جماعة أنصار الله (الحوثيون) تتسبب في مقتل وجرح العشرات من المهاجرين الأفارقة في صنعاء

كان ما يقرب من 900 مهاجر، معظمهم من الإثيوبيين، محتجزين من قبل أنصار الله (الحوثيين) في المنشأة المكتظة، وكان أكثر من 350 مهاجراً بداخل العنبر الذي اشتعلت فيها النيران، وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية (IOM)، والتي كان موظفوها في ذلك الوقت متواجدون في الموقع.

March 9, 2021

الحاجة الملحة للتحقيق الدولي والمساءلة ذات مصداقية

الثلاثاء، 9مارس/ آذار 2021

صنعاء – قالت مواطنة لحقوق الإنسان أن جماعة أنصار الله تسببت في مقتل وإصابة العشرات عقب اندلاع حريق مميت في مركز احتجاز مكتظ بالمهاجرين واللاجئين الأفارقة بصنعاء في 7 مارس/ آذار 2021. ومنذ اندلاع الحريق، لازالت جماعة أنصار الله (الحوثيين) تحتجز عدد من المهاجرين الجرحى، كما منعت وصول المساعدات الإنسانية، ومنعت أفراد أسر المهاجرين من زيارتهم.

تؤكد الواقعة المروعة مرة أخرى على مدى الحاجة الملحة إلى تحقيقات دولية ومساءلة ذات مصداقية في اليمن. قالت مواطنة لحقوق الإنسان إن على الدول اتخاذ خطوات ملموسة على الفور لضمان المساءلة الجنائية والتعويضات في اليمن، بما في ذلك الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة ضد المهاجرين واللاجئين.

في أوائل مارس/ آذار، بدأ عدد كبيرٌ من المهاجرين المحتجزين في مرفق احتجاز خاضع لسيطرة أنصار الله (الحوثيين) بصنعاء اضراباً عن الطعام. وكان المهاجرون المحتجزون في مرفق احتجاز تابع لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بشارع خولان في العاصمة صنعاء يحتجون على سوء معاملتهم واحتجازهم التعسفي من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين).

وأوضح أحد المهاجرين الذين تم احتجازهم في المنشأة أن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بالإضافة إلى احتجاز المهاجرين في ظروف مروعة، كانت تبتزهم أيضاً، وتطالب برسوم مقابل الإفراج عنهم. قال المهاجر بإن هذه الممارسة قد تزايدت منذ أوائل فبراير/ شباط 2021. وقال:

دفع بعضهم أموالاً وتم إطلاق سراحهم بالفعل، لكن معظمنا لم يكن لديه أي نقود لدفعها. مكثت 15 شهراً في مركز الاحتجاز هذا حتى اندلع الحريق.

في يوم الأحد 7 مارس/ آذار 2021، في حوالي الساعة 1:00 ظهراً، حاول رجال مسلحون من جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إنهاء إضراب المهاجرين عن الطعام بالقوة. اندلع عراك بالأيدي بين بعض المهاجرين ومسلحي أنصار الله (الحوثيين). قال شهود عيان إن قوات أنصار الله (الحوثيين) بدأت بعد فترة وجيزة بإطلاق الرصاص في الهواء. جاءت قوات إضافية تابعة لأنصار الله (الحوثيين).

قال شهود لـ ”مواطنة ” إن عناصر أنصار الله (الحوثيين) أغلقوا باب العنبر، وبدأوا بإطلاق المقذوفات من خلال نوافذ العنبر والتي لم يتمكن الشهود من التعرف على ماهيتها. وصف الشهود تصاعد الكثير من الدخان والأصوات العالية. تسببت المقذوفات في نشوب حريق انتشر بسرعة. وصف أحد الناجين ما حدث قائلاً:

ثم جاءت قوات مكافحة الشغب. صعد أحد الحراس على السلم وسمعتهم يقولون “جاهز”. بدأوا في إلقاء مقذوفات ينبعث منها الدخان من النوافذ العلوية للعنبر. لم نسمع سوى أصوات انفجارات ودخان كثيف.

حاولنا الهروب لكن أبواب العنبر كانت مقفلة وكنا مكتظين بالداخل. كنت أسمع أصوات الانفجارات وأصوات أصدقائي يتأوهون … لكني لم أستطع مساعدة أحد.

ملأ الدخان المكان.

قال شخص آخر لـ “مواطنة” إنهم سمعوا دوياً قوياً قادماً من المجمع عندما مروا به عصر ذلك اليوم.

اندلع حريقٌ كبيرٌ بداخل مركز الاحتجاز المكتظ، وحطم المهاجرون باب العنبر وفروا.

