يجب إخلاء المدارس، والتوقف عن استهدافها واستخدامها، وتوفير بيئة آمنة للأطفال؛ لتلقي تعليمهم بسلام
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، بالتزامن مع اليوم الدولي للتعليم، الذي يوافق 24 يناير من كل عام، أنّ حالة التعليم في اليمن، باتت كارثية، وبشكل غير مسبوق، بعد تسع سنوات من النزاع المسلح، وأنّ آلاف المدارس، لم تعُد تؤدّي ولو الحد الأدنى من مهامها التعليمية، بسبب جُملة من الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف الحرب، تجاه قطاع التعليم؛ منها الهجمات الجوية والأرضية، التي أدّت إلى التدمير الكلي أو الجزئي للمئات من المدارس والمرافق التعليمية، أو نتيجة التواجد العسكري داخل المدارس والمرافق التعليمية، واستخدامها العسكري، حيث ما زالت عشرات المدارس والمرافق التعليمية تحت سيطرة الأطراف المتحاربة، أو نتيجة تخلي سلطات الأمر الواقع عن تسليم مرتبات عشرات الآلاف من المعلمات والمعلمين، أو نتيجة فرض أطراف الحرب دعايتها الحربية والأيديولوجية على طالبات وطلاب المدارس.
منذ يناير 2015 وحتى ديسمبر 2023، وثّقت مواطنة حوالي 700 واقعة انتهاك ضد المدارس والمرافق التعليمية، قامت به جميعُ أطراف النزاع في اليمن، وتنوّعت هذه الانتهاكات ما بين احتلال وقصف واستخدام عسكري، بالإضافة إلى العديد من الممارسات التي تضافرت في تقويض العملية التعليمية.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "لقد شكّلت الانتهاكاتُ المتعددة التي طالت التعليم والمنشآت التعليمية ضربات خطيرة لمستقبل اليمنيات واليمنيين، وليست فقط لحقوقهم وحياتهم في الوقت الحاضر، وهي من أبرز مظاهر النزاع في اليمن، في الوقت الذي كانت فيه تكافح من أجل محاربة الأمية".
وأضافت المتوكل: "يجب على أطراف النزاع تجنيب المؤسسات التعليمية الصراع، كما يجب على المسلحين الذين لا يزالون يستخدمون المدارس، أن يتركوها لأطفالهم كي يتلقوا تعليمهم؛ حتى يضمنوا مستقبلًا أفضل لأبنائهم".
منذ اندلاع النزاع المسلح أواخر العام 2014، بعد قيام جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالسيطرة على العاصمة صنعاء بقوة السلاح، تصاعدت أعمال العنف، وبلغت ذروتها في مطلع العام 2015، مع بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فشهدت المدارس والمرافق التعليمية أشكالًا مختلفة من الانتهاكات، حيث قامت جماعة "أنصار الله"، والقوات الحكومية، بما في ذلك القوات التابعة لحزب الإصلاح، وقوات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، وكذا الجماعات المسلحة المدعومة إماراتيًّا، بما في ذلك قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، بشنّ هجمات على مدارس واحتلالها واستخدامها لأغراض عسكرية، بما في ذلك استخدامها كقواعد ومواقع إطلاق نار ومراكز احتجاز.
وخلّف النزاعُ المسلح أضرارًا بالغة بقطاع التعليم، طالت جميع عناصر المنظومة التعليمية، حيث وجد آلاف الطلاب أنفسهم بلا مدارس أو معلِّمين، فيما أجبر الدمار آلافَ الأطفال الآخرين على تلقي دروسهم في العراء. وعمل انقطاع الرواتب، وانخفاض المعلمين في المناطق الخاضعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، على تدهور مريع في العملية التعليمية برمتها، وقد مرت العملية التعليمية بمرحلة عصيبة، ولم تكن يومًا على المحك مثل ما هي عليه الآن.
فقد قامت جماعة أنصار الله (الحوثيين) بفرض تعديلات أُحادية على المناهج الدراسية، كما قامت الجماعة باستخدام المدراس الخاصة والحكومية بشكل واسع لإقامة فعاليات دينية وسياسية.
ومع انزلاق اليمن نحو الحرب، أخذت المدن والمناطق السكنية في شمال البلاد وجنوبها، تتحول على نحو متزايد إلى ساحات للقتال؛ الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع أعداد المدارس التي تم تدميرها أو استخدامها، فضلًا عن تضرر الأطفال، لا بوصفهم ضحايا للعمليات العسكرية، فحسب، بل كمجندين تم استخدامهم في النزاع.
تشدّد قواعد المواثيق الدولية على حماية التعليم أثناء النزاعات المسلحة، وقد اتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خطواتٍ عدّة مهمّة، لحماية التعليم من الهجمات؛ من بينها قرار المجلس رقم 2601 (2021)، الذي أدان الهجمات على المدارس والمرافق التعليمية والمدنيين المرتبطين بها، وحثّ الدول الأعضاء على وضع تدابير لمنع الهجمات والتصدي لها.
تجدّد مواطنة دعوتها لكافة أطرافِ النزاع، إلى التوقف فورًا عن استخدام المدارس واستهدافها، وتجنيب الأطفال ويلات الصراع، وتوفير بيئة آمنة لكي يتلقّوا تعليمَهم بسلام.