الاختفاء القسري في اليمن نتيجة مباشرة للإفلات من العقاب
يوافق 30 أغسطس، اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، وبهذه المناسبة، يعيد الموقعون أدناه، بما فيهم المنظمات والجمعيات والشبكات المحلية والإقليمية والدولية، التأكيد على أن تفشي الاختفاء القسري في اليمن، يعد نتيجة مباشرة للإفلات من العقاب الذي يحظى به جميع أطراف النزاع.
فمنذ بداية النزاع في 2014، والتصعيد العسكري في 2015، تواصل الجهات الفاعلة ارتكاب جرائم الإخفاء القسري في كافة أنحاء اليمن، إلى جانب ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وتضم هذه الجهات التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات، وجماعة أنصار الله (الحوثين)، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والسلطات الموالية لحزب الإصلاح، والقوات الإماراتية والجماعات المدعومة من الإمارات، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة. وفي الوقت نفسه، يتواصل إفلات الجناة من العقاب.
وحسبما تؤكد منظمات المجتمع المدني،[1] فإن أطراف النزاع احتجزت مئات اليمنيين في مراكز احتجاز، رسمية وغير رسمية، حيث اختفى وعُذب محتجزون، وتوفي بعضهم أثناء الاحتجاز. وبحسب المحامي الحقوقي اليمني عبد المجيد صبره، فإن «الاختفاء القسري والانتهاكات الأخرى التي يواجها المدنيون، بما في ذلك الأكاديميون والصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان أو المعارضة المفترضة، تستهدف فرض الصمت فيما يتعلق بانتقاد السلطات، وتعزيز قبضتها من خلال نشر الخوف». وتضيف رضية المتوكل، المؤسس المشارك لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان، أن «القضاء اليمني عاجز عن محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة، ولا سلطة له على مرتكبي الجرائم من غير اليمنيين. كما أن السلطة القضائية المحلية غير قادرة على ربط جرائم محددة بالجناة، وإثبات تسلسل الحيازة للأدلة التي تجمعها لتلبية المعايير القانونية المطلوبة».
وفي هذا السياق، تقول سارة العريقي، الباحثة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أنه «على المجتمع الدولي منح الأولوية القصوى لتشكيل آلية مساءلة جنائية دولية لجمع الأدلة وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات القضايا والتواصل مع ضحايا الانتهاكات والجرائم الخطيرة، بما في ذلك الاختفاء القسري؛ تمهيدًا لمحاسبة الجناة».
كان فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، قد توصل –من خلال الحالات محل التحقيق– لأن «أطراف النزاع تواصل ارتكاب جرائم الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، في انتهاك واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وقد تصل هذه الأفعال أيضًا مرتبة جرائم الحرب، بما في ذلك المعاملة القاسية والتعذيب، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والتعديات على الكرامة الشخصية». ويضيف تقرير فريق الخبراء الأمميين، أنه في العديد من الحالات التي تم التحقيق فيها «تُرتكب هذه الانتهاكات بحق أشخاص يُنظر إليهم على أنهم ضد طرف معين في النزاع، ومن بينهم المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون».
في سياق متصل، لا يزال حق الضحايا وأسرهم والمجتمع في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان جانبًا مهملًا من جوانب الصراع في اليمن. تقول إحدى أمهات المعتقلين في أبين عن ابنها البالغ من العمر 26 عامًا قائلةً «اختطفوا ابني، وأخفوه، وعذبوه وقتلوه دون تهمة أو محاكمة، ثم دفنوا جثمانه ولم أتمكن من رؤيته». مضيفةً «بحثت عنه في أهم مراكز الاعتقال والسجون الأمنية والإدارات في أبين وعدن. وسألت جميع قادة الحزام الأمني الذين أعرفهم في أبين، وجميعهم لم يعرفوا مكان ابني منذ اختطافه، ولم أستطع مجرد معرفة التهمة الموجهة له».
ورغم ما نص عليه اتفاق ستوكهولم للسلام في 2018، بشأن موافقة أطراف النزاع على تبادل 15.000 معتقل، إلا أن الأمر اقتصر على تبادل 1056 معتقلاً فقط في أكتوبر 2020، في صفقة مدعومة من الأمم المتحدة بتيسير من مكتب مبعوث الأمين العام الخاص باليمن ولجنة الصليب الأحمر الدولية. كما شهدت عدة مناطق في اليمن إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين تعسفيًا من جانب الوسطاء المحليين. ورغم الإقرار بأهمية هذه الجهود، إلا أنها لا تزال غير كافية؛ مقارنة بالعدد الهائل من الأشخاص الذين لا يزالون محتجزين تعسفيًا والمخفيين قسرًا من جانب أطراف النزاع.
