أطلقت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، بالتزامن مع اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري الذي يوافق 30 أغسطس من كل عام،الوثائقي الحقوقي “بلاغ كاذب”، والذي يسلط الضوء على ضحايا الاختفاء القسري والتعذيب المميت على يد قوات جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ 21 سبتمبر 2014.
ويحكي الوثائقي ظروف مقتل مجاهد محمد علي الزيدي (22سنة) في محافظة إب وسط اليمن تحت التعذيب في سجن جهاز الأمن السياسي بمحافظة إب، بعد أن اقتاده مسلحون حوثيون رفقة اثنين من أشقائه من منزلهم وتعرضهم للاختفاء القسري لنحو 45 يوم.
ففي يوم الثلاثاء 22 ديسمبر 2015 عند الساعة 10:00 مساءً، قام 18 مسلحاً من جماعة الحوثي باقتحام منزل محمد علي الزيدي الواقع في قرية فروع بمديرية المشنة في محافظة إب بعد حصاره وإطلاق النار عشوائياً عليه. وقامت المجموعة المسلحة باعتقال الثلاثة الأشقاء خليل محمد الزيدي (28 سنة) والذي أصيب بطلق ناري في ساعده الأيمن، وأمير محمد الزيدي (24 سنة)، ومجاهد محمد الزيدي (22 سنة)، ومنع أي اتصال لهم بالعالم الخارجي طيلة فترة احتجازهم .
وذكر خليل الزيدي (28 سنة) في مقابلته مع منظمة مواطنة، من أنه بعد نقله إلى جهاز الأمن السياسي ترك هناك رغم اصابته. وذكر أمير الزيدي (24) أن تهم شفهية وجهت له كانتمائه إلى تنظيم داعش، وسُأل عن صلته بالتحالف العربي بقيادة السعودية، وصلته بحمود المخلافي (أحد قيادات المقاومة الشعبية في محافظة تعز) إلى جانب أسماء أخرى لا يعرفها بحسب المقابلة.
ويتحدث خليل الزيدي في الوثائقي الحقوقي “بلاغ كاذب” عن تعرضه للتعذيب باستخدام الكهرباء وعصا حديدية والركل والصفع. وظل التحقيق مستمراً معه وهو ينزف منذ اعتقالهم في حوالي الساعة 10:30 مساءً حتى الساعة 1:00 صباح اليوم التالي.
وشرح أيضاً عن ممارسات مهينة كحلاقة رؤوس المعتقلين في ليلة مولد النبي محمد “المولد النبوي”. وذكر بأنه عندما دخل الحلاّق إلى زنزانة أخيه مجاهد وجده ميتاً.
بعد 45 يوماً من الاختفاء القسري، تم الإفراج عن الشقيقين خليل الزيدي وأمير الزيدي بتاريخ 6 فبراير 2016، ولم يكونا حينها يعلمان بأن شقيقهما الأصغر مجاهد قد قضى تحت التعذيب. وأُبلغوا لاحقاً بأن ما تعرضوا له كان بسبب “بلاغ كاذب”.
ويُعد هذا السلوك انتهاكاً للمادة 48 (أ) من الدستور اليمني حيث تحظر هذه المادة تقييد الحرية الشخصية بغير قرار صادر عن محكمة مختصة.
وبموجب المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والذي صادقت عليه اليمن في عام 1987 “لكل فرد حق الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه”.
وتؤكدان المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وطبقاً للمادة 48 (ب) من الدستور اليمني، تنص على أنه “لا يجوز أن يسجن أي شخص أو يحتجز في غير الأماكن المخصصة لهذا الغرض ويحكمها قانون السجون”.
كما أن اليمن طرف في اتفاقيات جنيف الأربع 1949 والبرتوكول الإضافي المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية، (البرتوكول الثاني).
ويطلب القانون الانساني الدولي، من أطراف النزاع حماية الأشخاص في الحبس أو الاحتجاز من “التعامل بعنف مع الحياة والنفس، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والبتر، والمعاملة القاسية، والتعذيب” والاعتداء على الكرامة الشخصية وخاصة بإذلالها وبالمعاملة الحاطة بالكرامة”.
وتؤكد الفقرة 2 من المادة الثانية لاتفاقية مناهضة التعذيب بأنه لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو اية حالة من حالات الطوارئ العامة الاخرى كمبرر للتعذيب.
ويُعرف التعذيب في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث.
كما يُعرف الاختفاء القسري طبقاً للمادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري” على أنه الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.
وتعتبر المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية جريمة ضد الإنسانية كما تم تعريفها في القانون الدولي المطبق وتستتبع العواقب المنصوص عليها في ذلك القانون.
وقد تحققت منظمة مواطنة من 20 حالة تعذيب توفي فيها ثلاثة معتقلين جراء التعذيب تحت سلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وتركزت معظمها في محافظة إب وسط اليمن.
وفي تقريرها “ليسوا هنا” تحققت منظمة مواطنة لحقوق الانسان من 26 حالة اختفاء قسري و53 حالة اعتقال تعسفي نفذتها جماعة الحوثي ضد مدنيين مختلفين ومعارضين سياسيين لها.
تدعو منظمة مواطنة جماعة أنصار الله (الحوثيين) إلى الإفراج الفوري عن جميع المختفين قسرياً والمعتقلين تعسفياً في سجونها ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات بشكل عام وعن المسؤولين عن قائع التعذيب بشكل خاص.
وتجدد منظمة مواطنة لحقوق الإنسان بمطالبتها بإنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن.