شهادة رئيسة مواطنة أمام لجنة مجلس النواب الأمريكي للشؤون الخارجية

تعهدت الولايات المتحدة بتقديم ملايين المساعدات الإنسانية لليمن. ولكن إذا استمرت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فقد تصل القنابل الأمريكية إلى المدنيين اليمنيين قبل وصول المساعدات الأمريكية إليهم.

March 18, 2019
رضية المتوكل- رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان
رضية المتوكل- رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان

الأربعاء 6 مارس/ آذار 2019

“لمشاهدة جلسة الاستماع إضغط هنا

شهادة خطية من رضية المتوكل

رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان

أمام

لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية

اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي

جلسة استماع حول “الأزمة الإنسانية في اليمن:

مواجهة التحديات السياسية والإنسانية الراهنة”

سيادة الرئيس دويتش، سعادة السيد ويلسون عميد السن في الكونغرس، السادة أعضاء اللجنة الفرعية الموقرين،

اسمي رضية المتوكل، وأشغل منصب رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان. أود في البداية أن أزجي الشكر لمجلسكم الكريم على إتاحة الفرصة لي لأحدثكم اليوم عن السبل التي يمكن للكونغرس أن يساعد من خلالها في إنهاء الصراع والأزمة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان في اليمن.

مواطنة هي منظمة يمنية مستقلة لحقوق الإنسان، تسعى للدفاع عن حقوق الإنسان وإنهاء الانتهاكات. ويعمل موظفو مواطنة البالغ عددهم 70، والقادمون من جميع أنحاء البلاد في جميع المحافظات اليمنية تقريباً، حيث يقومون بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها أطراف النزاع، والسلطات المحلية، والجماعات المسلحة. كما يقوم هؤلاء النساء والرجال بتأدية وظائف محفوفة بالصعاب والمخاطر؛ لكنهم يثابرون في العمل إدراكاً منهم أنه من واجب الشجعان مجابهة الانتهاكات من أجل الذود عن الإنسانية وصونها.

أنا أقف اليوم أمام مجلسكم الكريم لأناشده الوقوف في وجه الانتهاكات، واتخاذ إجراءات ملموسة للمساعدة في إنهاء معاناة المدنيين في اليمن. ويمتلك الكونغرس السلطة لتغيير مصير الملايين من المدنيين اليمنيين الذين يرزحون تحت وطأة الحرب. ولكن أنتم تمسكون بخيوط القرار وزمامه.

في عام 2018، كان 22 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة. في عام 2019، ارتفع هذا العدد إلى 24 مليونًا، أي 80٪ من السكان، أي أكثر من سكان فلوريدا. ويعيش 10 ملايين منهم -أي ضعف سكان ولاية كارولينا الجنوبية – في الوقت الراهن على حافة المجاعة.

من نافلة القول إنها أزمة إنسانية من صنع الإنسان؛ وهي أزمة لا يمكن التصدي لها من دون وقف انتهاكات حقوق الإنسان؛ ولا يمكن حل أي من هذه التحديات ما لم يتم إنهاء هذه الحرب اللاإنسانية، وما لم تتم محاسبة الجهات المسؤولة. نعم، السلام ممكن في اليمن، لكن بلوغه رهن توافر الإرادة لذلك.

اليمنيون لا يتضورون جوعاً، إنما يتم تجويعهم. وتستخدم أطراف النزاع التجويع كسلاح للحرب. وتعرقل وصول المساعدات، وتعيق الواردات التجارية وتدمّر البنية التحتية الحيوية. فقد ضربت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة طوق الحصار على موانئ اليمن – مما أدى إلى إعاقة سفن الشحن الوافدة وعرقلتها بحيث سلّمت شركات الشحن الخاصة أمرها للأمر الواقع- وأغلقت مطار صنعاء الرئيسي في البلاد لأكثر من عامَين.

