“سأعترف بما تريدونه، شرط أن تتركوا زوجتي تغادر القسم”

"قام مدير القسم ومعاونيه بضرب زوجي أمامي بعصا وصفعه على وجهه. كانت عيناه متورمتان ومحاطتان بكدمات وهالات زرقاء، ووجهه ينزف. طلب منه المحقق أن يعترف فأجابهم بماذا اعترف؟ لكن ردهم كان هذه المرة مختلفاً."

August 1, 2021
blog
blog

معتقلون في سجون أمن عدن

1 أغسطس/ آب 2021

طلباً للرزق، قدم الجشمي أحمد (33 سنة- بائع قات) مع زوجته وبناته الثلاث من محافظة ذمار إلى مدينة عدن، فتلقى من سجانيها ألوان شتى من العذاب، ومعاملة لا تشبه هذه المدينة وساكنيها الطيبين.أعتقل الجشمي في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، لكن الاعتقال في حد ذاته لم يكن الانتهاك الوحيد الذي تعرض له.في يوم الاحد 12 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020، تم اعتقال ثلاثة من العاملين لدي الجشمي من محل اقامتهم في فندق صغير بمنطقة دار سعد من قبل قوة أمنية تتبع قسم شرطة البساتين، وكان بحوزتهم رأس مال تجارتهم.قرر الجشمي في اليوم التالي الذهاب إلى قسم الشرطة الواقع بمديرية دار سعد، لمعرفة سبب اعتقالهم- باعتبار أن هناك دولة ما ستستمع إليه- لكنه لم يعد هو الآخر، وربما لم يخطر بباله أنه بالذهاب إليهم لطلب المساعدة سيكون سبباً في وقوعه داخل كمين الاحتجاز، هو الآخر.في صباح اليوم التالي لاعتقاله اتصل بزوجته وأخبرها أنه معتقل في قسم شرطة البساتين.ضاقت الحياة في عيني نبيلة (اسم مستعار) (28 سنة) لكنها لم تستسلم وقررت أن تطلب المساعدة كي تنقذ زوجها من السجن. اتصلت بعبدالله الحيي (بائع قات وصديق مقرب لزوجها) الذي غادر ذمار برفقة زوجته باتجاه عدن للتواصل مع من وصفهم بأصدقاء ومعارف في عدن سيساعدونه في الافراج عن صديقه، لكن ما حدث كان أسرع وأفظع من أن يخطر على ذهن رجل يحاول المساعدة.بعد مرور أربعة أيام من واقعة اعتقال الجشمي، قدم الأخير عند الرابعة فجراً إلى منزله محمولًا على اكتاف جنود قاموا بتفتيش المنزل الذي يقطن فيه وضربه أمام زوجته وزوجة رفيقه عبد الله.قام الجنود أيضاً باعتقال السيدتين في سيارة صغيرة سوداء، وانطلقوا إلى حيث يقيم عبدالله الحيي وقاموا باعتقاله هو وجميع من كانوا يقطنون معه في السكن (أخوته وابن اخته وعماله الذين يعملون في بيع القات). كانوا ما يقارب من عشرين جندياً، وسيارتين عسكريتين وسيارة أخرى سوداء أخذتهم جميعاً باتجاه قسم شرطة البساتين.في قسم الشرطة حاولت الزوجة نبيلة أن تدافع عن زوجها وعن عدم علاقته بتهم التفجير الموجهة اليه وعن تهمة الصلة بأنصار الله (الحوثيون)  وانه جاء إلى عدن طالبًا للرزق فقط،  لكن رئيس قسم الشرطة اتهمها بالتستر على أعمال زوجها.تحكي نبيلة لـ"مواطنة" لحقوق الإنسان، عن الساعات العصيبة التي شهدتها في القسم:

"قام مدير القسم ومعاونيه بضرب زوجي أمامي بعصا وصفعه على وجهه. كانت عيناه متورمتان ومحاطتان بكدمات وهالات زرقاء، ووجهه ينزف. طلب منه المحقق أن يعترف فأجابهم بماذا اعترف؟ لكن ردهم كان هذه المرة مختلفاً."

تقول نبيلة إنه كان تم تهديد زوجها بأذيتها، لإجباره على الاعتراف، وأنه قال لسجّانيه: سأعترف بما تريدونه، شرط أن تتركوا زوجتي تغادر القسم. تقول الزوجة أيضاً: أن اعترافات أخرى أخذت من زوجها تحت هذا التهديد والضغط النفسي.أما عبد الله الذي قرر مقاومتهم، ورفض التهم الموجهة إليه، فتقول نبيلة إن زوجته حنان " اسم مستعار"  هي الأخرى واجهت التهديد بأذيتها.قدم لهم عبد الله اعترافاته وهو ينزف من كل أنحاء جسده، ليقايض بذلك الفعل إخلاء سبيل زوجته. تم الإفراج عن الزوجتين، نبيلة وحنان، وتوصيلهما بذات السيارة السوداء إلى مكان إقامتهما بعدن، وقدّم إليهما الجندي الذي أوصلهما نصيحة:عليكما مغادرة عدن في أقرب فرصة، وهو ما فعلتاه بالفعل، فعادتا إلى مدينة ذمار.لم تنته القصة هنا، حيث لا يزال الجشمي ورفيقه وبقية المعتقلين في هذه الواقعة في الحجز، ولا أحد يعرف ما الذي حل بهم، وما مصيرهم، حتى كتابة هذه المدونة.