كان ما يقرب من 900 مهاجر، معظمهم من الإثيوبيين، محتجزين من قبل أنصار الله (الحوثيين) في المنشأة المكتظة، وكان أكثر من 350 مهاجراً بداخل العنبر الذي اشتعلت فيها النيران، وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية (IOM)، والتي كان موظفوها في ذلك الوقت متواجدون في الموقع.

ولم يتضح بعد بالضبط عدد القتلى والجرحى في الحريق.

أكد عاملٌ صحيٌ أن جثث 16 مهاجراً أفريقياً على الأقل قتلوا في الحريق تم إرسالها إلى عدد من ثلاجات الموتى في صنعاء. قال العامل الصحي إن جميع الجثث كانت محترقة. تم علاج حوالي 170 شخصًا من الإصابات، بينما لا يزال العديد منهم، وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية، في حالة حرجة.

لا يزال مصير العديد من المهاجرين مجهولاً. قال أحد المهاجرين:

لم يعثر أفراد عائلتنا حتى على جثث لدفنها، ومصير الناجين مجهول. نحن خائفون. يمكن أن نُقتل في أي وقت!

نُقل المصابون في الحريق إلى مستشفيات مختلفة في صنعاء، لكن لم يُسمح لأفراد أسرهم بزيارتهم. قال شاهد عيان بإن أحد المستشفيات في صنعاء استقبل مجموعة من الإثيوبيين الذين أصيبوا بحروق شديدة. ونُقلت المجموعة إلى المستشفى على متن عربة عسكرية برفقة رجال مسلحين. تلقى الإثيوبيون مساعدة طبية في قسم الحروق، قبل أن يتم إخراجهم من المستشفى على متن نفس العربة العسكرية.

عززت جماعة أنصار الله تواجدها الأمني في المستشفيات التي تعالج الجرحى من المهاجرين، كما منعت الوصول إلى المصابين، وسعت إلى منع انتشار المعلومات المتعلقة بضحايا الحريق وحول الحريق نفسه. قال شهود لـ ”مواطنة” إن العشرات من عمال النظافة الإثيوبيين في مختلف المستشفيات تلقوا تعليمات بمغادرة العمل حتى إشعار آخر. بعد الحريق، شوهد عشرات المهاجرين على متن ثلاث حافلات متوسطة الحجم، تابعة على ما يبدو لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، وأخذوا إلى مواقع لم يُكشف عنها. كما حاصرت قوات تابعة لأنصار الله (الحوثيين) المنطقة المحيطة بمركز الاحتجاز بعد الحريق وفرضت قيوداً مشددة على الدخول.

في اليوم التالي للحريق، في 8 مارس/ آذار 2021، حاولت مجموعة من أفراد الأسر تنظيم احتجاج أمام مبنى الأمم المتحدة في صنعاء. أطلق عناصر أنصار الله (الحوثيون) أعيرة نارية في الهواء لتفريقهم، وفي 9 مارس/ آذار، احتج أفراد الأسر مرة أخرى.

يجب على جماعة أنصار الله (الحوثيين) أن تسمح على وجه السرعة بوصول المساعدات الإنسانية وتسهيلها والسماح لأفراد الأسر بزيارة أحبائهم. على أنصار الله الكشف عن عدد القتلى في الحريق، ومصير من نقلوا إلى أماكن مجهولة. كما يجب على أنصار الله (الحوثيين) الإفراج الفوري عن جميع المهاجرين المحتجزين تعسفياً.

قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان، “هذا الحريق إضافة مروعة لقائمة الانتهاكات الطويلة التي تعرض لها المهاجرون واللاجئون في اليمن خلال هذه الحرب، وإضافة مروعة لقائمة انتهاكات جماعة أنصار الله (الحوثيين) الطويلة. لا يمكن لمجتمع المهاجرين واللاجئين في اليمن الانتظار أكثر من ذلك من أجل العدالة”.

طوال فترة النزاع، واجه المهاجرون واللاجئون الأفارقة في اليمن أشكالًا متعددة من الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والتعذيب وأشكال أخرى من المعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية.

ودعت منظمة الهجرة الدولية إلى “وصول إنساني عاجل للمهاجرين المصابين في حريق الأحد المميت” و “إطلاق سراح جميع المهاجرين من الاحتجاز في البلاد”. ودعت منظمة الهجرة الدولية إلى “التزام متجدد بتوفير خيارات تنقل آمنة ويمكن التنبؤ بها للمهاجرين”. وقالت المديرة الإقليمية لمنظمة الهجرة الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بيان: “قلوبنا مع أسر المتضررين والمجتمع ككل. الآن، يحتاج مجتمع المهاجرين في صنعاء إلى مساحة للحداد باحترام ودفن موتاهم بطريقة كريمة “.