ورقة بحثية لمقاربة الإشكاليات وتصور الحلول
أطلقت مواطنة لحقوق الإنسان، بالشراكة مع عيادة سميث لحقوق الإنسان التابعة لكلية الحقوق بجامعة كولومبيا، ورقة بحثية بعنوان (جرائم الاختفاء القسري مقاربة: الإشكاليات وتصور الحلول،) بالتزامن مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، الذي يوافق 30 أغسطس/آب من كل عام. الورقة تسلط الضوء على جرائم الاختفاء القسري التي ارتكبتها السلطات المتعاقبة، على مدى عقود، في اليمن، بما في ذلك جرائم الاختفاء القسري التي ارتكبت منذ ستينيات القرن الماضي وحتى فترة النزاع المسلح الجاري الذي بدأ في سبتمبر/أيلول 2014.
ركزت الورقة على بحث الآليات الممكنة لمعالجة ملف الاختفاء القسري الثقيل في اليمن، في إطار برامج العدالة الانتقالية في مرحلة ما بعد النزاع، وناقشت الإشكاليات والتحديات المتعلقة بالغياب الكامل لآليات المساءلة، والكشف عن الحقيقة، والكشف عن المصير، وآليات جبر الضرر عن الانتهاكات المُرتكبة على مدى العقود السابقة وحتى اللحظة.
واستعرضت الورقة تجارب التعامل مع ملف الاختفاء القسري، وجهود الكشف عن الحقيقة، في كل من سوريا وسريلانكا والأرجنتين وكولومبيا، وذلك باعتبار هذه البلدان سياقات عانت من جرائم الاختفاء القسري على مدى عقود ومن قبل سلطات مختلفة. كما تمكنت من تطوير آليات فعالة للتعامل مع هذه الملفات، وذلك للاستفادة منها والاسترشاد بها عند العمل على تصميم البرامج المتعلقة بملف الاختفاء القسري في اليمن في مرحلة ما بعد النزاع.
قالت رضية المتوكل رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "لقد حان الوقت للبحث في السبل الممكنة لمعالجة ملف الاختفاء القسري في اليمن، والعمل من أجل مستقبل خال من هذا الانتهاك الوحشي وآثاره وتبعاته." وأضافت: "إن دراسة التجارب الأخرى التي تتشابه في بعض جوانبها مع التجربة اليمنية مهمة لمعرفة تاريخ الشعوب في التعامل مع القضايا المعقدة كحال الاختفاء القسري في اليمن، والتحديات التي واجهتها وسبل تجاوزها، ومعرفة الأخطاء التي صاحبت تجاربها تلك لتجنبها."
وذكرت مواطنة أن هذه الورقة تأتي ضمن جهود المنظمة لمقاربة عناصر وموضوعات العدالة الانتقالية الملحة، والتي يمكن من خلالها توفير مدخلات مدروسة وسليمة لتوجيه برامج العدالة الانتقالية في اليمن، وضمان فاعليتها، بما يمكن من تحقيق سلام مستدام، تصان في ظله كرامة الأفراد وحرياتهم، ويحول دون تكرار انتهاكات حقوق الإنسان على رأسها الاختفاء القسري في المستقبل.
وأشارت مواطنة إلى أن هناك آلاف الضحايا من اليمنيين لا يزالون رهن جرائم الاختفاء القسري، بصفتهم ضحايا لدورات الصراع السياسي. كما أشارت إلى أن هذه جرائم مستمرة تتوارثها السلطات والأطراف التي تعاقبت على السلطة وعلى قيادة الأجهزة الأمنية وأقبيتها وسجلاتها وإرثها المثقل بضحايا الاختفاء القسري، من مختفيين قسريا وعائلات وأحباء ومجتمع. هذا بالإضافة إلى المئات من ضحايا الاختفاء القسري، من مختفيين قسريا وعائلات وأحباء ومجتمع، لدورة الصراع الحالية، بكل أطرافها المحلية والإقليمية.
ودعت مواطنة المجتمعَ الدولي والأمم المتحدة والجهات والمؤسسات الدولية العاملة في اليمن إلى العمل على أن تتضمن جهودها وتدخلاتها في اليمن معالجات شاملة لجرائم الاختفاء القسري، والكشف عن المصير، وجبر الضرر، والمساءلة والتعويض، وتخليد الذكرى في إطار عدالة انتقالية شاملة، ومساندة العائلات والمجتمع، بما في ذلك تشكيل آلية جنائية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، على رأسها الاختفاء القسري، والعمل على تعزيز آليات عمل مؤسسات المجتمع المدني المستقلة في الرقابة على قطاعي الأمن والعدالة ورفع الوعي وبناء القدرات.