في الجانب الآخر، عرقل الحوثيون، بدعم من إيران، وصول المساعدات الإنسانية، وساهموا في قيام اقتصاد الحرب الذي يعطي الأولوية لإثرائهم الشخصي على حساب المرافق العامة. زد على ذلك، لم يتلق مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين اليمنيين -الذين تعتمد ملايين العائلات على دخلهم- رواتبهم منذ عام 2016، بعد أن رفضت حكومة هادي دفع أجورهم.

لا يوجد طرف في هذه الحرب نظيف الكف. منذ سبتمبر/ أيلول 2014، وثَّقت مواطنة المئات من انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان؛ حيث قُتل وأُصيب آلاف المدنيين، ناهيك عن الأضرار والدمار اللاحقين بالممتلكات المدنية. لقد وقع المدنيون ضحية براثن أطراف النزاع: جماعة أنصار الله المسلحة، والمعروفة أيضًا باسم الحوثيين، والتحالف بقيادة السعودية/ الإمارات العربية المتحدة، والقوات العاملة بالوكالة عن الإمارات العربية المتحدة، وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والقوى المتقاتلة والجماعات المسلحة التي أعلنت الولاء له.

في كل يوم تدور فيه رحى الحرب في اليمن، يندثر حلم اليمنيين بقيام دولة على أساس المساواة في الحقوق وسيادة القانون. لقد وضعت الحرب معظم أراضي اليمن والملايين من أهل اليمن تحت سيطرة جماعات الأمر الواقع، أي الجماعات المتطرفة المسلحة: الحوثيين، وكوكبة من الجماعات المسلحة التي أعلنت الولاء لحكومة هادي أو التحالف السعودي/ الإماراتي، كما بسطت نفوذها على أساس الإنتماءات الإقليمية والقبلية.

ليست الحرب في اليمن بمأساة بعيدة كل البعد والارتباط عن أميركا. منذ عام 2015، دعمت الولايات المتحدة قصف المدنيين اليمنيين من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كما باعت الولايات المتحدة السعودية والإمارات القنابل وسواها من الأسلحة بمليارات الدولارات، وقدمت الدعم اللوجستي، والاستخباراتي، والسياسي للحملة العسكرية السعودية/ الإماراتية.

ولا يخفى على مجلسكم الكريم ما عبّر عنه العديد من أعضاء الكونغرس من غضب الأسبوع الماضي في تقارير “سي إن إن” التي أظهرت الأسلحة التي باعتها أمريكا للسعودية والإمارات العربية المتحدة لتنتهي بأيدي الجماعات المسلحة المتطرفة. أنتم محقون في سخطكم إزاء تساهل وتهور المملكة العربية السعودية والإمارات العربية بعد أن ائتمنتموهما على أسلحة أمريكية. لكن يجب أن لا ترتعد فرائصكم من شدة المفاجأة.

لقرابة أربع سنوات، استخدمت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أسلحة أمريكية لارتكاب انتهاكات ضد المدنيين اليمنيين، حيث أمطرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الأعراس والجنازات بوابل من القصف والقنابل، ناهيك عن المساكن والمشافي، وقوارب الصيد والمدارس. منذ مارس/ آذار 2015، وثّقت مواطنة أكثر من 300 هجوم نفذه التحالف بقيادة السعودية/الإمارات في 13 محافظة يمنية، وذلك في انتهاك سافر للقانون الإنساني الدولي. وقد أسفرت هذه الهجمات عن مقتل ما لا يقل عن 3250 مدنياً، وإصابة ما لا يقل عن 2547 آخرين. وقد ساهمت الضربات الجوية العشوائية وغير المتناسبة في تفاقم الأزمة الإنسانية عن طريق تدمير البنية التحتية المدنية الحيوية أو إلحاق الضرر بها.

