أسئلة وإجابات: شكوى جنائية ضد شركات تصنيع أسلحة فرنسية عن تصدير مواد حربية في سياق النزاع في اليمن

تسعى الشكوى إلى كشف احتمال تواطؤ الشركات، التي واصلت نقل الأسلحة أو تقديم خدمات الصيانة للسعودية والإمارات، في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

September 27, 2022

لتحميل الملف

1) كيف بدأ النزاع في اليمن؟

في العام 2011، اندلعت انتفاضة شعبية في اليمن أجبر الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التنحي بعد 33 عامًا في السلطة، من خلال اتفاق سياسي بمبادرة من مجلس التعاون الخليجي.

خَلف علي عبد الله صالح نائبـُه عبد ربه منصور هادي. وبعد عامين من الفترة الانتقالية، بما في ذلك عشرة أشهر من المشاورات كجزء من “مؤتمر الحوار الوطني”، بدأت الحرب في سبتمبر/ أيلول 2014 عندما سيطرت جماعة أنصار الله المسلحة (المعروفة أيضًا باسم الحوثيين) بالقوة على العاصمة صنعاء، بعد تحالفهم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي اغتالوه بعد ذلك بثلاث سنوات.

في أوائل عام 2015، وضعت قوات الحوثي- صالح الرئيس هادي قيد الإقامة الجبرية، وأطلقت “إعلانًا دستوريًا”، وحلت البرلمان. فر الرئيس هادي إلى عدن التي أعلنها العاصمة المؤقتة للبلاد. سيطرت قوات الحوثي- صالح على مساحات شاسعة من البلاد، ودخلت عدن في نهاية المطاف، مما دفع الرئيس هادي الفرار إلى الرياض.

في 26 مارس/ آذار 2015، وبناءً على طلب الرئيس اليمني، تدخل تحالف من تسع دول بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة (يشار إليه فيما بعد بـ “التحالف”) لدعم حكومة الرئيس هادي المعترف بها دوليًا ضد قوات الحوثي وصالح. وفي السنوات التي تلت ذلك، انتشر النزاع في جميع أنحاء البلاد، وتكاثرت الأطراف المتحاربة. وعلى الرغم من جهود الأمم المتحدة العديدة للتوسط من أجل السلام، بما في ذلك وقف إطلاق النار ومحادثات السلام، فإن اليمن ما يزال رهين النزاع منذ ذلك الحين.

2) ما هي الاتهامات الموجهة للتحالف بقيادة السعودية والإمارات وأطراف النزاع الأخرى؟

منذ بداية تدخله، نفذ التحالف عشرات الغارات الجوية غير المتناسبة والعشوائية التي أدت إلى إصابة وقتل المدنيين وتدمير أو إتلاف المنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق وغيرها من البنى التحتية المدنية. قامت العديد من المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك مواطنة لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، بالإبلاغ مرارًا وتكرارًا عن انتهاكات التحالف في اليمن، والتي قد ترقى في كثير من الحالات إلى جرائم حرب. مشروع بيانات اليمن، وهو منظمة لا ربحية تجمع البيانات عن النزاع في اليمن في غياب السجلات العسكرية الرسمية، سجل ما يقدر بـ 25,054 هجمة جوية، منها 8,121 ضد أهداف عسكرية و7,055 ضد أهداف غير عسكرية[1]. ولم يتمكن المشروع من تحديد ما إذا كان ثمة هدف عسكري مشروع للغارات الجوية المتبقية البالغ عددها 9,878 ضربة جوية[2].

قام فريق الخبراء البارزين (GEE) المعني باليمن، وهو الآلية الدولية المحايدة الوحيدة لتقصي الحقائق بشأن اليمن التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2017، في تقاريره الأربعة بتوثيق انتهاكات القانون الدولي من قبل التحالف وكذلك من قبل الجهات الأخرى من أطراف النزاع. ولاحظ الفريق على وجه الخصوص، إلى أن الضربات الجوية التي يشنها التحالف وتنتهك مبادئ التمييز والتناسب والحيطة قد تشكل جرائم حرب[3].

