بيان مشترك عن 48 منظمة حقوقية من 8 دول عربية
تطالب المنظمات الحقوقية العربية الموقعة أدناه، الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، والدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بالتحرك الفوري من أجل منع تطور الأحداث نحو جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة. وتؤكد على ضرورة أن تضطلع هذه الدول بمسئوليتها القانونية والسياسية، وتتقدم لمجلس الأمن بمشروع قرار في إطار البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات الحيوية فورًا، ووضع حد لاستخدام إسرائيل للتجويع كأداة حرب.
منذ اندلاع الأحداث الدامية في إسرائيل وفلسطين في 7 أكتوبر الماضي، أدلى الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، بعدد من التصريحات السياسية غير المسئولة التي تؤكد على حق إسرائيل المطلق، غير المشروط باحترام القانون الدولي، في الدفاع عن نفسها ردًا على هجمات حماس؛ دون اعتبار لأولوية حماية المدنيين التي يقتضيها القانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب، فضلاً عن مبدأ التناسبية الذي يطبق في النزاعات المسلحة للحد من الضرر الملحق بالسكان والبنية التحتية المدنية جراء العمليات العسكرية، ومبدأ التمييز الواجب مراعاته قبل توجيه الضربات العسكرية.
هذه التصريحات المتواصلة غير المسئولة تم تعزيزها بشكل مادي بإرسال أساطيل حربية، حتى بعدما باشر جيش الاحتلال عملياته الانتقامية موجهًا ضرباته العسكرية للمدنيين الفلسطينيين والمدارس والمستشفيات والملاجئ التابعة للأمم المتحدة بالمخالفة لكل القوانين الدولية، مخلفًا دمارًا هائلاً للبنية التحتية المدنية، ومحدثًا إصابات مروعة بين صفوف المدنيين بما في ذلك الأطفال والنساء. بل والأخطر، أن هذا الدعم غير المشروط لم يتراجع حتى بعد تصريحات علانية لقيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية تطالب بالتهجير القسري للمدنيين من غزة، وتتوعد بجرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، والذين وصفهم وزير الدفاع الإسرائيل وآف غالانت أنهم "حيوانات بشرية." هذا التخاذل الحكومي الدولي والعربي حتى عن إدانة هذه الخطابات التحريضية الحاضة على العنف والإبادة ونزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين، هو بمثابة ضوء أخضر لتواصل إسرائيل جرائمها بحق المدنيين في غزة والضفة، والتي تصل حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ففي 18 أكتوبر، جاء تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي متجاوبًا مع مخطط إسرائيل للتهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، لكن إلى صحراء النقب وليس إلى سيناء. بل وأعلن تفهمه لهدف تصفية مقاومة الاحتلال دون أن يطالب بجلاء الاحتلال .وبالمثل تخاذلت أغلبية الحكومات ا العربية عن استخدام ما تملكه من موارد وأدوات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وأدبية للضغط على إسرائيل وحلفائها لفك الحصار وضمان وقف إطلاق النار ومنع حرب الإبادة.
كما فشلت جامعة الدول العربية في اعتبار الحصار المفروض على غزه، بما في ذلك استخدم إسرائيل للتجويع كأسلوب حرب؛ جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. ولم يتضمن قرارها المتخاذل الصادر في 11 أكتوبر موقف عربي موحد إزاء هذه الجرائم. وبالمثل لم تتخذ المجموعة العربية أي مبادرة سواء في مجلس حقوق الإنسان أو في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار أو توصية بوقف إطلاق النار أو فتح ممرات إغاثة إنسانية. أما السلطة الفلسطينية الحالية فقد تحولت تدريجيًا إلى ذراع أمني للاحتلال تفتقر لأي شرعية وتستخدم فقط من قبل الاحتلال من أجل تقييد الحقوق والحريات بالضفة الغربية.
ورغم إدانتنا الصارمة لاستهداف مدنيين إسرائيليين وأجانب في هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وخطف مجموعات منهم كرهائن؛ إلا أننا نؤكد أن التصعيد الإسرائيلي الإجرامي ضد المدنيين ردًا على هذه الجرائم المرفوضة وما أسفر عنه من خسائر فادحة بين صفوف المدنيين، يتطلب من المجتمع الدولي نهجًا مختلفًا؛ يبحث بعمق في أسباب تفجر العنف وتكراره، ويحول دون عصف إسرائيل المتكرر بالقرارات والاتفاقيات الدولية، والتخاذل الدولي الممتد لعشرات السنوات عن محاسبتها وعن تمكين الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير والعودة.
أن نوعية الجرائم المرتكبة من سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال أكثر من 10 أيام ليست بجديدة، بل هي ممتدة ومتصاعدة لأكثر من نصف قرن. الأمر الذي أسفر عن مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، والتوسع في بناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وحصار قطاع غزة لأكثر منذ ١٨عاما بالتعاون مع الحكومة المصرية، ومصادرة حق الفلسطينيين في العودة وفي تقرير المصير. وبحسب التقارير الأممية المتعاقبة، تقاعست إسرائيل بشكل عمدي عن إجراء تحقيقات جنائية جادة حول هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل مسئوليها وقواتها بحق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الانتهاكات والجرائم المرتكبة خلال حملة «الجرف الصامد» و«مسيرة العودة الكبرى» و«عملية حراس الجدار» وعملية «بزوغ الفجر» وغيرهم. إذ تواصل إسرائيل الحفاظ على نظام تحقيق جنائي لا يلتزم بالمعايير الدولية ولا بإجراء تحقيقات شاملة وفعالة ومستقلة ونزيهة مع الجناة، خاصة من ذوي المناصب القيادية، والقادة العسكريين والمسئولين الحكوميين، فضلاً عن منعها دخول محققين دوليين لاستقصاء الجرائم المرتكبة في الأراضي المحتلة.كما أشارت الأمم المتحدة في العديد من تقاريرها؛ إلى اتباع إسرائيل سياسة شاملة للهندسة الديموغرافية ومنح الأراضي والموارد لمواطنيها من اليهود فقط، بعد انتزاعها من الفلسطينيين، وحرمانهم، بمن فيهم اللاجئين، من حقوقهم الأساسية غير القابلة للتصرف في ممارسات تصل حد جريمة الفصل العنصري، وسط إفلات تام من العقاب.
وبناء على ذلك تطالب المنظمات العربية الموقعة أدناه بما يلي:
المنظمات الموقعة: