خطوة تاريخية لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب المُكرَّسة لما يزيد عن سبعة عقود
رحبت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيان لها اليوم، بطلبات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إصدار مذكرات توقيف واعتقال، في الحالة في دولة فلسطين، والتي تشتمل النسخة الأولى منها، كل من: رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، وتحميلهم المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة بفلسطين، منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، على رأسها استخدام التجويع كأسلوب حرب، والقتل العمد، وتوجيه الهجمات ضد السكان المدنيين، والإبادة، والاضطهاد، والأفعال اللاإنسانية الأخرى.
كما شملت طلبات إصدار مذكرات توقيف واعتقال في حق ثلاثة مسؤولين في حركة حماس، وهم: رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، ويحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، ومحمد دياب إبراهيم المصري، القائد العام للجناح العسكري لحركة حماس، وتحميلهم المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبت في المستوطنات الإسرائيلية، في منطقة غلاف غزة، في أراضي إسرائيل ودولة فلسطين يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بما في ذلك القتل العمد، وأخذ الرهائن، والتعذيب، والاعتداء على الكرامة الشخصية في سياق الأسر، وجرائم أخرى.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: " إن هذه الخطوة تعكس شجاعة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفريق المحكمة من القضاة والمحققين، كما تُمثل خطوة تاريخية أولى وغير مسبوقة، على طريق إنهاء سياسة الإفلات من العقاب السائدة، وتأكيدًا للقيمة المتساوية لحياة البشر جميعًا دون تمييز، وهي تُعيد للقانون الدولي الإنساني ومنظومة العدالة الدولية اعتبارها".
وأضافت المتوكل: "على امتداد ستة وسبعين عامًا من عمر النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، شهدت جميع جولاته الكثيرة، ارتكاب انتهاكات وفظاعات وجرائم مروعة، بما فيها الجرائم الدولية الأشد خطورة على مدى عقود، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يُفتح فيها تحقيق جنائي دولي، ونشهد أولى بوادر تحرك قضائي دولي، لمُلاحقة المسؤولين عن ارتكاب تلك الانتهاكات، وهو تحرك فعال سيساهم في فرض احترام مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، في سياق النزاعات من قبل جميع الأطراف دون تمييز".
ودعت "مواطنة" كافة الفاعلين الدوليين -من الدول والمنظمات والحقوقيين والناشطين- إلى دعم جهود المحكمة الجنائية الدولية في المساءلة ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب، وتعزيز تلك الجهود، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدعي العام للمحكمة وفريق عمله وقضاة المحكمة وأفراد أسرهم، من أي أفعال انتقامية قد تطالهم نتيجة قيامهم بالدور المنوط بهم طبقًا للقوانين الدولية وولاية المحكمة، ووقف كافة أشكال الضغط والترهيب التي تستهدف المدعي العام والمحققين والموظفين والقضاة.
وطالبت حركة (حماس)، المحكمة الجنائية الدولية، بإلغاء كل مذكرات التوقيف الصادرة بحق قياداتها، لمخالفتها المواثيق والقرارات الأممية، واستنكرت حماس في بيان صحفي ما وصفتها بـ"محاولات المدعي العام للمحكمة، كريم خان، مساواة الضحية بالجلاد عبر طلبه إصدار أوامر توقيف بحق ثلاثة من قيادات الحركة"، وطالبت حماس في بيانها المدعي العام بإصدار أوامر توقيف واعتقال بحق "كل مجرمي الحرب من قادة الاحتلال الإسرائيلي وضباطه وجنوده، وقالت إنه كان عليه إصدار الأمر بتوقيف كل مسؤولي الاحتلال الذين أعطوا الأوامر والجنود الذين نفذوا الجرائم".
وقال عادل عطية، السفير الفلسطيني لدى الإتحاد الأوروبي: "إن قرار مدعي الجنائية الدولية سابقة قضائية هامة، تثبت أن العدالة الدولية تطبق على الجميع على قدم المساواة"، وإن التحرك القضائي الدولي "سيقدم رسائل واضحة إلى قادة الاحتلال الإسرائيلي بأن عصر الإفلات من المسؤولية والمحاسبة قد ولى، وإن عليهم أن يجيبوا عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني الذي يخضع إلى الاحتلال"، وانتقد عطية: "وضع الضحية على قدم المساواة مع الجلاد".
وهاجم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، تحرك المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، كريم خان، وقال: "إن المقارنة الفاضحة التي أجراها المدعي العام في لاهاي بين قادة إسرائيل ورؤساء منظمة حماس الإرهابية هي جريمة تاريخية لا تمحى، ومظهر واضح لمعاداة السامية"، ووصف نتنياهو، مسعى المدعي العام للجنائية الدولية بـ"الفضيحة".
وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش: "لم نشهد مثل هذا العرض من النفاق والكراهية لليهود مثل ما حدث في محكمة لاهاي منذ الدعاية النازية"، وتابع سموتريتش: "ستكون مذكرات الاعتقال هذه المسمار الأخير في تفكيك هذه المحكمة السياسية والمعادية للسامية" مضيفًا "أن أصدقاء إسرائيل والدول المستنيرة حقًا، لن يسمحوا باستمرار وجود المحكمة وعملها". وقال رئيس البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، أمير أوحانا، إن المحكمة الجنائية الدولية "أثبتت للعالم أنها غير شرعية"، وأضاف أن "(المحكمة) لم تكن قادرة على التمييز بين المعتدي وأولئك الذين يدافعون عن أنفسهم؛ بين ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، ومنظمة إرهابية مكرسة لقتلها (إسرائيل) نيابة عن قيم الإسلام المتطرف، والتعصب المتطرف الذي يشكل تهديداً ضد الإنسانية".
وشارك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، نفتالي بينيت، في حملة المسؤولين الإسرائيليين، ضد المحكمة الجنائية الدولية، وقال: "إن طلب المدعي العام هو لحظة عار للمحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي"، واتهم بينيت، التحرك القضائي الدولي، بأنه: "يوفر دفعة هائلة للإرهاب الجهادي العالمي"، داعياً الدول المُحترمة إلى: "وقف تمويل المحكمة الجنائية الدولية". في حين قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد: "إن الطلب فشل أخلاقي كامل، ولا يمكننا قبول المقارنة الشنيعة بين نتنياهو و(يحيى) السنوار"، في إشارة إلى القائد العسكري لحركة حماس، وأضاف: "لن نبقى صامتين".
يذكر أن مسؤولين أمريكيين -بينهم نواب بمجلس الشيوخ الأميركي- كانوا قد حذروا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي ومسؤولين اسرائيليين، وهددوه بفرض عقوبات ثقيلة عليه وعلى موظفيه حال قيامه بذلك، واعتبر النواب -في رسالتهم إلى المدعي العام- اتخاذ مثل تلك الخطوة لن يمثل تهديدًا لسيادة إسرائيل فقط، وإنما تهديدًا لسيادة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، كما هدد مسؤولون إسرائيليون بالانتقام من المحكمة الجنائية الدولية ومسؤوليها وأفراد أسرهم حال اتخاذها هذا القرار، في سياق إرثٍ قاتم للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في المحاولات الحثيثة لتقويض جهود المحكمة للمساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية.
هذا الموقف والنبرة التصعيدية، تأتي خلافًا لموقف سابق، صادر عن لجنة الشؤون الخارجية، في مجلسيّ الشيوخ والنواب، رحب فيه أعضاء من الحزبين الديموقراطي والجمهوري بقرارات المحكمة، واعتبروا تلك القرارات "رسالة قوية للعالم بأن هناك ثمن يدفع على ارتكاب هذه الجرائم البشعة"، وأكدوا في بيانهم "أن الكونغرس سيواصل دعم الجهود الدولية للمساءلة".
