في تقرير" فصول من جحيم " انتهاكات القانون الدولي الإنساني في النزاع البري المسلح في تعز
قالت منظمة مواطنة لحقوق الانسان إن أطراف النزاع البري المسلح في محافظة تعز جنوبي اليمن ارتكبت قائمة مروعة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان. أدت هذه الانتهاكات إلى سقوط مئات المدنيين قتلى وجرحى، والاضرار بحياة الالاف من سكان المدينة في خروقات واضحة للقانون الدولي الإنساني منذُ بدء الاقتتال في المحافظة أواخر مارس 2015.
وطالبت منظمة مواطنة كافة أطراف النزاع البري في تعز التوقف فوراً عن انتهاك القانون الدولي الإنساني وعدم الإضرار بحياة المدنيين، وتجنب استهداف أي أعيان مدنية أو مناطق قد يلحق الهجوم عليها أو محاصرتها أو التمركز بداخلها خسائر بالمدنيين.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الانسان: “إن ما تفعله أطراف النزاع بمدينة تعز وسكانها المدنيين من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني قد ترقى إلى جرائم حرب.”
وأكدت المتوكل أن على أطراف النزاع إدراك مسؤوليتها عن كل الجرائم التي تقترفها، والكف عن المقامرة بأرواح المدنيين من أجل إحراز نصر عسكري أو سياسي على حساب دماء الأبرياء وتشريدهم وتدمير حياتهم.
وأضافت: “على المجتمع الدولي إثبات مصداقيته وجديته في الوقوف إلى جانب الضحايا المدنيين في تعز بشكل خاص وفي اليمن بشكل عام. فالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في تعز أحد الدواعي المُلحة لتشكيل آلية دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات جميع أطراف النزاع، من أجل حفظ حقوق الضحايا وإنصافهم وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.”
جاء ذلك في تقرير أطلقته المنظمة يوثق عشرات الوقائع لانتهاكات القانون الدولي الإنساني من قبل أطراف النزاع منذ اندلاع المواجهات في محافظة تعز أواخر مارس من العام 2015 بين مسلحي جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) وقوات حليفها الرئيس السابق على عبد الله صالح من جهة، وجماعات “المقاومة الشعبية” والجيش الموالي للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من جهة ثانية.
واحتوى التقرير الذي حمل عنوان ” فصول من جحيم” على (177) واقعة انتهاك للقانون الدولي الإنساني تحققت منها منظمة مواطنة. قدمت هذه الوقائع توثيقاً لسقوط مئات المدنيين قتلى وجرحى جراء النزاع البري المسلح حيث تشارك طرفا الحرب وحلفاؤهما سلوك التمركز والانتشار في أوساط الأحياء المكتظة بالمدنيين وشن الهجمات منها وإليها. ووجد آلاف المدنيين أنفسهم عالقين بين طرفي النزاع وعُرضة لضروب مختلفة من الانتهاكات.
أبرز هذه الانتهاكات تمثلت بالقتل والتشويه، الاعتداء على طواقم ومراكز الخدمة الطبية، استهداف المدارس واحتلالها واستخدامها لأغراض عسكرية، استخدام وتجنيد الأطفال. وبالإضافة لذلك، الحصار الخانق في فترات متقطعة من قبل جماعة أنصار الله المسلحة على المدينة ومنع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية. وكذلك ما قامت به المقاومة الشعبية من اعتداءات على منظمات إغاثية ومستودعات مساعدات إنسانية، وما نفذته من إعدامات ميدانية.
وكشف التقرير عن توثيق منظمة مواطنة لحقوق الانسان لعشرات من وقائع الانتهاكات الجسيمة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن (217) مدني بينهم (87) طفلاً و(32) امرأة، وجرح ما لا يقل عن (479) مدني بينهم (189) طفلاً و(48) امرأة خلال الفترة من مارس 2015 الى ابريل 2016.
