المقذوف الغريب الذي أفقد "حسين" عينه ويده
في الـ 29 أغسطس/ آب 2023، خرج حسين حافظ عبد الله شوبان (14 سنة)، كعادته لرعي الأغنام التي تعد مصدر دخل أسرته التي يعيش معها في منطقة "عطوة" على أطراف مديرية عين بمحافظة شبوة، وهي منطقة تقع على حدود التماس بين القوات المدعومة إماراتيًا من جهة الشرق (قوات دفاع شبوة وقوات العمالقة)، ومسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) من جهة الغرب (قرب الحدود مع محافظة البيضاء).
خلال تجواله مع الأغنام في المرعى، شاهد حسين جسمًا غريبًا يشبه القداحة (ولاعة)، ملقًى على الأرض.. كان يبرق تحت أشعة الشمس، بدا شيئًا غير ذي خطر، مجرد قداحة أو شيءٍ كهذا، خصوصًا أن حسين كان حذرًا في كل خطورةٍ يخطوها، لكن هذه المرة لم يخطر بباله أن شيئًا صغيرًا كهذا من الممكن أن يكون فيه خطورة من أي نوع.
لم يكن ذلك الجسم الصغير سوى مقذوف انفجر بمجرد أن حاول حسين تفحُّصه بدافع الفضول! أحدث الانفجار دويَّا مفزعًا وتطايرت منه شظايا حادة أصابت حسين بإصابات بليغة؛ وجد نفسه ملقًى على الأرض مبتور اليد مع ألم شديد في عينيه، والدماء تسيل من جسده.
جرى إسعاف حسين بسرعة إلى مستشفى حريب في محافظة مأرب التي لا تبعد كثيرًا عن منطقته، ومنه تم نقله إلى مستشفى عسيلان نظرًا لخطورة حالته وعدم توفر الإمكانيات الطبية المناسبة في مستشفى حريب، ومع تدهور حالته، تم نقله مجددًا إلى المستشفى العام بمدينة عتق (عاصمة محافظة شبوة)، ثم تقرر نقله لتلقي العلاج المتخصص والعناية إلى مدينة عدن.
بعد وصوله إلى عدن -لسوء الحظ- تأخر طبيب العيون عن الحضور لمعاينة الحالة في ذلك اليوم، شعر حسين أن حياته قد تغيرت، وأنه أصبح مجبرًا على التصالح مع حياةٍ جديدةٍ مختلفة؛ لقد فقد كف يده اليُمنى، وأصيب بتهتك كبير في العين اليسرى، وتفريغ عينه اليمنى، وكل ذلك دون ذنب.
راهنًا، يعاني حسين من مضاعفات نفسية، جراء الإصابة التي تعرض لها، فقدانه العين اليسرى وتضرر العين اليُمنَى بشكل كبير؛ يجد صعوبة في التأقلم مع وضعه الجديد، رغم أنه ليس الضحية الوحيد للألغام والأشراك الخداعية التي تركها أطراف الصراع سائبة تنتظر مئات الأبرياء في مناطق الصراع المختلفة في اليمن.
تطالب مواطنة لحقوق الإنسان جماعة أنصار الله “الحوثيين" بالوقف الفوري لزراعة الألغام بأنواعها المختلفة، والأجسام المتفجرة ، وتسليم خرائط الأماكن الملوثة بالألغام والعمل على تطهيرها للحد دون سقوط المزيد من الضحايا المدنيين ، وتأمين حياة السكان العائدين إلى مناطقهم وبيئاتهم الأصلية، كما تدعو مواطنة المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات فعالة للضغط على الجماعة للتوقف عن سلوكها في زراعة الألغام والإسراع في تطهير الأماكن الملوثة، وتشكيل آلية تحقيق دولية ذات طابع جنائي تضمن محاسبة المُنتهِكين ومساءلتهم، والانتصاف للضحايا.