على مجلس الأمن ضمان المساءلة لأجل اليمن

في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أَطلَعَ فريق الخبراء البارزين مجلس الأمن، في جلسة مغلقة، على تقريره الصادر في سبتمبر/ أيلول 2020، وعنوانه (جائحة الإفلات من العقاب في أرض معذبة)، ودعا فيه فريق الخبراء مجلس الأمن إلى إحالة الوضع في اليمن للمحكمة الجنائية الدولية

February 18, 2021

17 فبراير/ شباط 2021

سعادة السفراء والسفيرات،

نحن، المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه، نوجه لكم نداءً عاجلاً كأعضاء في مجلس الأمن، من أجل تمهيد الطريق نحو تحقيق العدالة في اليمن. إذ ينبغي على مجلس الأمن اتخاذ خطوات ملموسة فوراً لتعزيز استراتيجية شاملة ذات مصداقية لضمان المساءلة والإنصاف في اليمن، وذلك من خلال تنفيذ توصيات فريق الخبراء الأمميين البارزين المعني باليمن، لضمان تقديم مرتكبي الجرائم الدولية للعدالة وحماية حق الضحايا في الانصاف (بما في ذلك التعويضات). وتنفيذ توصيات لجنة خبراء العقوبات بشأن اليمن المنبثقة عن مجلس الأمن، من أجل التصدي للإفلات من العقاب الذي تسبب في تدهور النزاع وتردي الوضع الإنساني في البلاد.

في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أَطلَعَ فريق الخبراء البارزين مجلس الأمن، في جلسة مغلقة، على تقريره الصادر في سبتمبر/ أيلول 2020، وعنوانه (جائحة الإفلات من العقاب في أرض معذبة)،[1] ودعا فيه فريق الخبراء مجلس الأمن إلى إحالة الوضع في اليمن للمحكمة الجنائية الدولية، وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن. كما دعا إلى دمج اعتبارات حقوق الإنسان للنزاع في اليمن بشكل كامل في جدول الأعمال الشهري المنتظم للمجلس، وهي توصية عززتها لجنة العقوبات في تقريرها الصادر في يناير/ كانون الثاني 2021.[2]

دخلت الحرب في اليمن عامها السادس، وتسببت فيما وصفته الأمم المتحدة بـ “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”. وقد تفاقم الوضع الإنساني المتدهور بشكل خطير في اليمن، بسبب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل جميع أطراف النزاع المتحاربة، بما في ذلك جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والجماعات التابعة لها، والتحالف بقيادة السعودية والإمارات وجماعات تابعة لهذا التحالف على الأرض. في ظل غياب تام لأية جهود موثوقة لتحقيق المساءلة، تستمر الانتهاكات، ويتزايد كفاح المدنيين من أجل البقاء.

منذ عام 2014، وثقت العديد من المنظمات المحلية والدولية لحقوق الإنسان، بالإضافة لفريق الخبراء البارزين، ولجنة العقوبات المنبثقة عن مجلس الأمن، مجموعة واسعة من الانتهاكات، بما في ذلك هجمات جوية وبرية عشوائية، واستخدام الألغام الأرضية، وهجمات على مرافق صحية، وتجنيد الأطفال، والاحتجازات التعسفية، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي والجنساني. كما تشير المعلومات التي جمعها فريق الخبراء البارزين ولجنة العقوبات، على مدار السنوات الثلاث الماضية، إلى تورط مسؤولين من جميع أطراف النزاع في مجموعة من الجرائم الدولية المحتملة.

في تقريره الأخير، شدد فريق الخبراء البارزين على أن المجتمع الدولي يمكنه بل ينبغي عليه فعل المزيد لسد ما وصفه بــ “فجوة المساءلة الحادة” في اليمن.[3] بالإضافة إلى إحالة الوضع في اليمن للمحكمة الجنائية الدولية وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن. كما أوصى فريق الخبراء البارزين بتشكيل هيئة تحقيق مستقلة بشأن اليمن، على غرار الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي تساعد في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن أخطر الجرائم المرتكبة بموجب القانون الدولي في سوريا منذ 2011.