في أبريل/ نيسان 2015، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2216 الذي فرض حظرًا على توريد الأسلحة إلى المقاتلين الموالين للحوثيين والمؤيدين لصالح. واستنادا إلى هذا القرار، نفذ التحالف حصارًا بحريًا وجويًا غير قانوني أعاق وصول المعونات الإنسانية والضروريات الأساسية، فحال بين المدنيين والحصول على السلع والخدمات الأساسية، مثل الغذاء والمياه النقية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية إلى حد كبير. هذا الوضع الحرج تفاقم أكثر بقيام سلطات الحوثيين بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية داخل اليمن. وقد شدد فريق الخبراء البارزين على أن “التدهور المستمر للوضع الإنساني في اليمن يُعزى بشكل مباشر إلى سلوك أطراف النزاع”[4].

وأخيرًا، دعا فريق الخبراء البارزين الدول الثالثة، مثل فرنسا، إلى الامتناع عن توريد الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع وتساهم بالتالي في هذا النزاع[5]. وشدد الفريق على أن “هذا الدعم قد يرقى إلى مستوى الدعم والاسناد للأفعال غير المشروعة دوليًا والمخالفة بالتالي للقانون الدولي”[6]. كما أنه شدد كذلك على الضرورة الملحة لإنفاذ حق الضحايا في الحصول على تعويضات ومحاسبة الجناة، بما في ذلك عن طريق تشجيع الدول الثالثة على إجراء محاكمات بموجب الولاية القضائية العالمية[7].

3) كيف هو الوضع الإنساني في اليمن؟

مع دخول النزاع عامه الثامن، لا يزال اليمن يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية من صنع الإنسان. وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قُتل ما لا يقل عن 377,000 شخص، الغالبية العظمى منهم نتيجة للعواقب اللامباشرة للقتال، كالجوع والمرض[8].

وقد شُرد داخليًا أكثر من 4 ملايين شخص[9]. في يناير/ كانون الثاني 2022، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن أكثر من 20 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، إلى جانب أكثر من 12 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الطارئة. وعلاوة على ذلك، وفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، يعاني نصف السكان من الجوع الحاد، ونصف الأطفال دون سن الخامسة (ما يقدر بنحو 2.3 مليون طفل) معرضون لخطر سوء التغذية، وتعاني أكثر من مليون امرأة حامل أو مرضعة من سوء التغذية الحاد وخطر إنجاب أطفال حديثي الولادة يعانون من التقزم نتيجة التوقف الحاد في النمو[10].

هذه الأزمة الإنسانية تتفاقم بسبب الهجمات التي تدمر المنازل والمرافق الطبية وغيرها من البنى التحتية المدنية أو تلحق الضرر بها. وقد أدت هذه الهجمات والعقبات التي تحول دون توزيع المعونة الإنسانية إلى استفحال جائحة كوفيد-19، حيث يواجه ملايين المدنيين المرض والجوع والعوز.

4) ما هو الغرض من الشكوى المرفوعة أمام المحاكم الفرنسية؟

تشير تقارير عدة (فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، والمنظمات غير الحكومية، وغيرها) إلى انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، فضلاً عن جرائم حرب محتملة وجرائم ضد الإنسانية، ارتكبها التحالف عن طريق شن غارات جوية، في كثير من الحالات باستخدام معدات عسكرية مقدمة من دول أخرى. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الأدلة الدامغة، واصلت العديد من الدول، بما في ذلك فرنسا، تزويد التحالف بالأسلحة، منتهكة بذلك التزاماتها بموجب معاهدة تجارة الأسلحة (ATT)، والقانون الأوروبي، فضلاً عن تشريعاتها الوطنية.

منذ عام 2014، كانت فرنسا من بين أكبر موردي الأسلحة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وفقًا للبيانات السنوية التي جمعها معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI)، فمنذ أن بدأ تدخلهم في اليمن عام 2015، واصلت الشركات الفرنسية توريد المواد الحربية وكذلك الخدمات المرتبطة بها.

تسعى الشكوى إلى كشف احتمال تواطؤ الشركات، التي واصلت نقل الأسلحة أو تقديم خدمات الصيانة للسعودية والإمارات، في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، رغم علمها بالجرائم التي ارتكبها التحالف. توثق الشكوى العديد من الضربات الجوية للتحالف التي استهدفت المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك 26 هجمة جوية أدت إلى مقتل أو إصابة مدنيين بشكل غير قانوني وتدمير أو إتلاف المدارس والمستشفيات وغيرها من الممتلكات المحمية، والتي قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

5) ما هي شركات الأسلحة التي تستهدفها الشكوى؟

الشكوى تستهدف ثلاث شركات أسلحة:

“داسو للطيران المحدودة” وهي المورّد لطائرات ميراج ورافال المقاتلة إلى الإمارات العربية المتحدة، وتوفر الشركة الصيانة والإمداد للأجزاء والمكونات.

كما تستهدف الشكوى “شركة إم بي دي إيه فرنسا” (MBDA France)، إس إيه إس، كمورد لصواريخ كروز التي تنطلق من الجو: بلاك شاهين للإمارات، وسكالب إي جي/ ستورم شادو للسعودية، وكذلك بريمستون. وتشترك فرنسا والمملكة المتحدة في تصميم وتصنيع هذه الأسلحة.

أخيرًا، “مجموعة طاليس” (Thales Group) كمورّد لأنظمة التوجيه والاستهداف بالليزر للطائرات المقاتلة إلى السعودية (كبسولات التوجيه داموقليس) والإمارات (كبسولات التوجيه شهاب). توفر الشركة الصيانة إلى جانب توريد الأجزاء والمكونات.

وتستخدم جميع هذه المواد في النزاع في اليمن.

6) ما هي المنظمات المشاركة في الشكوى؟

قَدمت الشكوى مواطنة لحقوق الإنسان، المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR)، ومنظمة شيربا، بمساندة من منظمة العفو الدولية في فرنسا.

مواطنة لحقوق الإنسان منظمة يمنية مستقلة مهمتها تعزيز حماية حقوق الإنسان من خلال إجراء أبحاث ميدانية وتوثيق الانتهاكات التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع. كما تقدم الدعم والمساعدة القانونية لضحايا التجاوزات المتصلة بالاحتجاز، وتدعو إلى تقيد أكثر صرامة بمبادئ القانون الدولي، وكذلك تعزيز المساءلة والانتصاف في سياق النزاع في اليمن.

المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR)، ومقره ألمانيا، يدعم المتضررين من الجرائم الخطيرة مثل التعذيب والجرائم الأخرى المخلة بالقانون الدولي. في قسم الأعمال التجارية وحقوق الإنسان التابع له، اشتغل المركز الأوروبي لسنوات عديدة على تجارة الأسلحة، مع التركيز أيضًا على مساءلة الجهات الفاعلة الاقتصادية في ما يتعلق بالنزاع في اليمن. كما يشارك المركز في تقديم العديد من الشكاوى الجنائية ضد شركات، تقع مقراتها في دول أوروبية مختلفة، لاحتمال تورطها في الجرائم الدولية المرتكبة في سياق النزاعات المسلحة، بما في ذلك تقديم التماس إلى المحكمة الجنائية الدولية في ديسمبر/ كانون الأول 2019.

شيربا؛ منظمة فرنسية لا ربحية تستخدم القانون لمكافحة الأشكال الجديدة المرتبطة بالعولمة للإفلات من العقاب، وكذلك للدفاع عن المجتمعات المحلية التي تقع ضحية الجرائم الاقتصادية وجرائم الشركات. ومن أجل تعزيز مساءلة الفاعلين الاقتصاديين، تضطلع شيربا بأنشطة الدعوة والتقاضي والبحث القانوني وبناء القدرات. التزمت شيربا منذ عدة سنين بمكافحة إفلات الشركات- التي تؤجج النزاعات المسلحة وتشارك في الجرائم الدولية- من العقاب، لا سيما من خلال تقديم شكاوى ضد شركة لافارج بسبب نشاطها في سوريا خلال الحرب الأهلية، وضد مصرف بي إن بي BNP لتواطؤه المحتمل في شراء الأسلحة من قبل الحكومة الرواندية خلال الإبادة الجماعية.

