اعتداءات القوات البحرية الاريترية على الصيادين اليمنيين في البحر الأحمر
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، إن على الحكومة الإرتيرية وقف الانتهاكات التي تطال الصيادين اليمنيين من قبل قواتها البحرية وإطلاق سراح المحتجزين منهم، وتسليم القوارب والمعدات التي استولت عليها، وإجراء تحقيقات شفافة في هذه الانتهاكات وتقديم تعويضات للضحايا عن الخسائر التي طالتهم.
خلال الأعوام من 2019 وحتى 2022، وثقت مواطنة انتهاكات متعددة ارتكبتها القوات البحرية الاريترية طالت عشرات الصيادين اليمنيين من بينهم 9 أطفال، أثناء عملهم في صيد الأسماك في البحر الأحمر في الأماكن المخصصة لذلك، قبالة السواحل والجزر اليمنية في البحر الأحمر، سواء تلك التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، أو السواحل والجزر التي تسيطر عليها القوات المشتركة المدعومة إماراتيًا في الساحل الغربي في اليمن.
وارتفعت وتيرة انتهاكات القوات الإريترية بحق الصيادين اليمنيين خارج نطاق حدودها ومياهها الإقليمية مع احتدام النزاع المسلح في اليمن وتفشي الفوضى، حيث تنوعت بين القتل والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي تحت ظروف احتجاز لا إنسانية والتعذيب والمعاملة القاسية والمسيئة المتمثلة بالضرب بالعصي والاستخدام في الأعمال الشاقة والمنع من المأكل والمشرب. كما قامت القوات الاريترية بمصادرة قوارب الصيادين ومؤنهم ووقودهم الذي يحتفظون به للعودة إلى اليابسة، إضافة إلى محاولات إغراق قواربهم عن طريق الاصطدام بها عمدًا. إلى جانب تلك الانتهاكات الجسيمة، يتكبد الصيادون خسائر مادية فادحة، ويفقدون مصدر دخلهم الوحيد بسبب مصادرة القوات البحرية الإريترية لقواربهم وما عليها.
وطيلة فترة النزاع المستعر في اليمن منذ أواخر العام 2014، وثقت مواطنة أشكالًا متعددة من الانتهاكات التي طالت الصيادين اليمنيين ارتكبتها مختلف أطراف النزاع، وقد مورست هذه الانتهاكات على نطاق واسع، بما فيها القصف الجوي على قوارب الصيد، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب بغرض حرمان الصيادين من حقهم في الانتفاع بالموارد البحرية.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان:
“إن الاعتداءات التي تمارسها القوات البحرية الإرتيرية في عرض البحر الأحمر سلوك مُشين، لم تُترك للمدنيين أي خيارات؛ فبعد أن ارتكبت جميع أطراف النزاع العنف ضدهم وبعد أن استعرت سماء البلاد وأرضها بأتون الحرب، تلاحق القوات البحرية الإرتيرية الصيادين اليمنيين في قلب البحر وتسرق الخبز من أيديهم، بل وتتمادى في مصادرة حرياتهم وحيواتهم. يجب أن تتوقف هذه الانتهاكات كما يجب مساءلة المنتهكين وجبر ضرر الضحايا”.
في عصر يوم السبت، 14 آب/ أغسطس 2021، وبينما كان سبعة صيادين على متن قاربهم يصطادون الأسماك على مقربة من جزيرة حنيش التابعة لمديرية الخوخة بمحافظة الحديدة غرب اليمن، أطلقت قوات بحرية إرتيرية قدمت على متن زورقين بحريين وابلًا من الرصاص على الصيادين مما تسبب في مقتل طفل (14 سنة) وجرح طفلين آخرين بإصابات بالغة، وقد أصيب أيضًا صياد يبلغ من العمر 45 سنة بجروح بليغة. كما قامت القوات البحرية الإرتيرية بالاصطدام بقاربهم عمدًا بغرض إغراقه، في حين كان جندي منهم يضرب صيادًا بالعصا. وتُرك الصيادون على قاربهم المعطوب في قلب البحر دون مساعدة يومًا كاملًا يحملون طفلًا متوفيًا ومصابَيْن بطلقات نارية.