كما أوصى فريق الخبراء البارزين دول الطرف الثالث بالتعاون، وتفعيل إجراء محاكمات الولاية القضائية العالمية عند الاقتضاء. وعلى المدى الطويل، شجع فريق الخبراء البارزين “مزيدًا من الحوار حول تشكيل محكمة خاصة، مثل المحكمة المختلطة لمقاضاة الأشخاص الأكثر مسؤولية”.[4] وكرر فريق الخبراء البارزين الإشارة إلى أهمية حق الضحايا في الإنصاف، بما في ذلك التعويضات، ودعا إلى وضع اعتبارات حقوق الإنسان “في صميم أي مفاوضات سلام مستقبلية” حتى لا يتم اتخاذ خطوات تسفر عن تقويض احترام حقوق الإنسان والمساءلة، مثل “منح عفو شامل”.[5]

أشار التقرير الأخير للجنة العقوبات المنبثقة عن مجلس الأمن إلى أن “انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي المستمرة والواسعة، مع الإفلات من العقاب،” تمثل أحد العوامل الثلاثة التي ساهمت في الكارثة في اليمن.[6] كما ذكر أنه “منذ بداية النزاع، لم تكن هناك مبادرة حقيقية لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات. إذ أدى غياب سيادة القانون والخلل في النظام القضائي إلى إفساح المجال للإفلات من العقاب والمساهمة في تكرار الانتهاكات”.[7] كما دعت لجنة العقوبات مجلس الأمن إلى “تضمين قراره القادم نص صريح يشدد على وجوب محاسبة جميع المسؤولين عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني… لمنع الإفلات من العقاب وضمان المساءلة الكاملة”.[8]

المنظمات الموقعة أدناه تكرر دعوتها لمجلس الأمن للوفاء بولايته والمبادرة بتنفيذ توصيات فريق الخبراء البارزين، وتحديدًا إحالة الوضع في اليمن للمحكمة الجنائية الدولية وتوسيع نطاق الأشخاص الخاضعين للعقوبات. كما ندعو مجلس الأمن إلى اتخاذ خطوات استباقية لدمج اعتبارات حقوق الإنسان في النزاع، من خلال دعوة فريق الخبراء البارزين لتقديم تقريره السنوي رسميًا للمجلس، واستضافة مدافعين حقوقيين يمنيين بصفة منتظمة ليحيطوا المجلس علمًا بالمستجدات، وإصدار قرار موضوعي يتعلق بالانتهاكات المستمرة للقانون الدولي في اليمن، يستشهد بالنتائج التي توصل إليها فريق الخبراء البارزين ولجنة العقوبات المنبثقة عن مجلس الأمن.

الوعد بالمساءلة الجدية والانصاف هما الضامن الحقيقي الوحيد لسلام دائم في اليمن. ففي غياب العدالة، سيستمر عمل ذات الأفراد والكيانات الذين تسببوا بالفعل في معاناة لا توصف للمدنيين في اليمن – بما في ذلك تقويض السلام والاستقرار في البلاد. لقد هدد هذا السلوك، الذي شجعه الإفلات من العقاب، اليمن والمنطقة والنظام الدولي بأكمله.

الموقعون

  1. مواطنة لحقوق الإنسان
  2. منظمة العفو الدولية
  3. أفاز
  4. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  5. عيادة حقوق الإنسان في كلية كولومبيا للحقوق.
  6. مركز الخليج لحقوق الإنسان
  7. المركز العالمي للمسؤولية في الحماية
  8. هيومن رايتس ووتش
  9. الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
  10. منظمة مساءلة لحقوق الإنسان
  11. باكس
  12. أطباء من أجل حقوق الإنسان
  13. سيفرورلد
  14. منظمة وتش ليست المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]الأمم المتحدة ، مجلس حقوق الإنسان ، حالة حقوق الإنسان في اليمن ، بما في ذلك الانتهاكات والتجاوزات منذ سبتمبر 2014 ، A/HRC /45/6 (28 سبتمبر 2020) ، متاح على https://www.ohchr.org/Documents/HRBodies/HRCouncil/GEE-Yemen/2020-09-09-report.pdf.

[2]مجلس الأمن، التقرير النهائي لفريق الخبراء الأمميين البارزين المعني باليمن، S/2021/79 (25 يناير 2021)، متاح على https://undocs.org/S/2021/79.

[3]حالة  حقوق الإنسان في اليمن، صفحة 16.

[4]المرجع نفسه.

[5]المرجع نفسه.

[6]التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن، صفحة 2.

[7]المرجع نفسه، صفحة 3.

[8]المرجع نفسه، صفحة 47.