من جانبه هاجم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في بيان صحفي، مساواة المحكمة الجنائية الدولية بين إسرائيل وحماس، ووصف بايدن التحرك القضائي الدولي بـ"الشائن". وعبر وزير الخارجية الأمريكي، آنتوني بلينكن، من جانبه، عن رفض واشنطن إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل وحماس، ووصف مساواة المحكمة، بين إسرائيل وحماس بـ"الأمر المخزٍي"، وزعم بلينكن أن القرار قد يقوض جهود التوصل لاتفاق رهائن ووقف إطلاق النار في غزة.
وكانت الإدارة الأمريكية، قد أعربت في 3 مايو/ أيار 2024، عن معارضتها لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وعللت ذلك الرفض باعتقاد البيت الأبيض "أن النزاع ليس ضمن ولاية المحكمة"، وأضافت: "لقد كنا واضحين للغاية بشأن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، نحن لا نؤيده ولا نعتقد أنه من اختصاصها".
ويأتي موقف البيت الأبيض، متناقضًا مع ترحيب إدارة بايدن ذاتها، بمذكرات التوقيف والاعتقال التي أصدرها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في مارس/ آذار 2023، بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأحد مستشاريه، بتهم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، حيث أكدت إدارة بايدن - في بيان- ترحيبها بقرارات المحكمة، واعتبرتها "خطوة أساسية نحو المساءلة عن الفظائع التي ارتكبتها قوات روسيا في أوكرانيا"، وشدد البيان الذي صدر عن المتحدث باسم البيت الأبيض، على "ألّا أحد، بما في ذلك الرؤساء، فوق القانون الدولي"، وأن الولايات المتحدة ستواصل دعم جهود المحكمة، وأشادت وزارة الخارجية الأمريكية، بقرار المحكمة، وقالت إنها "رسالة واضحة" بأن مرتكبي جرائم الحرب لن يفلتوا من العقاب، كما أكد المسؤولون الأمريكيون في تصريحات لاحقة، التزام الولايات المتحدة بالعدالة الدولية وضرورة محاسبة قادة روسيا على أفعالهم في أوكرانيا، وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن: "إن قرارات المحكمة الجنائية الدولية، تؤكد مرة أخرى أن هناك عواقب على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، وأضاف: "إن الولايات المتحدة ستعمل مع حلفائها لضمان تنفيذ هذه القرارات".
من جانبها، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية، إلى أنها تدرس فرض عقوبات إضافية على روسيا في ضوء قرارات المحكمة الجنائية الدولية، وأوضحت أن هذه العقوبات ستستهدف أشخاصًا وكيانات متورطة في ارتكاب الجرائم المنسوبة إلى القيادة الروسية، في حين أكدت وزارة العدل الأمريكية على أنها ستتعاون بشكل كامل مع المحكمة الجنائية الدولية، لتنفيذ أوامر القبض الصادرة بحق بوتين وغيره من المسؤولين الروس، وأشارت إلى أنها ستعمل مع حلفاء الولايات المتحدة لضمان تسليم المتهمين إلى المحكمة.
تعليقًا على ذلك، قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "إن التهديدات المُتكررة بالانتقام من المحكمة، لقيامها بواجبها الأصيل لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، تشكل في حد ذاتها مشاركة في تحقيق الإفلات من العقاب وعرقلة الحقيقة وتحقيق العدل"، وأضافت المتوكل: "ليس من الغريب مهاجمة نتنياهو وحكومته للمحكمة الجنائية الدولية، في الوقت الذي يتوقع أن يتصدر قائمة القادة الإسرائيليين الذين تشملهم مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة، لكن الغريب والصادم هو المواقف غير المسؤولة الصادرة عن حلفاء وداعمي إسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ضد قرارات المحكمة المُرتقبة بحق المسؤولين الإسرائيليين، خلافًا لمواقفهم المُؤيدة لمذكرات الاعتقال الصادرة عن ذات المحكمة، بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وعدد من المسؤولين الروسيين معه، بسبب اتهامهم بالمسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا".