أضف إلى ما تقدّم، وثّقت مواطنة وجود مخلفات أسلحة أمريكية الصنع في مواقع ما لا يقل عن 25 غارة جوية غير قانونية على ما يبدو بقيادة المملكة العربية السعودية/ الإمارات في اليمن. وقد سقط عشرات الأطفال والنساء بين قتلى وجرحى. وقد حصلت الكثير من الهجمات بعيداً عن أي هدف عسكري محتمل، فيما جاءت هجمات أخرى لتنسف متطلبات التناسب في القانون الإنساني الدولي، حيث تسببت في إلحاق ضرر بالمدنيين يفوق بأشواط الفوائد العسكرية الممكنة. ولم نجد في أي حال من الأحوال أي دليل على أن قوات التحالف السعودية/الإماراتية قد اتخذت الخطوات اللازمة لتقليل الضرر بحق المدنيين، كما هو مطلوب.

ومن الأرجح أن ترقى بعض هذه الهجمات إلى مصاف جرائم حرب، حيث استخدم العديد منها القنابل والذخائر الأمريكية الصنع. وقد حصدت كل واحدة من هذه الهجمات أرواح الأبرياء. وتكمن المأساة الحقيقية في إمكانية منع الكثير من هذه الهجمات ودرئها، لو أن الكونغرس واجه سنوات من التقارير الموثوقة عن الانتهاكات السعودية/ الإماراتية في اليمن.

في عام 2016، قصفت المملكة العربية السعودية قاعة العزاء الكبرى في صنعاء باستخدام الذخائر الأمريكية، مما أدى إلى قتل وتشويه المئات. وكان من الحري أن تشكّل تلك الهجمة منعطفاً مفصلياً. لقد كانت على الأرجح جريمة حرب محتملة – أسقطت أي تبرير عسكري محتمل، بعد أن فاق الضرر المرتقب والمتوقع اللاحق بالمدنيين الخيال.

كان ينبغي على الكونغرس أن يقف وقفة حازمة ويوقف مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى حين انتهاء الهجمات غير القانونية ومحاسبة مجرمي الحرب.

بيد أنّ الولايات المتحدة لم تحرّك ساكناً بهذا الخصوص. وبدلاً من ذلك، قبلت الوعود السعودية والإماراتية بإنهاء الانتهاكات، والتحقيق مع المسؤولين عن ذلك ومحاسبتهم. بعد زُهاء عامَين ونصف، لا تزال المحاسبة غائبة. أما التحقيقات السعودية/ الإماراتية، التي أجراها فريق تقييم الحوادث المشترك (JIAT)، فقد جاءت مخالفة للمعايير الدولية، كما غابت الآلية الواضحة للتعويض. وعليه، يستمر قتل اليمنيين والتمثيل جراء الغارات الجوية، فيما يُدفع اليمنيون يوماً بعد يوم إلى حافة المجاعة، نتيجة ما تتخذه هذه الحرب من أشكال وما تتوسّله من طرق.

من الواضح أن تلك الوعود السعودية والإماراتية كانت جوفاء.

وجوفاء هي الآمال، بعد أربع سنوات من الحرب، آمال الكثير من اليمنيين بالمستقبل. نعم، يشعر الكثير منا بالتعب الإرهاق بعد أن أثقلت كاهلنا أوزار الحزن إزاء تخلي العالم الواضح عن اليمن. طوال أربع سنوات، عمّ الدمار مدننا وشوارعنا وعائلاتنا. وما يقضّ مضجعنا ويطرد النوم من مقلنا هو أن رقعة الحرب في اليمن تتوسّع يوماً بعد يوم لترمي بظلالها على القرى والمدن، وتعيث الجوع، وتكبّد الخسارة، وتزرع الخوف، وتحصد الموت. خلال هذا الوقت القصير الذي أتوجّه فيه بهذه الكلمات إلى مجلسكم الكريم، يموت طفل آخر في اليمن بسبب الجوع، أو المرض، أو ويلات الحرب وجراحها.