دعت منظمة العفو الدولية في فرنسا لسنوات عديدة إلى مناهضة شحن الأسلحة إلى منطقة النزاع، ولا سيما عن طريق الضغط على السلطات السياسية داخل الفرع التنفيذي للحكومة الفرنسية. والواقع أن تصدير المواد الحربية فريد من نوعه من حيث أنه محظور من حيث المبدأ، غير أن رئيس الوزراء يسمح به أيضا، كاستثناء. ومنذ بداية النزاع في اليمن قامت منظمة العفو الدولية في فرنسا بالضغط على نطاق واسع لوقف عمليات نقل الأسلحة إلى التحالف، ولا سيما من خلال حملة “الصمت، نحن نسلح”، والتي انتهت في فبراير/ شباط 2022 بأكثر من 145,000 توقيع سلمت للرئاسة الفرنسية، داعية إلى مزيد من الشفافية والضوابط على مبيعات الأسلحة.

7) ما هي الصلة بين هذه الشكوى المقدمة إلى المحاكم الفرنسية والالتماس المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

تستند الشكوى المقدمة في فرنسا إلى الوقائع المعروضة على المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في التماس قدمه المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR) ومواطنة لحقوق الإنسان، إلى جانب منظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى موجودة في أوروبا، في 11 ديسمبر/ كانون الأول 2019. يدعو الالتماس إلى إجراء تحقيق أولي في المسؤولية الجنائية المحتملة لكبار مسؤولي الشركات والحكومات في فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا بتهمة التواطؤ في جرائم الحرب لتزويد أعضاء التحالف المتهمين بارتكاب جرائم حرب محتملة بالأسلحة في اليمن. تتضمن الوثيقة المكونة من 350 صفحة أدلة على 26 هجمة جوية أسفرت عن مقتل أو إصابة مدنيين وتدمير أو إتلاف المدارس والمستشفيات وغيرها من الممتلكات المحمية.

بما أن صناعة الأسلحة تتميز بهيكلها العابر للحدود وغير الشفاف، فقد رفعت المنظمات غير الحكومية القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية لبدء التعاون القضائي بين سلطات التحقيق في البلدان المعنية. ومع هذه الشكوى في فرنسا، تدعو المنظمات غير الحكومية نظام العدالة الفرنسي إلى تدشين تحقيق في المساءلة المحتملة للجهات الفاعلة الاقتصادية الفرنسية، وكذلك المشاركة في جهود التعاون القضائي مع المحكمة الجنائية الدولية وسلطات التحقيق الوطنية في بلدان أوروبية أخرى منخرطة في الإنتاج المشترك للأسلحة المصدرة إلى التحالف.

8) هل يمكن تحميل الشركات المسؤولية الجنائية عن تصدير الأسلحة إذا حصلت على تراخيص التصدير من الحكومة؟

إن مسؤولية الشركات عن احترام جميع حقوق الإنسان، أينما حلّت، مسؤولية معترف بها صراحةً في إطار المعايير الدولية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان مثل مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، التي اعتمدها مجلس حقوق الإنسان بالإجماع في يونيو/ حزيران 2011، والمبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، التي اُعتمدت في يونيو/ حزيران 2000، بشأن المؤسسات المتعددة الجنسيات. وفقًا لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، فإن مسألة تواطؤ الشركات في انتهاكات حقوق الإنسان ” قد تنشأ عندما تسهم مؤسسة تجارية -أو يُنظر إليها على أنها تسهم- في الآثار الضارة التي تسببها أطراف أخرى على حقوق الإنسان”[11].

وعلاوة على ذلك، يجب على الشركات، في حالات النزاع المسلح، أن تحترم القانون الدولي الإنساني ولا يمكنها الاعتماد على الدول للوفاء بالتزاماتها. وبالتالي، فإن إصدار السلطات الحكومية لتراخيص التصدير لا يعفي الشركات من مسؤوليتها في الامتناع عن الانخراط في تصدير الأسلحة التي قد تستخدم لارتكاب جرائم ضد القانون الدولي. وفي حين أن إصدار ترخيص يتيح فرصة للتصدير في وقت معين، فإنه لا يلزم الشركة بالقيام بذلك. إن تصدير الأسلحة، حتى عندما تقره تراخيص التصدير، لا يُعد صفقة تجارية محايدة ولا يعفي الشركات من التزامها باحترام حقوق الإنسان في جميع عملياتها.

