طالبت مواطنة لحقوق الإنسان جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالإفراج الفوري عن عدنان الحرازي (50 سنة)، مؤسس ومدير شركة "برودجي" المحتجز تعسفيا منذ ما يقارب ثمانية أشهر بطريقة مخالفة للقانون.
وبحسب شهادات جمعتها مواطنة، فأنه بتاريخ 11 يناير/ كانون الثاني 2023 داهمت قوات أمنية تابعة لجهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، واقتحمت بقوة السلاح مقر شركة "برودجي" التي تعمل في مجال الرقابة والتقييم، واحتجزت 7 من موظفي الشركة وأغلقت مقر الشركة، بدون أي إجراءات قانونية.
وبحسب إفادة الشهود لمواطنة، فقد تفاجأ موظفو شركة "برودجي" بتطويق عدد كبير من المركبات العسكرية والمدنية وحافلات بنوافذ مظللة، ومدرعتين، وسيارات ذات لوحات "خصوصي" أغلقت الشارع. كما شوهد عدد من المسلحين الملثمين الذين يرتدون بزات عسكرية، وآخرون بزيٍّ مدنيٍّ، بالإضافة إلى عناصر أمنية نسائية؛ جميعهم قاموا باقتحام مكاتب الشركة تحت تهديد السلاح.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "يجب الإفراج فورًا عن المحتجز تعسفيا عدنان الحرازي. وعلى جماعة أنصار الله (الحوثيين) التوقف عن الانتهاكات التي تطال مؤسسات المجتمع المدني والقطاعات التجارية".
وقال الشهود لمواطنة إن أفراد الأمن قاموا بإخراج جميع الموظفين من مكاتبهم وجمعهم في استراحة الشركة، وقاموا بمصادرة جميع متعلقاتهم الشخصية من هواتف محمولة، وأجهزة الحاسوب المحمولة وغيرها. وعندما سألهم مدير الشركة من يتبعون، ومن أي جهة، وطلب منهم إظهار أمر التفتيش، رفضوا أن يقدموا أي توضيح. وقاموا بعد ذلك بتوزيع استبيانات ورقية على الموظفين لتعبئتها والتوقيع عليها، واستمروا بحجز الموظفين منذ الساعة التاسعة حتى الساعة الرابعة عصرًا في مقر الشركة. وقامت القوات الأمنية بإجراء تحقيق مع عدد من الموظفين والموظفات، ومن ثم سمحوا لهم بمغادرة الشركة عدا مدير الشركة وستة موظفين آخرين، حيث تم اقتيادهم إلى جهة مجهولة، كما قاموا بمصادرة سيرفرات الشركة. وبحسب إفادة الشهود، فإن أربعة موظفين آخرين تم احتجازهم بعد حادثة الاقتحام. وأفرجت الجماعة عن جميع الموظفين المحتجزين باستثناء مدير الشركة، عدنان الحرازي حتى لحظة كتابة البيان.
وبحسب شهادة أسرة عدنان الحرازي، لم تتلقى الأسرة اتصالًا من عدنان إلا بعد مرور سبعة أيام من لحظة احتجازه وإخفائه قسريا، حيث أبلغهم أنه محتجز في جهاز الأمن والمخابرات في منطقة شملان – غرب صنعاء. وبعد مرور عشرين يومًا من احتجاز عدنان انفرادياً بمعزل عن العالم الخارجي، تمكنت الأسرة من زيارته لأول مرة من خلف حاجز زجاجي، والحديث معه عبر سماعة الهاتف. كما أفادت اسرة عدنان الحرازي انه قد اضرب عن الطعام منذ يوم الاحد 9 يوليو / تموز 2023، وان المحتجزين قد قاموا بتركيب محلول مغذي عبر الوريد لمتعلم الاسرة محتواها ولم يتم ابلاغها بذلك في حينه.
توجهت الأسرة منذ لحظة احتجاز عدنان إلى عدد من الجهات وقيادات جماعة أنصار الله (الحوثيين) للمطالبة بالإفراج عنه وإعادة فتح مقر الشركة، غير أن كل جهودهم بائت بالفشل.
قالت ندى المؤيد، زوجة عدنان الحرازي، لمواطنة: "لقد تضررننا من هذا الاحتجاز على جميع المستويات؛ عدنان محتجز منذ أشهر بدون سبب، والشركة متوقفة عن العمل منذ لحظة احتجازه وبدون مبررات قانونية".