وأكدت المتوكل أن "تكرار إلقاء بنيامين نتنياهو وقادة إسرائيل وداعميهم تهمة معاداة السامية على كل المطالبين بوقف الجرائم المروعة التي تواصل إسرائيل ارتكابها ضد المدنيين الفلسطينيين للتخلص من الضغوط الدولية المتصاعدة، يمثل إساءةً بالغة لضحايا المحرقة، واستخفافًا بالجرائم المروعة التي طالتهم، وبمعاناتهم الرهيبة"، وأضافت: "إن الدرس المستفاد من المحرقة، يتمثل بالمسؤولية الواجبة على المجتمع الدولي، والمجتمع الإنساني برمته، بالتحرك لحماية المدنيين من دون أي تمييز، بمن في ذلك المدنيون الفلسطينيون من جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وغيرها من الجرائم المروعة، وليس استخدام المحرقة ومعاداة السامية المتكرر من قبل قادة إسرائيل كضوء أخضر لانتهاك واستباحة حقوق المدنيين الفلسطينيين، بذريعة حق الدفاع عن النفس".
وحثت مواطنة لحقوق الإنسان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفريقه من المحققين، وقضاة المحكمة، على مواصلة الجهود الجسورة والمسؤولة، لإصدار مذكرات توقيف واعتقال إضافية، تشمل المزيد من المسؤولين المتورطين في الجرائم والانتهاكات، المُرتكبة خلال فترة النزاع القائم في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المُحتلة وإسرائيل، والتي أدت إلى مقتل ما يزيد عن 35000 فلسطيني، بينهم ما يزيد عن 130 صحفيًا، وجرح ما يزيد عن 70000 فلسطيني، منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى الآن.
بالإضافة إلى تدمير الأغلب الأعم من الأعيان المدنية الفلسطينية في قطاع غزة، بما في ذلك المستشفيات، والمرافق الطبية، والمدارس، ومقرات وسائل الإعلام، ودور العبادة، والمباني السكنية، والملاجئ، ومخيمات النزوح، ومقرات المنظمات الإنسانية، بالإضافة إلى الهجمات الإسرائيلية على طواقم العمل الإنساني والإغاثي والطبي، وعربات نقل المساعدات والسلع الأساسية، ومرافق البنية التحتية المدنية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام التجويع كسلاح حرب، وتورطها بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وحماية السلطات الإسرائيلية لممارسات المستوطنين العنيفة ضد الفلسطينيين على نطاق واسع من مناطق الضفة الغربية والجليل، واستيلائها على مساحات واسعة من أراضي ومزارع الفلسطينيين، واحتجازها تعسفيًا لآلاف الفلسطينيين، واستخدامها للتعذيب، وضروب المعاملة اللاإنسانية والمهينة، بحق الآلاف منهم، في إطار أنماط من الانتهاكات الممنهجة الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا عن موطنهم، بالإضافة إلى الانتهاكات المُرتكبة ضد المدنيين، خلال هجوم الفصائل الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بما في ذلك قتل المدنيين، واحتجاز الرهائن من المدنيين، والتي تقع ضمن ولاية المحكمة، بحيث تشمل أوامر التوقيف والاعتقال كافة المسؤولين المتورطين في الانتهاكات، بحسب نطاق وأنماط المسؤولية المختلفة، والذي من شأنه تعزيز جهود المحكمة الجنائية الدولية على طريق إنهاء سياسة الإفلات من العقاب، ومساءلة كافة المسؤولين المتورطين في الانتهاكات.
وكان المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قد أعلن في إحاطة صحفية، أذاعها مساء الأحد، 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من أمام معبر رفح، في الجانب المصري، من حدود مصر مع دولة فلسطين، عن فتح مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا جنائيًا في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم الأخرى المُرتكبة في دولتيّ فلسطين وإسرائيل إعمالًا لولايتها القضائية، وهو التحرك الأول لمحكمةٍ ذات ولاية قضائية دولية، منذ بدء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في العام 1947، كلحظةٍ لميلاد هذا الصراع، الذي من مفارقاته الكثيرة، أن عمره الطويل، بنفس عمر ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني.