الحرب قوت الجماعات المتطرفة، بها تبسط قوتها وبها يزداد بأسها، فتنشأ قنابل موقوتة للمستقبل.

يبسط الحوثيون سيطرتهم على المناطق الخاضعة لهم بذهنية الجماعة المسلحة. وهم يعملون من دون عقاب، حيث يواصلون شنّ هجمات برية دموية وعشوائية ضد المدنيين والمواقع المدنية، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، وزرع الألغام الأرضية. كما يعيق الحوثيون وصول المساعدات الإنسانية ويجنون الربح من فرض الضرائب والخوّات على الواردات التجارية فيما أصبح اقتصاد الحرب.

وتخضع الأجزاء الجنوبية من اليمن وبعض المناطق في الشمال ظاهرياً لسيطرة حكومة هادي، لكن من يُمسك بمقاليد السلطة على أرض الواقع هي قوات بالوكالة، وجماعات مسلحة مدعومة بشكل أساسي من الإمارات العربية المتحدة. وتدير هذه الجماعات، على غرار الحوثيين، مناطق تخضع لسيطرتها بذهنية الإفلات من العقاب. وبدلاً من إعلاء صرح المؤسسات الحكومية وإعمال سيادة القانون، أصبحت المناطق الخاضعة لسيطرة الوكلاء السعوديين والإماراتيين ساحة مفتوحة أمام نشوء الجماعات المتطرفة، وتكاثر الإنتهاكات ضد المدنيين من دون حسيب أو رقيب. كما جرى اعتقال مئات المدنيين بشكل تعسّفي، أو إخفائهم قسراً، أو تعذيبهم في سجون سرية على أيدي الإمارات العربية المتحدة أو الجماعات المسلحة المدعومة من الإمارات العربية المتحدة في الجنوب.

وحده بناء مداميك الدولة، وفرض سيادة القانون، وضمان المساءلة يمكن أن يشكّل رادعاً أمام الجماعات المسلحة المختلفة التي تعيث حالياً الفوضى في جميع أنحاء البلاد. وتعتمد الأطراف المتحاربة على الغياب التام للمساءلة، وتنتظر من حلفائها السماح باستمرار الوضع الراهن. وسيزيد تجاهلها للقانون الدولي ولملايين المدنيين الذين يعانون في اليمن مع كل إساءة جديدة يُسمح لها بارتكابها في ظل الإفلات من العقاب. وتشعر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كما الحوثيين وجماعات مسلحة أخرى بأنها تملك الضوء الأخضر للقيام بما تشتهي، على فظاعته، لأنها لا تسلّم بوجود من سيقف في وجه انتهاكاتها.

لكن الكونغرس يملك القدرة على إيقاف ما يجري ويدور. ولا يمكن لليمن التريث لأربع سنوات أخرى.

لقد رأينا اهتمامًا جديدًا لا يُستهان به باليمن بعد الجريمة المشينة بحق الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وأسوة بمقتل خاشقجي، تُعتبر الحرب في اليمن مغامرة متهورة، حيث يسقط في اليمن فقط عشرات الآلاف من القتلى، ويعاني الملايين الأمرّين على أيدي التحالف السعودي/ الإماراتي، والجماعة الحوثية المسلحة، وأطراف النزاع الأخرى.

رأينا في السويد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي كيف يمكن للمجتمع الدولي، عندما يختار ويقرّر، أن يشحذ الإرادة السياسية للضغط فعلاً على أطراف النزاع لاتخاذ خطوات لإنهاء الحرب. لقد فتحت محادثات استوكهولم في ديسمبر/ كانون الأول الفائت أهم كوة في جدار السلام منذ نشوب النزاع. لقد حان الوقت للبناء على هذا الجهد. لكن هذا التقدم المؤقت لن يتكلّل بالنجاح، أو يتغلّب على التحديات الماثلة أمامه، ما لم يقترن باهتمام وضغط دوليَين مستمرَين، وخاصة من جانب الكونغرس.

