نهاية العام وإكراميات العمل، لم يقبض أغلب موظفي اليمن أي راتب حكومي منذ أكثر من عامين.

بينما تحتفلون مع قادتكم في النوادي والساحات والأماكن العامة، يحترب قادتنا فوق أجسادنا مدمرين نوادينا المتواضعة وممتلكاتنا الشحيحة، ومحولين كل شبر إلى ساحة حرب، وكل مواطن إلى قتيل محتمل. وبالرغم من ذلك، فإن البعض من قادتكم يبيعون لهم الأسلحة، ويقفون في صفهم.

بينما تغلق الاحتفالات أبواب مدارس أطفالكم مؤقتاً، تحرم القذائف والصواريخ مئات الآلاف من أطفال اليمن من الذهاب إلى مدارسهم، وقد تسقط على رؤوسهم وهم في حضرة كتبهم وأدواتهم المدرسية.

لسنا بعيدين عنكم بالقدر الذي تتوقعونه؛ نحن هنا بالقرب، على ذات الخارطة، نتشارك معكم البسيطة ذاتها، والسماء نفسها، نسمع ضحكاتكم المرتفعة، ونرى الألوان في سماء بلدانكم، لكن قلة من يسمعون آهاتنا ويرون لون دمائنا المسفوحة على الأرض.

بينما تلعبون مع أطفالكم في الملاهي، يراقب أطفالنا آباءهم من النوافذ بقلق ليتأكدوا أنهم عادوا إلى بيوتهم سالمين وفي أيديهم كيس خبز.

أيها العالم، نريدكم فقط أن تعرفوا أنه في الوقت الذي تحملوا فيه هوياتكم الشخصية لتتنقلوا بها بين دول العالم بأمان، يخفي الناس في اليمن هوياتهم خوفاً من الاعتقال عند أول حاجز لمدينة مجاورة في ذات البلد.

لسنا بعيدين عنكم بالقدر الذي تتوقعونه؛ نحن هنا بالقرب، على ذات الخارطة، نتشارك معكم البسيطة ذاتها، والسماء نفسها، نسمع ضحكاتكم المرتفعة، ونرى الألوان في سماء بلدانكم، لكن قلة من يسمعون آهاتنا ويرون لون دمائنا المسفوحة على الأرض.

لدينا في اليمن مناسبات كثيرة تستحق الاحتفال، لكن كيف لنا أن نجتمع وسط كل هذا الدمار المستمر منذ خمس سنوات، وأن نبتهج وسط كل هذا الموت؟!

ليس صحيحاً أننا لا نريد أن نعيش مثلكم، وإنه لشعور ثقيل بالخيبة ألا نملك سوى توريث أمنياتنا عامًا بعد عام، على أمل أن تتحقق يوما.. لا بد أن تتحقق يوماً.

أيها العالم،

كل عام وأنتم بخير!