وطالبت مواطنة عبر فريق الدعم القانوني في المنظمة الذي قام بإرسال مذكرات قُدِّمَت للنائب العام، والنيابة الجزائية المتخصصة، ووزارة حقوق الإنسان؛ بسرعة الإفراج عن عدنان الحرازي المحتجز تعسفيًا لدى الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الأمر الواقع في صنعاء.
وفي مطلع يونيو / حزيران 2023م – أي بعد ما يقارب خمسة أشهر من الاعتقال – أحال جهاز الامن والمخابرات ملف القضية الى النيابة الجزائية المتخصصة، التي بدأت أولى جلسات التحقيق الرسمية في 11 يونيو / حزيران 2023م، وبناء على معلومات تحصلتها مواطنة فأن جلسات التحقيق الخاصة بشركة برودجي كانت تُقام غالباً من الساعة 3 عصراً وحتى 1 صباحاً داخل مبنى الامن والمخابرات بالمخالفة لقانون الإجراءات الجزائية اليمني.
تعمل شركة "برودجي" منذ العام 2006 في المجال التقني، وكذلك في مجال الرقابة والتقييم كجهة مستقلة للأعمال الإغاثية المُنفذَّة من المنظمات ووكالات الأمم المتحدة، ولديها طاقم مكوّن من مئات العاملات والعاملين من موظفين، ومتعاقدين، وباحثين، وسائقين، وعاملين بالأجر اليومي؛ حيث يعتبر عمل الشركة مصدر دخلهم الوحيد، وأصبحوا بدون مصدر دخل منذ اقتحام الشركة. قال أحد الموظفين في الشركة لمواطنة: "تعرضتُ لأزمة اقتصادية منذ اقتحام الشركة؛ فقد تراكمت عليّ ديون الإيجار، مما اضطرني إلى تحويل سيارتي الخاصة إلى سيارة أجرة. ورغم أني لا أملك أطفالًا، إلا أني أساعد أبي وأمي في مصاريفهم الشهرية". وأضاف: "أنا أخاف من أن يتم احتجازي! وكلما تمر من أمامي دورية، أخاف معتقدًا أنهم قادمون من أجلي".
ما تزال قوة أمنية تتبع جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة أنصار الله (الحوثيين) تسيطر على مقر الشركة حتى اللحظة. كما أفاد الشهود أنه يتم استدعاء موظفي الشركة بين فترة وأخرى إلى مقر الشركة من قبل أفراد يتبعون جهاز الأمن والمخابرات لاستجوابهم والتحقيق معهم حول أنشطة الشركة.
ويمثّل احتجاز الأشخاص تعسفيًّا مخالفةً لنصوص القوانين والتشريعات المحلية؛ حيث تنص القوانين اليمنية النافذة بعدم جواز القبض على شخص إلا بموجب أمر قبض صادر من جهة مختصة. كما تؤكد القوانين المحلية على ضرورة إحالة أجهزة جمع الاستدلال بالملفات التي ترد إليها من المقبوض عليهم إلى النيابة العامة خلال أربعة وعشرين ساعة من لحظة القبض عليهم.
كما يجرّم القانون الدولي الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي؛ تنص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه اليمن، بوضوح على ما يلي: "لا يجوز حرمان أي شخص من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون ووفقًا للإجراءات التي ينص عليها القانون". وعلاوة على ذلك، فإن القبض على شخص أو احتجازه، يليه إخفاء مكان وجوده.
تشكل حالات الاختفاء القسري انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، وتنتهك الحق في الحرية من بين حقوق أساسية أخرى.
وتجدّد مواطنة مطالبتها جماعةَ أنصار الله (الحوثيين) بضرورة الإفراج الفوري عن عدنان الحرازي الذي يمثّل استمرارُ احتجازه خرقًا صريحًا للقانون اليمني النافذ. وتؤكد مطالبتها جماعةَ أنصار الله (الحوثيين) بضرورة تمكين شركة "برودجي" لمعاودة مزاولة عملها، وعدم التعرض بمضايقة موظفيها وعمالها، والتوقف عن استهداف المؤسسات المدنية والتجارية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.