استجابةٌ نوعية ومسؤولة لاستغاثاتٍ عزلاء
في خضم الانتهاكات التي تفاقمت واتسعت رقعتها خلال سنوات الصراع في اليمن، والتجاوزات غير الإنسانية من قبل أطراف وجهات وتشكيلات متعددة أوغلَتْ في التنكيل بالمدنيات والمدنيين، ضداً على كل الضمانات القانونية والدستورية التي تكفل صون حقوق الإنسان وكرامة المواطنات والمواطنين من الانتهاك أو التعدِّي في جميع الظروف.
وقد أسرفت كافة أطراف الصراع في اليمن، منذ اندلاع بوادره الأولى حتى اليوم، في اقتراف الانتهاكات، من قبيل الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والحرمان التعسفي للحد الأدنى من متطلبات العدالة الإجرائية، والتي تتصدر أعداد وقائعها وضحاياها المرتفعة مؤشرات انتهاكات حقوق الإنسان خلال سنوات الحرب، فضلًا عن كونها أحد أكثر الملفات الحقوقية حساسيةً وتعقيدًا، ولاسيما في ظل الوضع الأمني والسياسي المُركب في البلاد.
وبهدف رفع تلك الانتهاكات عن الضحايا من المدنيات والمدنيين، وعن عائلاتهم وذويهم وأحبائهم، والإسهام في منع استمرار تلك الانتهاكات ومنع تكرارها، ولتدارك ذلك الانفلات المطلق -أو شبه المطلق- الذي دأبت عليه أطراف الصراع، واستجابةً للاستغاثات العزلاء لضحايا الانتهاكات الحقوقية في عموم المحافظات اليمنية، ولاستغاثات عائلاتهم وذويهم وأحبائهم، وبدافع المسؤولية والواجب، بادرت مواطنة لحقوق الإنسان إلى إنشاء "وحدة الدعم القانوني"، في محاولة للإسهام في الحد من الانتهاكات وإحداث تأثير مباشر لصالح الضحايا.
وتتألف وحدة الدعم القانوني في "مواطنة"، من شبكة من المُحاميات والمحامين، يتوزعون في 19 منطقة عمل تُغطي الأغلب الأعم من المحافظات اليمنية، يقدمون فيها المساندة القانونية المجانية، لضحايا الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والحرمان التعسفي من متطلبات العدالة الإجرائية، المُرتكبة بحق الأفراد، من قبل كافة أطراف الصراع، ضداً على كل الضمانات الدستورية والقانونية، وضداً على مبادئ العدالة، وحقوق الإنسان الدولية.
وتباشر مواطنة -من خلال وحدة الدعم القانوني- مساعيها جنبًا إلى جنب مع أسر الضحايا، أو بالنيابة عنهم، بعد توثيق دقيق لكافة المعلومات حول الضحايا ووقائع الانتهاكات (احتجاز تعسفي/ إخفاء قسري..)، وبناءً على موافقات مستنيرة من ذوي الضحايا، مع التركيز على ضمان العدالة الإجرائية لكافة الأفراد الذين وجدوا أنفسهم في تماسٍ مُباشر مع تلك الجهات، بهدف ضمان تمتعهم بكافة حقوقهم القانونية، منذ لحظة الاحتجاز، ومرورًا بظروف وأهلية مكان التوقيف، وإجراءات التحقيق، والدفاع القانوني، وانتهاءً بالمحاكمة، وتولي مواطنة عنايتها الخاصة بتقديم المساندة القانونية للضحايا من الفئات الضعيفة والمهمشة.
وفي حالات عديدة تستعين مواطنة -عند الحاجة- بخبراء قانونيين مُتخصصين، بدافع الحرص على التطوير المستمر للقدرات المهارية والمعرفية لكوادرها في وحدة الدعم القانوني، بما يؤهلهم للتعاطي مع حساسية وطبيعة المهام التي يقومون بها، وبما يرتقي بمعارفهم ومهاراتهم إلى مستوى التحدي الذي تقتضيه متغيرات الوضع وواقع الانتهاكات في اليمن، وبما ينعكس -في مُحصِّلته- لصالح الضحايا وذويهم وأحبتهم الذين يجدون في "مواطنة" السند الشجاع والنصير الموثوق.
وتثمن مواطنة لحقوق الإنسان تثميناً عالياً الدعم المتواصل من قبل كافة شركاء وداعمي مشاريع وأنشطة مواطنة، المساندين لاستمرار خدمة الدعم القانوني النوعية، المُقدمة لآلاف الضحايا وذويهم وأحبتهم، في إطار شراكات مستمرة منذ سنوات، وبدرجة رئيسية، تلك الشراكة المتواصلة بين مواطنة لحقوق الإنسان وبين الخارجية الهولندية، متمثلة بسفارتها لدى اليمن، والذي لولا إيمانها الراسخ والواعي، ولولا التزامها الجاد بقيم حقوق الإنسان، وبأهمية تقديم المساندة القانونية للضحايا كتدخل إنساني نوعي، لما تمكنت مواطنة وفريقها الشجاع من مواصلة هذه المهمة بفاعلية عالية، ولما استمرت في الإسهام في الإفراج عن آلاف الضحايا من المدنيين، في مختلف مناطق اليمن، تحت ظروف بالغة الخطورة والتعقيد، ووسط أنماط عدة من محاولات الاستهداف والضغط المتواصلة من قبل الجهات والأطراف المنتهكة، للحيلولة دون استمرار أي أعمال حقوقية مستقلة لمواجهة انتهاكاتها.