يجب السماح بالوصول الآمن للمساعدات الانسانية الى المدنيين في قطاع غزة فوراً
صنعاء -
قالت مواطنة لحقوق الإنسان إنّ على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لإنهاء أشكال العقاب الجماعي على سكان قطاع غزة، وضمان الوصول الآمن والفوري للإمدادات والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، من أجل وضع حدٍّ لتفاقم الآثار الكارثية التي لحقت بالمدنيين؛ بسبب فرض إسرائيل قيودًا مشددة على تدفق المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية والسلع الأساسية والوقود، إلى مئات الآلاف من سكان قطاع غزة، ونتيجة قطع إمدادات المياه والكهرباء والإنترنت عن القطاع، الذي يعتمد 80% منه على المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الأمم المتحدة بشكل أساسي، بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ العام 2005، حيث ترقى عملية منع وصول المساعدات والعقاب الجماعي إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، طبقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والقانون الدولي الإنساني.
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وعقب هجوم واسع شنّته حركة حماس على منطقة غلاف غزة، والأراضي الفلسطينية المحتلة، قُتل فيه ما يقارب 1400 إسرائيلي، بينهم مدنيّون، شنت القوات الإسرائيلية مئات الهجمات المدمرة على قطاع غزة، مما أدّى إلى مقتل ما لا يقل عن 9770 فلسطينيًّا، بينهم 4800 طفل و2550 امرأة و596 مُسِنًّا، وجرح أكثر من 24 ألف آخرين، وتسبّبت بالنزوح الداخلي لـ(1.6) مليون من سكان القطاع، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية منذ اليوم الأول لهذه الهجمات وبالتزامن معها، عن قطعها الكامل لإمدادات المياه والكهرباء والإنترنت عن سكان القطاع، ومنعت دخول قوافل المساعدات والسلع الأساسية من الغذاء والوقود والإمدادات الطبية اللازمة، بصورة نهائية لمدة 15 يومًا. وعقب مساعٍ وجهود متعددة والعديد من الوساطات، سمحت بإدخال بعض المساعدات ابتداء من 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عبر معبر رفح الحدودي مع جمهورية مصر ولساعات معينة وبصورة محدودة، حيث سُمح بدخول 20 شاحنة يوميًّا للقطاع كحدٍّ أقصى، في حين أنّ هناك حاجة لدخول ما بين 100 إلى 200 شاحنة يوميًّا، حسب ممثل منظمة اليونيسف في مصر، وهو ما يعني أنّ هذه المساعدات لا تُلبي الحدّ الأدنى من الاحتياجات الضرورية والملحة.
وبالتزامن مع اشتداد الهجمات التي تشنّها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، استهدفت بالقصف عدة مرات معبر رفح الحدودي (جنوب مدينة غزة)، الذي يعد الشريان الوحيد لدخول السلع والمساعدات والإمدادات الطبية إلى قطاع غزة، ومن ذلك استهداف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية للمعبر ثلاث مرات، بين يومي التاسع والعاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الأمر الذي أدّى إلى إغلاقه بشكل كامل في ظل وجود عشرات الشاحنات من المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية، على الجانب المصري من معبر رفح. قالت رضية المتوكل: "إن المشاهد التي نراها والنداءات التي تتكرر من المستشفيات والوكالات والمنظمات الأممية والمؤسسات الإنسانية الدولية العاملة في غزة مثيرةٌ للهلع، كيف يمكن للعالم أن يغض الطرف عن كل تلك الانتهاكات التي تطال المدنيين كل يوم، لقد قُصفت المستشفيات بلا رحمة، والأعيان المدنية، والمدارس، والملاجئ، ومقرات المؤسسات الإنسانية، والصحفيين، وقُلصت فرص الحصول على الاحتياجات الأساسية إلى الحد الأدنى، وحُرم الكثيرون من الرعاية الطبية اللازمة بسبب نقص الإمدادات ومنع وعرقلة وصولها للسكان المدنيين في قطاع غزة من قبل إسرائيل"، وأضافت المتوكل: "وجد المدنيّون من سكان القطاع أنفسَهم أمام قوةٍ لا تردعها القوانين ولا الأعراف المُلزمة، فقد ضربت القوات الإسرائيلية بالمبادئ والقواعد القانونية الدولية عرض الحائط، في ظلّ صمت وتأييد دوليّ واسع، وهو وضع يجب أن ينتهي على الفور". لقد تسبّب منع وصول المساعدات الإنسانية وبالحجم الذي يلبي احتياجات مئات الآلاف من السكان المدنيين بتفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وفَقْد مئات الجرحى من المدنيين حياتهم وحرمان المتبقِين منهم من أبسط الحقوق في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية. وفي ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع، أطلقت المستشفيات نداءات استغاثة؛ نظرًا لانقطاع المياه والإمدادات الطبية والوقود، الذي بدوره يقف عائقًا دون تشغيل الأجهزة الطبية، وحذرت المستشفيات من خروجها عن الجاهزية بسبب تصاعد أعداد المُصابين مقابل النقص الحادّ في الإمدادات، حسب تأكيدات منظمة الصحة العالمية، في حين أنّ المساعدات غير كافية على الإطلاق لتلبية احتياجات السكان الآخِذة في التزايد بشكل كبير، طبقًا لتصريح سيندي ماكين- رئيسة برنامج الأغذية العالمي، عقب زيارتها لمعبر رفح في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بالإضافة إلى ما تسبّبت به عمليات العنف المستمرة والمتصاعدة من انهيار لجميع القطاعات الإنتاجية والخدمات الاجتماعية الأساسية والبنية التحتية، وقطع السبل أمام المدنيّين من سكان القطاع في الحصول على أبسط مقومات الحياة.
وبالإضافة إلى عملية منع إسرائيل وصولَ المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، استهدفت هجماتها العاملين في المجال الإنساني، حيث قتل منذ بدء العملية العسكرية في غزة 89 عاملًا لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحظر بشكل صارم منعَ وصول المساعدات الإنسانية للسكان المحاصَرين في حالات النزاع المسلح، ويجرّم استهداف العاملين الإنسانيين تحت أي ظرف أو مبرر. ودعت مواطنة لحقوق الإنسان المجتمعَ الدولي، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ومجلسي الأمن وحقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة والمنظمات الحقوقية والناشطين والحقوقيين حول العالم، إلى النهوض بأدوارهم في العمل على الوقف الفوري للانتهاكات المروعة، وضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية وبصورة كافية تلبي احتياجات المدنيين من سكان القطاع، وإعادة إمدادات المياه والكهرباء والإنترنت والاتصالات التي قامت إسرائيل بقطعها عن سكان القطاع منذ بَدء عمليتها العسكرية، وتشكيل لجانٍ مستقلة للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكَبة، بما يضمن مساءلة المنتهِكين ومحاسبتهم، وإنصاف الضحايا وجبر ضررهم.