توصلت نتائج بحث مواطنة الى مسؤولية جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) والقوات الموالية للرئيس السابق صالح عن أغلب الهجمات العشوائية الدامية على الأحياء السكنية الخاضعة لسيطرة مقاتلي المقاومة والقوات الموالية للرئيس هادي في مدنية تعز.
ويسلط التقرير الحالي الضوء على عينة من الوقائع التي تحققت منها مواطنة تضمنت (32) من الهجمات العشوائية و(22) من حوادث إطلاق الرصاص وذخائر مضادات الطيران تسببت بمقتل ما لا يقل عن (103) مدني بينهم (50) طفلاً، و(14) امرأة، وجرح (229) مدني بينهم (98) طفلاً، و(16) امرأة خلال الفترة من أبريل 2015 إلى مارس 2016.
طالت هذه الحوادث والهجمات أهدافاً مدنية أثناء ممارسة الناس لأنشطتهم الحياتية الطبيعية في المنازل والأسواق والشوارع العامة والأحياء السكنية والمرافق الحيوية.
في توثيق الوقائع التي تضمنتها فترة التقرير أجرت منظمة مواطنة ما لا يقل عن (425) مقابلة باللغة العربية مع ضحايا ناجين، وأهالي ضحايا، وشهود عيان، وعاملين في المجال الطبي والإنساني. كما جمع فريق التحقق نحو (55) ملاحظة ميدانية رصدت حالات تجنيد واستخدام الأطفال.
واشتمل التقرير على (9) وقائع إعدامات ميدانية نفذتها جماعات من المقاومة الشعبية خلال فترات زمنية متفاوتة في المناطق التي كانت قد استعادتها عسكرياً من جماعة أنصار الله المسلحة وقوات صالح. كما وثق التقرير أيضاً (4) وقائع اعتداء على منظمات إغاثية ونهب مخازن لمساعدات إنسانية قامت بها المقاومة الشعبية.
وتضمن تقرير “فصول من جحيم” (31) واقعة قصف واعتداء على مستشفيات ومراكز وأطقم الخدمة الطبية ونهب ممتلكات تابعة لمستشفيات أدت إلى مقتل (2) وجرح (7) من العاملين في الخدمة الطبية والمتواجدين من المرضى ومرافقيهم، بينها واقعة اختطاف واحدة لعاملين اثنين في المجال الطبي.
كما أشار التقرير إلى توثيق (27) حالة تجنيد واستخدام للأطفال قامت بها جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) و(28) حالة أخرى قامت بها المقاومة الشعبية.
ورصد التقرير تضرر ما لا يقل عن (24) مدرسة بسبب تعرضها للقذائف أو الاحتلال والاستخدام العسكري خلال فترة النزاع في مدينة تعز. فقد احتلت جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) ما لا يقل عن (7) مدارس، بينما احتلت المقاومة الشعبية ما لا يقل عن (7) مدارس أخرى. ويشير التقرير أيضاً إلى تناوب طرفي النزاع في احتلال ما لا يقل عن (7) مدارس (حالياً تحتلها المقاومة الشعبية)، وهذا ما يجعل العدد الإجمالي للمدارس التي تحتلها المقاومة الشعبية في الوقت الراهن (14) مدرسة. كما تضررت (3) مدارس بسبب هجمات شنت خلال فترة الحرب.
واحتوى التقرير تحليل خبراء لبقايا الأسلحة المستخدمة في الهجمات العشوائية التي جمعها فريق منظمة مواطنة، بالإضافة إلى تحليل جغرافي لمواقع السيطرة والانتشار لقوات أطراف القتال داخل المدينة.
وقدم التقرير توصيات لأطراف النزاع والفاعلين المحليين والاقليميين والدوليين للأخذ بها من أجل الحد من استمرار سقوط الضحايا المدنيين في النزاع الجاري في اليمن.
وشدد التقرير على المطالبة بإنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات كافة أطراف النزاع في اليمن.