وعليه، تدعو المنظمات الموقعة أدناه الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى:
كما تناشد المنظمات الموقعة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة؛
○ إلغاء جميع أحكام الإعدام.
○ ضمان المشاركة الديناميكية والمنتظمة مع المجتمع المدني اليمني، والتركيز على مطالبهم وتطلعاتهم بشأن آليات صنع السياسات في اليمن.
○ الكشف عن مصير المختفين واتخاذ خطوات عاجلة للتحقق من بيانات المحتجزين.
○ تزويد أماكن الاحتجاز بمنشآت صحية ملائمة، وضمان وصول المحتجزين المنتظم للمرافق الصحية وحصولهم على الرعاية الصحية سريعة الاستجابة، بما في ذلك إتاحة اختبارات كوفيد-19 والتدخل الطبي المناسب دون تمييز.
○ ضمان وصول مراقبي ظروف ومرافق الاحتجاز المعترف بهم إلى جميع أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، والوقوف على أوضاعها.
○ ضمان الحق في محاكمة عادلة للمحتجزين، وإمدادهم بوسائل التواصل مع العالم الخارجي والحصول على استشارة قانونية.
○ إعداد وحفظ ملفات وسجلات السجون في جميع مواقع الاحتجاز، بما في ذلك المواقع غير الرسمية، بما يتضمن تاريخ ووقت ومكان اعتقال كل شخص محتجز، واسمه وسبب احتجازه، واسم الوحدة أو الكيان المسئول عن الاحتجاز. وإتاحة هذه السجلات للأسر والمحامين، ولأولئك الذين لديهم مصلحة مشروعة في هذه المسألة. فضلاً عن توثيق جميع عمليات نقل المحتجزين في هذه السجلات، بما في ذلك المنقولين إلى خارج البلاد.
○ نشر قوائم رسمية بأسماء جميع المحتجزين الذين لقوا حتفهم في في مرافق الاحتجاز والسجون، بما في ذلك مواقع الاحتجاز غير الرسمية، وإصدار شهادات وفاة لجميع المحتجزين المتوفيين على أساس فحوص الطب الشرعي الشاملة، وإتاحة هذه الوثائق بسهولة لذويهم .
○ ضمان تزويد المحتجزين بوسائل التواصل مع العالم الخارجي إذا تم تعليق الزيارات الشخصية، وضمان حصولهم على حقهم في الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك الحق في الطعن على قانونية احتجازهم، وعدم التأخر في فحص الطعون والذي من شأنه أن يجعل احتجازهم تعسفيًا.
قائمة الموقعين:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] منذ عام 2016، وثقت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان 1,605 حالة احتجاز تعسفي و770 حالة اختفاء قسري و344 حالة تعذيب، بما في ذلك 66 حالة وفاة في مراكز الاحتجاز، وذلك في جميع أنحاء اليمن. في الظلام، متاح على: في الظلام: الاعتقال التعسفي والاختفاء والتعذيب في السجون اليمنية غير الرسمية (مايو 2016 – أبريل 2020) [عربي وانجليزي] – اليمن | ريليف ويب (أبريل 2020).
تقرير السنوي لرابطة الامهات المعتقلين Mothers Association Report for2017.pdf (ama-ye.org) (ديسبمر، 2017)
قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق ما لا يقل عن 5 حالات لمحتجزين من المَهْرة والمنقولين بشكل غير قانوني إلى المملكة العربية السعودية، متوافر على: اليمن: القوات السعودية تعذب “وتخفي” اليمنيين | هيومن رايتس ووتش (hrw.org) (مارس 2020).
ووثق مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حالات انتهاكات ضد المدنيين، بمن فيهم ذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأكاديميين في اليمن، بما في ذلك الاختفاء القسري والتعذيب. متاح على: الانتهاكات ضد المدنيين، بمن فيهم الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأكاديميين في اليمن – مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (cihrs.org) (أكتوبر 2021)