تطالب "مواطنة" بتحقيق دولي شفاف ومستقل لمحاسبة المسؤولين عن هذا الفعل المشين وتقديم التعويضات المناسبة للضحايا. لأنه وفي ظل عدم وجود تحقيقات جدية وشفافة، فإن مثل هذه الهجمات ستتكرر في المستقبل.
صنعاء – لا يزال فريق مواطنة لحقوق الإنسان يعمل، منذ صباح الأحد 01 سبتمبر/ أيلول 2019 وحتى كتابة هذه الإحاطة، على توثيق الهجوم المروع الذي قام به التحالف بقيادة السعودية والإمارات على أحد مراكز الاحتجاز الواقع تحت سيطرة جماعة أنصارالله المسلحة (الحوثيون) شمال مدينة ذمار (130 كيلو متر جنوب صنعاء). وقد أوقعت الهجمة الجوية العشرات بين قتيل وجريح.
عند حوالي الساعة 11:45 مساء السبت 31 أغسطس/ آب 2019، قام التحالف بقصف أربعة مباني تابعة لكلية المجتمع (المكونة من تسعة مباني)، والتي يتخذ الحوثيون من مبنىً فيها على الأقل مركزاً للاحتجاز، بستة قنابل على الأقل خلال 15 دقيقة تقريباً حسب شهادات جمعتها مواطنة. كان يقدر عدد المحتجزين بنحو 170 محتجزاً من المدنيين والمقاتلين. وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن في بيان عقب الهجمة، أنها كانت على إطلاع بالمكان، وقامت بزيارته بشكل دوري في أوقات سابقة. وتشير معلومات حصلت عليها مواطنة أنه تم تخصيص كلية المجتمع كمركز للاحتجاز منذ مطلع العام 2015، بينما بدأ تحويل المحتجزين المقاتلين إليه في العام 2017.
زارت بعثة من مواطنة مكان الواقعة صباح اليوم التالي وشاهدت أشلاء الضحايا متناثرة في باحة الكلية و تحت الأنقاض، بالإضافة لـ 27 كيس بلاستيكي أبيض تم إخراجه إلى ساحة الكلية و به جثث و أشلاء الضحايا. أثناء الزيارة كانت مقاتلات التحالف تحلق في الأجواء وقد قابلت بعثة مواطنة جرحى وناجين وشهود عيان وأطباء وفرق إنقاذ، كما وثقت بصور فوتوغرافية حجم الدمار الذي حل بالمباني وبقايا لما يعتقد بأنه السلاح المستخدم في تنفيذ الهجمة.
يقول أحد الناجين (38 سنة): “حينما كنت استعد للنوم ، دوى صوت انفجار كبير، امسكت رأسي بكلتا يدي. واذا بيدي اليسرى قد صارت حمراء بالكامل وقد نقصت إصبعاً . ويضيف الناجي “سمعت من كانوا على يساري يطلقون انينا مكتوماً كأنهم يدفعون عن أنفسهم الموت، بينما من كانوا على يميني لم يبق فيهم أحد بجسد مكتمل.. شاءت ارادة الله ان تجعلني حدا فاصلا بين الحياة والموت”.
وحتى كتابة هذه الإحاطة، كانت فرق جمعية الهلال الأحمر اليمني قد انتشلت 96 جثة، ونحو 40 جريحاً من الموقع المستهدف. وتؤكد مشاهدات مواطنة أن هناك حوالي عشرات الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض حتى كتابة هذه الاحاطة.
وقال احد العاملين في الهلال الاحمر اليمني لمواطنة ” لم نستطع التعرف الا على 55 جثة كاملة، بقية الضحايا انتشلناهم وهم اشلاء”
وتفيد المعلومات الأولية التي جمعتها مواطنة بأن 7 أطفال على الأقل كانوا محتجزين في الطابق السفلي لأحد المباني المستهدفة. فيما تؤكد معلومات وثقتها مواطنة مقتل أربعة منهم على الأقل.
يعطي هذا الهجوم دليلاً إضافياً، على عدم اكتراث الأطراف المتنازعة في اليمن للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن مثل هذه الانتهاكات تؤكد على ضرورة تفعيل أدوات التحقيق والمساءلة لجميع اطراف النزاع في اليمن.
وليست هذه المرة الأولى التي يشن التحالف فيها هجوماً على مراكز احتجاز. ففي 21 مايو/ أيار 2015، قصف التحالف مبنى في جبل هران بمدينة ذمار كان الحوثيون يحتجزون فيه مدنيين بينهم صحفيين اثنين. وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قصف التحالف أيضاً سجن الزيدية بمحافظة الحديدة. وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول 2017، شن التحالف هجوماً على مركز احتجاز في مقر الشرطة العسكرية بصنعاء.
تدعو مواطنة لحقوق الإنسان التحالف بقيادة السعودية والإمارات إلى احترام القانون الدولي الإنساني، وتدعو الحوثيين أيضاً إلى الوقف الفوري لعمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري. وتطالب مواطنة بتحقيق دولي شفاف ومستقل لمحاسبة المسؤولين عن هذا الفعل المشين وتقديم التعويضات المناسبة للضحايا. لأنه وفي ظل عدم وجود تحقيقات جدية وشفافة، فإن مثل هذه الهجمات ستتكرر في المستقبل.