التداول الدوري لموقع الظالم والمظلوم!

دورة المظالم لن تتوقف كما يبدو عن قريب، وستأخذ أشكالاً مختلفة من واقعة لأخرى ومن مكان لآخر، تتغير هوية الجاني والضحية والجهة والمكان وتوصيف المظلمة/ الانتهاك، تكبر حمولتنا الجمعية من الآثام/ الضحايا/ الآلام، يرتفع الصراخ في كل مرة بالتنديد والإدانة، تختلف هوية المنددون من واقعة لأخرى، والجهة المُندَد بها وبممارساتها..

September 23, 2014
عبد الرشيد الفقيه
عبد الرشيد الفقيه

دورة المظالم لن تتوقف كما يبدو عن قريب، وستأخذ أشكالاً مختلفة من واقعة لأخرى ومن مكان لآخر، تتغير هوية الجاني والضحية والجهة والمكان وتوصيف المظلمة/ الانتهاك، تكبر حمولتنا الجمعية من الآثام/ الضحايا/ الآلام، يرتفع الصراخ في كل مرة بالتنديد والإدانة، تختلف هوية المنددون من واقعة لأخرى، والجهة المُندَد بها وبممارساتها.

الثابت في كل ذلك هو الإرادة الجمعية لدى القوى المؤثرة والفاعلة على الأرض ومنابرها والمنافحون عنها.

فكل قوة، وكل فاعل، يرى القذى في عين الآخر، جوّاني أو برّاني، يرى الأخطاء في ممارسات الآخر، لديه إدانة واضحة، ومُدخلات معلوماتية وقيمية، وحُجج ومنطق ومُحددات، تتلاشى كلها مع أول واقعة مُطابقة تماماً يباشرها طرف ينتمي له، أو فقط طالت طرفاً يختلف معه، ولا تبقى سوى التبريرات ذاتها التي كانت تُرفع في وجه إدانته ومعطياته ومُحدداته حين كان في موقع مواجه لواقعة الآخر.

لدينا تراكم خبرة هائلة في التبادل الدوري لموقع الظالم وأدواته وتبريراته وطرائقه، وموقع المظلوم ومعاناته وصرخاته، خبرة تقوي دورة الظلم وتوسع دائرته وضحاياه. وفقط.

تتغير الوجوه، تُحدث التقنيات، تُضاف أدوات جديدة، وتبقى ثابتة مضامين الظلم، والإرادات الآثمة، والتبريرات، والمصطلحات، والشعارات، والهتافات، والوعود، والنتيجة الأكيدة: دورة جديدة – قديمة من المظالم، ضحايا، غبن، مجتمعات ضعيفة، تخلف، صراعات، دم، خطابة، ووعود بجولات جديدة لتبديل المواقع بين الظالم والمظلوم.

قطعاً هذا ليس قدراً، ولا علاقة له بالجينات، ولا يحتاج تغييره إلى معجزات، بل إلى جهد يُركز على أنسنة الإرادة لدى كل قوة، وفرد، وفاعل.. وعلى رأس ذلك الأعداء الجوانيون في غير ضفة وجهة ولون وجهة !

* نشر سابقاً في صحيفة المصدر اليومية