المساءلة الآن: الدعوة إلى إنهاء سياسة الإفلات من العقاب

فعالية جمعت النقاش والمظاهرات والفن بين صنعاء ولاهاي

December 18, 2024

نظّمت "مواطنة لحقوق الإنسان" فعالية حقوقية يوم الجمعة، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ربطت مباشرةً عبر البث الحي بين الحاضرات والحاضرين في لاهاي وصنعاء. ركزت الفعالية على مناقشة سياسة الإفلات من العقاب في مناطق النزاع حول العالم، بما في ذلك اليمن، فلسطين، سوريا، السودان، وأوكرانيا، مع تسليط الضوء على جرائم الحرب في غزة، تزامنًا مع اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. شهدت الفعالية حضورًا متنوعًا شمل أكاديميين وأكاديميات، قضاة وقاضيات، وناشطين وناشطات من الحركة الحقوقية اليمنية، بالإضافة إلى كتّاب ومشاركين في لاهاي وآخرين عبر تقنية الزوم من مختلف المحافظات اليمنية.

كلمة الافتتاح:
افتتح عبد الرشيد الفقيه، نائب رئيسة "مواطنة لحقوق الإنسان"، الفعالية من لاهاي بكلمة أشار فيها إلى أهمية اختيار توقيت الفعالية الذي يتزامن مع اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وأكد الدور المحوري لحركة حقوق الإنسان في الضغط على المحكمة الجنائية الدولية لإصدار قرارات بملاحقة ثلاث شخصيات بارزة: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي، وقائد الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف. وشدد على أن هذه الخطوة كان يجب أن تتم منذ بداية الحرب، لكن الحماية السياسية التي تتمتع بها الجهات المتورطة في الجرائم أعاقت جهود المساءلة.

وأضاف الفقيه أن إنهاء سياسة الإفلات من العقاب يمثل ضرورة أساسية لحماية الحاضر والمستقبل من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ودعا إلى الالتزام الكامل بالقوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مؤكدًا في ختام كلمته: "إن لم تتدخل الأمم المتحدة وجميع مؤسساتها الآن فيما يحدث في غزة، فلتصمت إلى الأبد".

مداخلات رئيسية:
أكدت رضية المتوكل، رئيسة منظمة "مواطنة"، أن غياب المساءلة يعزز ثقة أطراف النزاع في الحصانة من العقاب، مما يؤدي إلى تفاقم الانتهاكات. وأشارت إلى أن الجرائم المرتكبة في اليمن، مثل القصف الجوي والبري وزرع الألغام، ليست ضرورية عسكريًا، بل هي نتيجة مباشرة لغياب المساءلة.

وتناولت المتوكل الوضع في فلسطين، مشددةً على أن الجرائم هناك قد ترقى إلى جرائم حرب وإبادة، وأن تجاهل المساءلة يشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين في كل مكان.

من صنعاء، شدد الدكتور حمود العودي على أن قضية فلسطين ليست فقط قضية الشعب الفلسطيني، بل هي قضية العرب جميعًا والإنسانية جمعاء. وقال: "على الشعوب العربية والأمة العربية والإنسانية أن تنتصر لقضية فلسطين في مواجهة الطغيان العالمي الذي يتستر خلف شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان". وأضاف أن استمرار الانتهاكات في فلسطين دون مساءلة يشكل تهديدًا حقيقيًا لكل قيم العدالة والإنصاف في العالم.

إعلان لاهاي: إنهاء سياسة الإفلات من العقاب
تُوّجت الفعالية بإعلان مشترك حمل اسم "إعلان لاهاي"، دعا فيه المشاركون إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب، مشددين على أهمية وضع حقوق الشعوب وحق تقرير المصير في صلب الجهود الحقوقية. كما انتقد الإعلان تراجع بعض الحكومات عن دعم العدالة الجنائية الدولية، مطالبًا بالعمل المشترك لإعادة بناء الثقة في آليات العدالة.

مظاهرة أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية
بعد الجلسة الافتتاحية، توجه الحضور في لاهاي إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، حيث رفعوا مطالب بتسريع النظر في القضايا الحقوقية العاجلة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية الحاصلة في غزة. كما دعوا المحكمة الجنائية الدولية إلى مضاعفة جهودها لمساءلة المتورطين في جرائم الحرب في جميع الدول التي تشهد نزاعات، لا سيما اليمن، غزة، السودان، سوريا، وأوكرانيا.

الفن يختتم الرسالة:
اختتمت الفعالية بوصلات فنية شاركت فيها النجمة اليمنية ماريا قحطان بوصلة غنائية من صنعاء أثارت تفاعلًا كبيرًا من الحضور. ثم تألق الفنان اليمني عمر الشهاري بوصلات غنائية تراثية من قاعة لاهاي، تفاعل معها الحضور بالرقص والغناء. كما شاركت فرقة "راجعين" الفلسطينية للدبكة، التي قدمت دبكات غزاوية حماسية، قبل أن يختتم الفنان الفلسطيني أبو جابي الحفل بأداء مؤثر جسّد الروح الفنية والحقوقية للفعالية.

أثر باقٍ:
جمعت هذه الفعالية بين النقاش الحاسم والإبداع الفني في رسالة واحدة: العدالة والمساءلة هما الطريق الوحيد لضمان السلام وحماية حقوق الإنسان في اليمن، فلسطين، وسائر مناطق النزاع. إنها دعوة صريحة لكل العالم لوقف دوامة الإفلات من العقاب، قبل أن تصبح الكارثة قاعدة وليست استثناءً.