لقد مارست النقاشات في الكونغرس وعملية التصويت بشأن اليمن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي ومطلع الشهر الجاري ضغوطاً كبيرة على أطراف النزاع لاتخاذ خطوات نحو إنهاء الحرب. ولعلّ استمرار هذا الضغط سيسهم في التخفيف من معاناة ملايين المدنيين.

من خلال إنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية والدعم العسكري واللوجستي إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن للكونغرس أن يوضح موقفه الرافض، وعدم استمرار قبوله بالوضع الراهن في اليمن،لأن الوضع الراهن يعني أن يستعمل حلفاء أميركا أسلحة أمريكية لقتل، وتشويه، وتجويع المدنيين اليمنيين مع الإفلات من العقاب. ستكون هذه خطوة أولى بالغة الأهمية على درب المساءلة والسلام.

في وقت سابق من هذا الشهر، تعهّدت الولايات المتحدة بملايين الدولارات كمساعدات لليمن في مؤتمر إعلان التبرعات في جنيف. على الرغم من أن المساهمات الأمريكية جاءت في المرتبة الثانية عشرة بين المانحين، إلا أنها لا تزال موضع ترحيب بالتأكيد. لكنني أخشى من أن تتواصل مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبالتالي تنال القنابل الأمريكية من حياة المدنيين الذين يقاسون الأمرّين في اليمن، قبل أن تبلغهم المساعدات الأمريكية.

إذا قرّر الكونغرس الوقوف في مواجهة الانتهاكات في اليمن، يمكنه المساعدة في إنهاء أسوأ أزمة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ العالم. لا يزال السلام في اليمن ممكنًا، ولكن يجب على الكونغرس أن يتحرّك لتحقيقه.

شكرًا على حسن الإصغاء.


شهادة شفهية من رضية المتوكل

رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان

أمام لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية

اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي

جلسة استماع حول “الأزمة الإنسانية في اليمن:

مواجهة التحديات السياسية والإنسانية الراهنة”

الأربعاء 6 مارس/ آذار 2019

سيادة الرئيس دويتش، سعادة السيد ويلسون عميد السن في الكونغرس، السادة أعضاء اللجنة الفرعية الموقرين.

أود أن أزجي الشكر  لمجلسكم الكريم على إتاحة الفرصة لأحدثكم اليوم. سأختصر شهادتي الخطية، والتي سلمتها إليكم للحفظ.

تعمل مواطنة لحقوق الإنسان على توثيق الانتهاكات التي ترتكبها جميع الأطراف في اليمن. إنه عمل خطر، ولكن 70 فرداً من فريقنا رجالاً ونساءً يعلمون أنه يجب على الشجعان الوقوف في وجه الانتهاكات من أجل الذود عن الإنسانية..

واليوم، أحث الكونغرس أن يفعل الشيء ذاته.

للكونغرس سلطة تغيير مصائر الملايين من المدنيين اليمنيين، ولكن عليه أن يختار ذلك.

24 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، أي أكثر من سكان فلوريدا.

10 ملايين على حافة المجاعة – أي ضعف سكان ولاية كارولينا الجنوبية.

من نافلة القول أنها أزمة إنسانية من صنع الإنسان. اليمنيون لا يتضورون جوعاً، إنما يتم تجويعهم. ولا يمكن معالجة الأزمة الإنسانية في اليمن دون معالجة وضع حقوق الإنسان فيه.

الحرب في اليمن ليست مأساة بعيدة لا صلة لها بأمريكا.

فمنذ عام 2015، دعمت الولايات المتحدة الهجمات السعودية والإماراتية على المدنيين اليمنيين ببيع القنابل والأسلحة الأخرى بالمليارات، وتقديم الدعم العسكري والسياسي لهذه الهجمات.

وبعد أربع سنوات من الحرب، يفقد اليمنيون الأمل في بلد قائم على حكم القانون. ويعيش معظمهم الآن تحت السيطرة الفعلية للجماعات المتطرفة المسلحة.

