إن تمكُّن الصحافيين والإعلاميين والعاملين في مجال الإغاثة من أداء مهامهم، وبما يحفظُ سلامتهم وأمنهم، هي مسألةٌ تتطلب التدقيق. صحيحٌ أن طبيعة هذه الأعمال في ظروف الحرب، تنطوي على قدر من المخاطر؛ إلا أنها تستلزم اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الخاصة بالسلامة.
تنطوي الحروب والنزاعات المسلحة، أياً كانت طبيعتها، ومكانها وزمانها، على تعقيدات متعددة الأوجه والمستويات، وليست كلها على صلة بسير العمليات العسكرية، ووضعية الأطراف المتنازعة، فقط. وسط هذه الظروف، تشكل التحديات التي تواجه العمل الصحفي والإعلامي المستقل، والعمل الإغاثي والإنساني، جزءاً بالغ الأهمية من هذه التعقيدات.
من زاوية، لا تخلو أي حرب أو نزاع مسلح من الحاجة إلى تغطية إعلامية (مُستقلة) تحافظ على تدفق المعلومات وانسيابها إلى الجمهور، بما يُمكِّن الناس عموماً من معرفة ما يلزمهم معرفته عن مجريات الحرب وحالة السلامة العامة، الحركة، طرق الإمدادات الإغاثية. كما يحتاج السكان في مناطق النزاع المسلّح لهكذا تدفق للمعلومات الصحيحة للبقاء على اطلاع بالعمليات العسكرية التي تستهدف مواقع معينة على المدنيين تجنبها، وحالة النزوح من مناطق منكوبة إلى مناطق أخرى أكثر أمناً، وغير ذلك من الأمور المهمة. ولا ينقطع الدور الاستثنائي الذي تلعبه المنظمات والفرق الإغاثية والعاملة في المجال الإنساني؛ عن توفير جملة هامة من الاحتياجات للسكان المدنيين في مناطق النزاع؛ احتياجات ليس أقلها الغذاء والدواء والأدوية والعلاج، وغيرها من الخدمات العاجلة التي يحتاجها المدنيون.
ومن زاوية أخرى، فإن تمكُّن الصحافيين والإعلاميين والعاملين في مجال الإغاثة من أداء مهامهم، وبما يحفظُ سلامتهم وأمنهم، هي مسألةٌ أخرى تتطلب التدقيق.
صحيحٌ أن طبيعة هذه الأعمال في ظروف الحرب، وأحياناً في الظروف الاعتيادية، تنطوي على قدر من المخاطر؛ إلا أنها تستلزم اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الخاصة بالسلامة والأمان، وبما من شأنه تقليل هامش المخاطر الى أضيق الحدود. ويمكن في هذا الإطار استذكار المقولة المأثورة التي تستحق أن يتوقف عندها المهنيون المدنيون في هذه المجالات وسط الحرب مراراً:
“لا توجد قط القضية التي تستحق أن تموت من أجلها، هناك الكثير من القضايا التي تستحق أن تحيا من أجلها “
ويطرح العدد الكبير من الصحفيين والناشطين والعاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا أو أصيبوا خلال الثلاث السنوات الماضية من عمر الحرب في مختلف المناطق اليمنية، حقيقةً صادمةً لحجم الخسائر البشرية التي مُنيَ بها مجتمع الباحثيين والإعلاميين والصحفيين والعاملين الإغاثيين خلال العمل في أتون النزاع المسلح. ترسم هذه الخسائر صورةً مأساوية لقطاعات أعمال مهنية يقوم جوهرهاعلى الإسهام في تقليل عدد الضحايا ونقل الحقيقة، وليس أبداً توسيع هامش وعدد ضحايا الحرب.
وهناك مستوى آخر يتعلق بسلامة للمهنيين المدنيين وهي مسؤولية الجهات والمؤسسات الإعلامية والإغاثية عن سلامة العاملين الميدانيين فيها. ومن أبرز الإجراءات التي يُمكن لهذه المؤسسات اتخاذها: