عبوةٌ في مرعى النزوح

أطفأت عين "أحمد" وبترتْ يده

November 27, 2024

كان الطفل أحمد مقبل حسين عبد الله التركي (12 سنة) يعيش مع عائلته وإخوانه حياةً جميلةً رُغم ضيق العيش وقلة المؤونة، في بيت يجمعهم بقرية "دمان" بمديرية لودر – محافظة أبين. كان أحمد -إلى جانب دراسته- يذهب لرعى الأغنام بالتناوب مع إخوانه، كونه مصدر دخل الأسرة الوحيد.

مع وصول الحرب إلى قرية دمان سنة 2016، نزحت أسرة أحمد إلى منطقة الحبيل (تبعد عن لودر نحو 10 كم)؛ بحثًا عن الأمان، ودأب أحمد على الذهاب إلى الذهاب لرعي الأغنام صباحًا والعودة في المساء عند الساعة الثالثة عصرًا.

في صباح يوم الأحد 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خرج أحمد -كعادته- لرعي أغنامه في منطقة الحبيل -وهي منطقة دارت فيها معارك بين جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والمقاومة الجنوبية سنة 2015- اتجه أحمد بأغنامه صوب الوادي الذي يبعد عن قريته نحو 2 كم، وأخذ يلهو ويلعب ويقفز في أفياء المرعى.. فجأة لمح جسمًا غريبًا أثار فضوله؛ أراد أن يكتشف ما بداخله!

لم يكن ذلك الجسم سوى عبوةٍ ناسفة انفجرتْ مباشرةً بمجرد أن حاول فتحها؛ أخذ يصرخ ويجري فَزِعًا والدماء والشظايا تملأن جسده الصغير.

رآه بعض المارَّة على تلك الحالة، فهرعوا إلى إسعافه إلى "مستشفى الشهيد محنف" في مديرية لودر، وهناك أجريت له الإسعافات الأولية، ثم نُقل إلى مستشفى أطباء بلا حدود بمحافظة عدن، وهناك بُترتْ يده اليمنى من مفصل الكف، ووجدوا بعد الفحص أن هناك تمزق في العين اليسرى، فتم نقلة إلى "مستشفى عدن الألماني الدولي".

وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، 2023م، أجريت له عملية تفريق محتوى العين وزراعة "كرة سيليكونية" وأعطيت له العلاجات، وزراعة عدسة، وعاد إلى القرية وهو في حالة اكتئاب شديد؛ فقد يده وعينه بسبب مخلفات الحرب التي لا ذنب له فيها سوى أنه يبحث عن مصدر دخل لأسرته، يعيش الآن فاقدًا لابتسامته المعهودة، يقول: لوكنت أعلم ما كنت أخذتها؛ كنت بلغت عنها، لقد فقدت بسببها عيني ويدي، ولو أبكي دهرًا لن يعودا لي!

تطالب مواطنة لحقوق الإنسان كافة أطراف النزاع  بالتوقف الفوري عن زراعة الألغام بمختلف أشكالها،  والأجسام المتفجرة ، والبدء في خطوات جادة لتطهير الأماكن الملوثة بالألغام بما فيها المناطق التي شهدت هجرة للألغام بفعل السيول للحيلولة دون سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، وتطالب المجتمع الدولي بتشكيل آلية تحقيق دولية ذات طابع جنائي تضمن محاسبة المُنتهِكين ومساءلتهم، والانتصاف للضحايا.