ولاية المحكمة الجنائية الدولية على دولة فلسطين
خلافاً لتصريحات الإدارة الأمريكية بعدم اختصاص المحكمة، فقد أصبحت دولة فلسطين تحت ولاية المحكمة الجنائية الدولية منذ 1 أبريل/ نيسان 2015، حيث انضمت في 2 يناير/ كانون الثاني 2015، إلى نظام روما الأساسي، وأصبح انضمامها كدولة طرف حيز النفاذ عقب إيداعها لصك انضمامها لدى الأمين العام للأمم المتحدة، فقد أُعلن في 7 يناير/ كانون الثاني 2015، قبول المحكمة الجنائية الدولية لطلب دولة فلسطين الانضمام للمحكمة لدى المدعية العامة للنظر فيه.
وكانت دولة فلسطين قد بدأت أولى خطواتها للانضمام لنظام روما الأساسي في 22 يناير/ كانون الثاني 2009، عقب انتهاء عملية "الرصاص المصبوب" التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة، قدّم علي الخشان، وزير العدل الفلسطيني آنذاك، إعلانًا بموجب المادة 12 فقرة 3 لنظام روما الأساسي، يسمح باختصاص المحكمة الجنائية بأثر رجعي للتحقيق في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية منذ 1 يوليو 2002.
وفقًا للمادة 15 من نظام روما الأساسي، شرع مكتب المدعي العام في تنفيذ خطة عمل من أجل تحديد ما إذا كان هناك أساس معقول للمضيّ قُدُمًا مع التحقيق. وبعد ثلاث سنوات وفي أبريل/ نيسان 2012، خلص مكتب المدعي العام إلى رفض الطلب الفلسطيني في ولاية المحكمة الجنائية الدولية على الأراضي الفلسطينية، بحجة أن وضع فلسطين آنذاك في الأمم المتحدة كـ"كيان مراقب" لا كدولة، وهو ما يجعل فلسطين عاجزة عن التوقيع على نظام روما الأساسي؛ وبالتالي لا يمكن لفلسطين تقديم إعلان قبول اختصاص المحكمة، وفقًا للمادة 12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي.
وفي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 67/19 فيما يتعلق بمركز فلسطين في الأمم المتحدة، نالت به السلطة الفلسطينية صفة "دولة مراقب غير عضو"، إلا أنّ هذا القرار لا يسري بأثر رجعي يسمح باعتماد إعلان قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية المقدم من وزير العدل في 2009.
وفي 2 سبتمبر/ أيلول 2014، أصدرت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، بيانًا تضمن أنه "من حق الجميع معرفة الحقيقة حول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على فلسطين"، للرد على إشاعات تجنب المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة في غزة، بسبب تعرضها لضغوط سياسية. ونشرت صحيفة الجارديان مقالة رأي للمدعية العامة فاتو بنسودا، بعنوان "الحقيقة بشأن المحكمة الجنائية الدولية وغزة"، أوضحت من خلالها عدم صلاحية المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المزعومة في فلسطين، ما لم تمنحها فلسطين الولاية القضائية على أراضيها.
وفي تاريخ 1 يناير/ كانون الثاني 2015، أعلنت فلسطين بقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بدءًا من 13 يونيو/ حزيران 2014، وفقًا للمادة 12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي. وفي 2 يناير/ كانون الثاني 2015، انضمّت فلسطين إلى نظام روما الأساسي بإيداع صك انضمامها لدى الأمين العام للأمم المتحدة. وفي 7 يناير/ كانون الثاني، تم قبول الإعلان من المحكمة الجنائية الدولية وإرساله للمدعية العامة للنظر فيه، ودخل حيز النفاذ في 1 أبريل/ نيسان 2015.
