مداخلة المدير التنفيذي لمواطنة خلال الحلقة النقاشية حول تنفيذ القرارات المتعلقة بأعمال السيداو والقرار 1325 المتعلق بالنساء والسلام والأمن.
شارك عبد الرشيد الفقيه المدير التنفيذي لمنظمة مواطنة في الحلقة النقاشية التي نظمت من قبل مجموعة أصدقاء دعم أعمال السيداو والقرار 1235 المتعلق بالنساء و السلام و الأمن ، حيث عقدت الحلقة النقاشية في مقر البعثة الكندية بالأمم المتحدة. خلال النقاش قدم عبدالرشيد الكلمة التالية حول وضع المرأة الامن والسلام باليمن.
السيدات والسادة ..
شكراً لكم على هذه الفرصة ، أنا قادم إليكم من اليمن ، البلد الذي تمزقه الحرب ما يقارب الثلاث السنوات ، و يشهد واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
كنت أتمنى أن تكون هنا إحدى زميلاتي لتقديم هذه الإحاطة ، لكنها إحدى كوارث الحرب المتمثلة في وضع القيود على حرية التنقل ، فلا يزال مطار صنعاء الدولي مغلق في وجه المدنيين ، وتتحمل النساء العبء الأكبر لهذه القيود.
أنا عبدالرشيد الفقيه ، المدير التنفيذي لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان ، منظمة يمنية مستقلة تعمل في مختلف مناطق اليمن. فريق مواطنة يتكون الآن من 60 شخص نصفهم من النساء ونصفهم من الذكور ، ترأس المنظمة امرأة ، أعبر هنا عن اعتزازي بزميلاتي و زملائي الذين يعملون في ظل ظروف بالغة الصعوبة ، و أؤكد أن زميلاتنا هن أحد أسرار قوة عملنا في خدمة قضايا حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون ، يعملن بكفاءة ومثابرة ومسؤولية وجدارة ، اعتزازي بزميلاتنا في منظمة مواطنة و زميلاتنا في مختلف جوانب العمل الإنساني والمدني و هن نقاط ضوء في عتمة الحرب.
و في البدء سأحدثكم عن والدتي بشاره الصوفي التي ولدت وترعرعت في ريف نائي في تعز وسط اليمن ، حيث لا خدمات ولا تعليم ولا صحة ، و في بداية عقدها الخمسين ثابرت والدتي للحصول على فرصة للتعليم ، و بدأت في أحد مراكز تعليم الكبار تتعلم بحماس و مثابرة ، بتلك الجدية و المثابرة تصورت أن والدتي يمكن أن تفعلها و تصل إلى قاعات الجامعة و تحصل على شهادتها ، لكن و بعد أشهر و مع أول رسالة بعثتها لي كتبتها بخط يدها تبشرني بأنها تتقدم في التعليم. جاءت الحرب فقضت على حلمها و أوقفت المركز التعليمي خاصتها ، ثم وجدت نفسها نازحة بسبب الحرب الدامية في تعز.
والدتي نموذج للنساء اليمنيات المكافحات في مختلف مناطق اليمن و اللواتي يبحثن عن التعليم و عن حياة لائقة وكريمة ، و هي نموذج لما تفعله الحرب بآمال اليمنيات وحقوقهن الأساسية.
وضعت الحرب الحالية النساء اليمنيات في قلب المعاناة في مختلف المستويات. تتصدر النساء و الأطفال قائمة القتلى و الجرحى المدنيين ، ارتفعت نسب زواج الصغيرات و هو في حقيقته أحد أشكال العنف الجنسي ، حتى انتهاك الإعتقال و الإختفاء القسري للمدنيين تحملت النساء معاناة كبيرة بسببه ، فبالإضافة لبحثهن اليومي عن المعتقلين من أقاربهن فقد اعتدت بالضرب المبرح سلطات الأمر الواقع في صنعاء و عدن مرات عديدة على وقفات نسائية نُظمت للمطالبة بالإفراج عن أبناءهن و أزواجهن و آباءهن المغيبين في سجون بالمخالفة للقانون ، نسب التسرب من التعليم ارتفعت لمستويات غير مسبوقة ، فقدت غالبية النساء العاملات وظائفهن في القطاع العام والخاص ، و تعاني النساء بشكل استثنائي من انهيار الخدمات الطبية في البلاد ومختلف جوانب الأزمة الإنسانية الحادة.
يمكن القول أن الحرب تقوض ما تم إنجازه من مكاسب بسيطة خلال العقود المنصرمة لصالح قضايا النساء اليمنيات ، و ثمرة عشرات السنين من نضال اليمنيات.
خلال الشهور المنصرمة من عمر الحرب بذلت أطراف الحرب المختلفة أقصى جهدها لإخراس أصوات اليمنيات العاملات من أجل السلام والحقوق والمناهضات للحرب و شنت حملات تشهير بغرض إرهابهن و منع أصواتهن المهمة و حجبها.
وجدت النساء اليمنيات أنفسهن وحيدات – مثل اليمن – في مواجهة كل هذه المعاناة ، حيث لم تقم الحكومة أو أي من أطراف الحرب الأخرى بأي دور إيجابي تجاههن و تجاه قضاياهن ، و انشغلت بالصراع.
ينبغي حث كافة أطراف الصراع و تذكيرهم بالتزاماتهم تجاه قضايا النساء اليمنيات ، و التذكير بالمساءلة و عدم الإفلات من العقاب تجاه أي مساس بحقوق اليمنيات و مكتسباتهن.
للأسف فلا يزال الجميع يحرص على دور شكلي للنساء في جهود السلام ، خلال جولات المفاوضات في الشهور المنصرمة لم يُسمح للنساء و قضايهن بالحضور بشكل فاعل و حقيقي ، و تناضل النساء اليمنيات بطرق متعددة لإيصال أصواتهن و الإسهام الفاعل في مسار السلام ، ينبغي دعم هذه الجهود و الكف عن الإستخدام الشكلي للنساء و إتاحة الفرصة لليمنيات و قضاياهن بالحضور الحقيقي و الجوهري في المباحثات.
إنني هنا أدعو إلى إعمال التوصــية العامــة رقــم ٣٠ المتعلقــة بوضــع المــرأة في ســياق منــع نــشوب النزاعات و في حالات النزاع و ما بعد انتهاء النزاع ، و تصميم آلية تنفيذية و آلية تقيم و متابعة لها في ما يخص الحالة اليمنية و جهود السلام و تقديم كافة أشكال الدعم من أجل بناء قدرات.