إضافة إلى ذلك، كثيرًا ما تمتد الفترات التي تغطيها تراخيص التصدير هذه لعدة سنوات، مما يتطلب من الشركات أن تكون أكثر يقظة في التقييم المتسق لمخاطر تيسير انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي قد تسهم فيها هذه الصادرات بمرور الوقت. وقد أتيحت للمديرين التنفيذيين في صناعة الأسلحة فرصة كبيرة على مدى السنوات السبع الماضية لاستعراض المعلومات العامة الواسعة النطاق والموثوقة التي توثق انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في اليمن، وعلى وجه التحديد ارتكاب جرائم محتملة ضد الإنسانية وجرائم حرب من جانب التحالف.

يجب على الشركات أن تأخذ هذه المعلومات في الاعتبار عند اتخاذ قرار بشأن تصدير منتجاتها أو تقديم خدمة صيانة، أو عند إعادة تقييم قراراتها الأولية المتعلقة بالتصدير.

9) هل يمكن أن تكون شركة مسؤولة عن المساعدة والتحريض على جريمة دولية أثناء ممارسة نشاط تجاري؟

وفقًا للمادة 121-7 من القانون الجنائي الفرنسي، فإن الشريك هو الشخص الذي أقدم عن علم، وعن طريق المساعدة أو المساندة، على تسهيل الإعداد لجريمة أو ارتكابها.

قضت محكمة النقض، المحكمة العليا الفرنسية، التي انعقدت في 7 سبتمبر/ ايلول 2021، في قرار يتعلق بأنشطة مجموعة لافارج في سوريا، بأن الشركة يمكن أن تكون متواطئة في جرائم ضد الإنسانية، حتى ولو لم توجد لديها نية المشاركة في ارتكاب الجرائم المذكورة أو الموافقة على الخطة الجنائية. ولكي يتم تصنيفها كشريك، رأت المحكمة أنه يكفي أن تكون الشركة على علم بقيام الجاني الرئيسي بالتحضير للجرائم أو بارتكابها، وأنها، بتقديم المعونة أو المساعدة، تكون قد سهلتها.

وشددت المحكمة على أن دافع الشريك غير ذي صلة؛ وبالتالي، فإن تصرف الشركة بهدف ممارسة نشاط تجاري لا يمنعها من أن تكون شريكًا في جريمة.

10) ما هي الأدلة التي تعتمد عليها الشكوى؟

الوقائع المعروضة في الشكوى هي نفس تلك التي وردت في الالتماس المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتتضمن بالتفصيل 26 هجمة جوية يمكن أن تشكل جرائم حرب.

في البداية، تم دعم الشكوى بالأدلة التي جمعتها مواطنة لحقوق الإنسان من حلال البحوث الميدانية في اليمن، بما في ذلك زيارة المواقع المتضررة من الغارات الجوية. جمعوا شهادات نساء ورجال شهدوا غارات التحالف الجوية ضد المدنيين والمنازل والإرث الثقافي والمستشفيات والمدارس وتضرروا منها. هذه الشهاداتُ تستكمل بالصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية، فضلا عن العديد من الوثائق والتقارير العامة التي كانت بمثابة مصادر.

علاوة على ذلك، تقدم الشكوى بيانات عن صادرات الأسلحة الفرنسية إلى السعودية والإمارات، كما أدرجت تقارير حكومية ووثائق عامة أخرى، بالإضافة إلى ذلك، تحدد الشكوى وتحلل هياكل الشركات المعنية، وحوكمتها وسياساتها المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات بصفة عامة.

11) هل اُتخذت أي إجراءات قانونية في فرنسا أو في بلدان أخرى بشأن مبيعات الأسلحة للتحالف؟

في المملكة المتحدة، شاركت منظمة العفو الدولية في مراجعة قضائية قدمتها حملة المنظمات غير الحكومية لمكافحة تجارة الأسلحة (CAAT) ضد وزير الدولة للتجارة الدولية، وطعنت في قرار الحكومة بمواصلة منح تراخيص صادرات المعدات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية. وفي 20 يونيو/ حزيران 2019، وجدت محكمة الاستئناف أن قرار منح هذه التراخيص كان “غير عقلاني وبالتالي غير قانوني” حيث فشلت الحكومة في تقييم ما إذا كان التحالف قد ارتكب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي. ردًا على ذلك، علّقت الحكومة البريطانية تراخيص تصدير الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع في اليمن. ومع ذلك، مُنحت الحكومة الإذن بالاستئناف أمام المحكمة العليا واستأنفت الصادرات في نهاية المطاف. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قدمت حملة CAAT طلبا جديدًا للمراجعة القضائية بشأن مشروعية استئناف صادرات الأسلحة.