وبعد تلقي المدعي العام إعلانًا صحيحًا من الحكومة الفلسطينية، وفقًا للمادة 12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي، فقد أعلنت المدعية العامة فاتو بنسودا، في 16 يناير/ كانون الثاني 2015، فتح دراسة أولية للحالة في فلسطين، وفقًا للمادة 25 (1) (ج) من لائحة مكتب المدعي العام. لدراسة مدى توافر أسس معقولة لمباشرة التحقيق في الجرائم المزعوم ارتكابها على الأراضي الفلسطينية. وتزامنًا مع إعلان فتح دراسة أولية للحالة في فلسطين، قدّمت الحكومة الفلسطينية بلاغها الأول إلى المحكمة الجنائية الدولية في 25 يونيو/ حزيران 2015، عن جرائم إسرائيل المرتكَبة في الضفة الغربية المحتلة وأثناء حرب غزة عام 2014، ولم يسفر هذا الفحص عن اتخاذ قرار بفتح تحقيق آنذاك.
وفي 22 مايو/ أيار 2018، قدّمت فلسطين عبر وزير خارجيتها رياض المالكي، إحالةً لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بشأن "الوضع في فلسطين"، عملًا بالمادة 13 فقرة (أ) المتعلقة بممارسة الاختصاص، والمادة 14 المتعلقة بـ"إحالة حالة ما من قبل دولة طرف". وفي 24 مايو/ أيار 2018، قررت رئاسة المحكمة الجنائية الدولية إسناد الحالة في فلسطين إلى الدائرة التمهيدية بأثر فوري.
في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2019، صدر بيان صحفي عن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، بعد اختتام الدراسة الأولية للحالة في فلسطين، أعلنت من خلاله عن استيفاء كافة المعايير القانونية التي يقتضيها نظام روما لفتح تحقيق في الحالة في فلسطين، إلا أنها أشارت في بيانها الصادر إلى وجود خلاف حول الإقليم الذي يمكن أن يجري فيه التحقيق، وتقدمت بطلب للجنة التمهيدية الأولى بإصدار قرار فيما يتعلق بالاختصاص الإقليمي للمحكمة الجنائية الدولية، وأُعيدَ تقديمه في 22 يناير/ كانون الثاني 2020. وفي 28 يناير/ كانون الثاني، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية أمرًا دعت من خلاله فلسطين، وإسرائيل، والدول المهتمة، إلى تقديم ملاحظاتها.
وفي 5 فبراير/ شباط 2021، اتخذت اللجنة التمهيدية الأولى قرارًا بالأغلبية، مع اعتراض القاضي بيتر كوفاتش، بامتداد الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية في فلسطين ليشمل الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وهي: غزة، الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، ليتحدد بذلك نطاق الولاية الجغرافية للمحكمة الجنائية الدولية.
1. في مارس 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس بوتين واحد من كبار مستشاريه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
https://www.nytimes.com/2023/03/17/world/europe/icc-putin-ukraine-war.html
2. البيت الأبيض يرحب بقرار محكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس بوتين، واعتبر القرار "خطوة مهمة نحو المساءلة" عن الجرائم المرتكبة في أوكرانيا.
3. وزارة الخارجية الأمريكية تُشيل بقرار المحكمة، وقالت: إن القرار "رسالة واضحة" بأن مرتكبي جرائم الحرب لن يفلتوا من العقاب.
4. أكد مسؤولون أمريكيون التزام الولايات المتحدة بالعدالة الدولية وضرورة محاسبة قادة روسيا على أفعالهم في أوكرانيا.
5 . أكد البيت الأبيض، في بيان صحفي مطول، أن إدارة بايدن ترحب بقرارات المحكمة وتعتبرها "خطوة أساسية نحو المساءلة عن الفظائع التي ارتكبتها قوات روسيا في أوكرانيا"، وشدد البيان على أن "لا أحد، بما في ذلك الرؤساء، فوق القانون الدولي" وأن الولايات المتحدة ستواصل دعم جهود المحكمة.