فمن ناحية، يرتكب الحوثيون، المدعومون من إيران، انتهاكات فظيعة، كشن الهجمات العشوائية، والاختفاء القسري، وزراعة الألغام الأرضية.

من ناحية أخرى، ترتكب الجماعات المسلحة الموالية لحكومة هادي والتحالف السعودي الإماراتي أيضاً انتهاكات مروّعة.

كل هذه الجماعات المسلحة تتصرف مع سياسة الإفلات من العقاب، لأنهم يعتقدون أن أحداً لن يقف لمواجهة انتهاكاتهم.

وكذلك الأمر مع التحالف السعودي/ الإماراتي.

عندما عرضت سي إن إن مؤخراً تقريراً كشف عن أسلحة أمريكية بيعت للسعودية والإمارات وهي في أيدي جماعات متطرفة مسلحة، كان الكونغرس محقاً في أن يغضب من هذا الاستهتار.ولكن يجب أن لا تكونوا متفاجئين.

لأنه منذ عام 2015، استخدم التحالف السعودي/الإماراتي الأسلحة الأمريكية بتهور، لقتل وجرح مدنيين يمنيين. وقد وثقت مواطنة مئات الهجمات التي قتلت وجرحت الآلاف من المدنيين، ودمرت البنية التحتية الأساسية. وقد وجدنا بقايا القنابل الأمريكية في العشرات من هذه الغارات الجوية.

ومن المحتمل أن يكون العديد من هذه الهجمات جرائم حرب. فكل واحدة دمرت حياة أبرياء.

كان من المفترض أن يكون القصف السعودي لقاعة عزاء في 2016 قتل وجرح فيه المئات، باستخدام ذخائر أمريكية، نقطة تحول.

كان ينبغي على الكونغرس وقف بيع الأسلحة إلى أن تنتهي الهجمات غير القانونية ويُحاسب مجرمو الحرب. وبدلاً من ذلك، قبلت الولايات المتحدة الوعود السعودية والإماراتية بإنهاء الانتهاكات وإجراء التحقيقات.

بعد مرور عامين، لم تكن هناك أي مساءلة، ولا تزال الضربات الجوية على المدنيين اليمنيين مستمرة.

لا يمكن لليمن أن ينجو إن استمرت الحرب أربع سنوات أخرى.

في الفترة القصيرة التي تحدثت فيها معكم الآن، سيكون قد توفي طفل آخر بسبب إصابات الحرب، أو  بسبب الجوع أو بسبب المرض. ويملك الكونغرس السلطة لإيقاف هذا الأمر.

ازداد الاهتمام باليمن بعد قتل خاشقجي بصورة فظيعة. وأظهرت محادثات السويد أن لدى المجتمع الدولي القدرة على الضغط من أجل إنهاء الحرب. لكن هذا التقدم المؤقت يحتاج إلى ضغط دولي مستمر، بما في ذلك الضغط من الكونغرس. لقد دفعت أصواتكم الأخيرة الأطراف في اليمن إلى اتخاذ خطوات صغيرة نحو السلام.

من خلال إنهاء مبيعات الولايات المتحدة من الأسلحة والدعم العسكري للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن للكونغرس أن يوقف حلفاء أميركا عن استخدام الأسلحة الأمريكية لقتل المدنيين اليمنيين دون عقاب. وستكون هذه خطوة مهمة نحو المساءلة ووضع حد للحرب.

في هذا الشهر، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم ملايين الدولارات من أجل المساعدات الإنسانية لليمن. ولكن إذا استمرت مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فقد تصل القنابل الأمريكية إلى المدنيين اليمنيين قبل وصول المساعدات الأمريكية إليهم.

إن السلام في اليمن ممكن. ولكن لتحقيق ذلك، يجب على الكونغرس أن يتحرك.

شكراً لكم.