في إيطاليا، قدمت مواطنة لحقوق الإنسان والمركز الأوروبي (ECCHR) وشبكة السلام ونزع السلاح شكوى في 17 أبريل/ نيسان 2018 ضد مديري شركة آر دبليو إم (RWM) الإيطالية وكبار المسؤولين في الهيئة الوطنية الإيطالية لتصدير الأسلحة. ووفقًا للمدعين، واصل المسؤولون التنفيذيون في الشركة والسلطات الإيطالية تصدير الذخائر التي تطلق من الجو لأعضاء التحالف وهم على دراية كاملة بخطر إمكانية استخدامها لارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي. قُتل ستة مدنيين بقنبلة (MK 80) صنعتها (RWM) في هجمة جوية في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 في دار الهجاري في اليمن، وما زال التحقيق القضائي مستمرًا.

في فرنسا، تم تقديم العديد من الملاحقات الإدارية ضد تراخيص تصدير مواد الحرب وتصاريح الخروج الجمركي لدول التحالف. في عام 2018، قدمت منظمة العمل من أجل الأمن الأخلاقي للجمهورية ((ASER، بالاشتراك مع المنظمات غير الحكومية: منظمة عمل المسيحيين من أجل منع التعذيب (ACAT- فرنسا)، ومنظمة أطباء العالم، والسلام من أجل اليمن، والعمل ضد الجوع، ومنظمة (شيربا) طلبًوا أمام القاضي الإداري الحصول على تعليق لصادرات الأسلحة الفرنسية لدول التحالف المتورطة في النزاع في اليمن. ومازالت الإجراءات مستمرة.

في بلجيكا، شرعت منظمتان غير حكوميتين (هيئة التنسيق الوطنية للعمل من أجل السلام والديمقراطية ورابطة حقوق الإنسان) في مراجعات قضائية ضد قرارات الوزير- رئيس والونيا- أفضت إلى عدة قرارات لمجلس الدولة (أعلى محكمة إدارية) من 2018 إلى 2020 أوقفت تراخيص تصدير أنواع مختلفة من المعدات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية.

——————————————————–

[1]  مشروع بيانات اليمن، https://www.yemendataproject.org/  (تمت استشارته في 14 يونيو/ حزيران 2022.)

[2]  المرجع نفسه.

[3]  انظر، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقرير فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين بشأن اليمن، حالة حقوق الإنسان في اليمن، بما في ذلك الانتهاكات والتجاوزات منذ سبتمبر/ أيلول 2014، A / HRC / 45/6، 28 سبتمبر/ أيلول 2020، الفقرة. 105 (أ) (يمكن الوصول إليه عبر الإنترنت:

https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=A%2FHRC%2F45%2F6&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False  (

[4]  المرجع نفسه، الفقرة. 46

[5]  المرجع نفسه، الفقرة. 25.

[6]  المرجع نفسه، الفقرة. 102.

[7]  المرجع نفسه، الفقرات. 94، 99.

[8]  برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقييم تأثير الحرب في اليمن: مسارات للتعافي، نوفمبر/ تشرين الثاني   2021 (يمكن الوصول إليه عبر الإنترنت:

https://www.undp.org/yemen/publications/assessing-impact-war-yemen-pathways-recovery).

[9] انظر، المنظمة الدولية للهجرة، يجب ألا ننسى اليمن: تتطلب المنظمة

الدولية للهجرة 159 مليون دولار أمريكي لاستدامة العمل المنقذ للحياة، 16 مارس 2022 (يمكن الوصول إليه عبر الإنترنت:

https://www.iom.int/news/yemen-must-not-be-forgotten-iom-requires-usd-159-million-sustain-life-saving-work ).

[10]  مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA، تقرير حالة اليمن، 11 يناير/ كانون الثاني 2022 (يمكن الوصول إليه على الإنترنت:

https://reports.unocha.org/en/country/yemen  ).

[11]  مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، التعليق على المادة 17، 2011.