https://www.nytimes.com/2023/07/26/us/politics/biden-russia-war-crimes-hague.html
6. رحب البيت الأبيض، بقرار المحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس بوتين، وقال في بيان صحفي: إن الولايات المتحدة تعتبر قرار المحكمة "خطوة مهمة نحو المساءلة" عن الجرائم المرتكبة في أوكرانيا.
https://www.bbc.com/news/world-europe-64998165
https://www.nytimes.com/2023/03/17/world/europe/icc-putin-ukraine-war.html
7. قال وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن: إن قرار المحكمة الجنائية الدولية، ضد بوتين "رسالة واضحة" بأن مرتكبي جرائم الحرب لن يفلتوا من العقاب، وأكد أن الولايات المتحدة ستواصل دعم الجهود الدولية للمساءلة.
8. وصف مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، قرار المحكمة الجنائية الدولية، ضد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين: بأنه "خطوة مهمة" في طريق المساءلة، وأكد التزام الإدارة الأمريكية بالقانون الدولي وضرورة محاسبة روسيا على جرائمها.
9. أشاد مسؤولون أمريكيون، بشكل متكرر، بقرار المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين، وأكدوا أن الولايات المتحدة ستواصل دعم الجهود الدولية للعدالة والمساءلة.
10. إدارة بايدن تُرحب بأوامر توقيف المحكمة الجنائية الدولية ضد قادة روسيا".
11. أعرب البيت الأبيض عن ترحيبه بقرارات المحكمة الجنائية الدولية، واعتبرها "خطوة مهمة نحو المساءلة" عن الجرائم في أوكرانيا.
12. أكد البيت الأبيض على دعمه القوي لعمل المحكمة الجنائية الدولية وأهمية المساءلة عن الجرائم في أوكرانيا.
13. أشار المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أن إدارة بايدن ترى في قرارات المحكمة الجنائية الدولية "خطوة مهمة نحو المساءلة عن الجرائم الخطيرة في أوكرانيا". كما أكد على استعداد الولايات المتحدة للتعاون مع المحكمة في هذا الشأن.
https://www.state.gov/briefings/department-press-briefing-august-25-2023/
14. إدارة بايدن تطالب المجتمع الدولي بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لضمان تنفيذ أوامر التوقيف بحق القادة الروس المتهمين. كما أكدت على استعداد الولايات المتحدة للمساعدة في هذا الشأن.
15. شدد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، على أن دعم إدارة بايدن للمحكمة الجنائية الدولية، يأتي في إطار التزام الولايات المتحدة بالمساءلة عن انتهاكات القانون الدولي، وأكد على ضرورة تنفيذ أوامر التوقيف بحق المسؤولين الروس.
https://www.cbsnews.com/news/face-the-nation-full-episode-august-31-2023/
16. في بيان مشترك، للبيت الأبيض ووزارة الخارجية، أكدت إدارة بايدن على دعمها الكامل لجهود المحكمة الجنائية الدولية، وعلى أهمية تنفيذ أوامر التوقيف بحق القادة الروس المتهمين.
17. إدارة بايدن طلبت من الحلفاء والشركاء الدوليين التعاون التام مع المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذ أوامر التوقيف بحق المسؤولين الروس المتهمين. كما أشارت إلى أن الولايات المتحدة ستقدم المساعدة اللوجستية والاستخباراتية اللازمة لدعم هذه الجهود.
https://www.nytimes.com/2023/09/05/world/americas/white-house-icc-russia-leaders.html
18. أكد مستشار الأمن القومي على أن إدارة بايدن تعتبر تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد القادة الروس أمرًا حيويًا لضمان المساءلة والعدالة الدولية. وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لتشجيع شركائها على المساهمة في هذا الجهد.
19. أعلنت إدارة بايدن عن تخصيص 50 مليون دولار إضافية لدعم جهود المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ أوامر التوقيف وتقديم المسؤولين الروس للعدالة.
20. رحب الرئيس بايدن بقرارات المحكمة الجنائية الدولية وأكد على أهمية المساءلة عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي في أوكرانيا.
https://twitter.com/POTUS/status/1594321456789012480