في صباح اليوم التالي، وجد صيادون يمنيون آخرون القارب المستهدف ونقلوا الضحايا إلى جزيرة حنيش اليمنية حيث تلقوا الإسعافات الأولية، ومن ثم نُقل الضحايا بواسطة قوات خفر السواحل اليمنية إلى مرفأ الحيمة بمديرية الخوخة بمحافظة الحديدة لتلقي الرعاية الطبية.
في صباح الأربعاء، 25 آب/أغسطس 2021، قامت سفينة حربية إرتيرية على متنها قرابة 40 جنديًا يرتدون بزات عسكرية وآخرون لباسًا مدنيًا باعتراض قاربي صيد على متنهما 18 صيادًا يمنيًّا كانوا يصطادون في المياه الإقليمية اليمنية على بعد 50 ميلًا بحريًا من نقطة انطلاقهم من مديرية الحوك في محافظة الحديدة اليمنية، أنزلت السفينة 6 زوارق حربية وأشهر المسلحون الاريتريون أسلحتهم في وجه الصيادين وطلبوا منهم السير خلفهم، حيث اقتادوهم إلى جزيرة حرمل الإريترية واحتجزوهم يومًا كاملًا بلا طعام ولا ماء، وصادروا قاربهم الكبير وأسماكهم ووقودهم ومؤونتهم الغذائية ثم رحّلوهم بقاربهم الصغير مع 17 صيادًا آخرين.
“قصموا ظهري؛ بلغت خسارتي المادية 18 مليون ريال (30,000 دولار أمريكي) فبعد أن كان الصيادون يعملون لدي، أصبحت أنا من يبحث عن عمل.” فؤاد، صياد يمني، 38 سنة
وفي يوم السبت، 16 من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، تم اختطاف 23 صيادًا يمنياً كانوا يصطادون في المياه الإقليمية الإريترية بواسطة 12 جنديًّا من القوات البحرية الإريترية يرتدي بعضهم بزات عسكرية، بينما يرتدي آخرون الزي المدني. وجهوا أسلحتهم باتجاه الصيادين اليمنيين، وانتقلوا إلى قاربهم وانهالوا بالصفع والضرب على اثنين منهم، ثم احتُجز الجميع في جزيرة “مقيدة” وهي موقع عسكري إريتري. تعرض الصيادون هناك للضرب، وتم نقلهم في اليوم الثالث إلى منطقة مرسى فاطمة على السواحل الإرتيرية التي يتواجد بها عدد كبير من المجندات والمجندين الإرتيريين، وظلوا مختفين قسرًا لمدة عشرة أشهر وسبع عشرة يومًا، دون السماح لهم بإجراء اتصال لعائلاتهم أو محامين.
وفي واقعة أخرى، يذكر ماهر (اسم مستعار- 38 سنة، صياد يمني) أنه في يوم الأربعاء، 3 حزيران/يونيو 2020، تم اختطافه مع 26 صيادًا يمنيًا على بُعد ميلين بحريين من جزيرة حُنيش اليمنية من قبل مسلحين إرتيريين يرتدون البزة العسكرية، حيث قاموا بضربهم بأعقاب البنادق، واقتادوهم على متن قاربهم إلى منطقة “برا صولي” الإرتيرية، وأمروهم بإنزال جميع ما يملكون.
“كان يوسف (اسم مستعار، 20 سنة) ضعيف السمع، لم يسمع أوامر الجنود، فأخذ أحد الجنود عصاه، وباشره بالضرب على رأسه وظهره بلا رحمة أمام أبيه، بكى يوسف كثيرًا، أدمت آهاته قلب أبيه وقلوبنا، لكننا عاجزون؛ من تكلم منا واجه نفس العاقبة.” (ماهر/اسم مستعار – 38 سنة، صياد).
كما وثقت مواطنة إيقاف القوات البحرية الإرتيرية لثلاثة قوارب صيد بالقرب من جزيرة كبريت التابعة لمديرية اللحية بمحافظة الحديدة في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2022، كان على متنها 20 صيادًا يمنيًا من بينهم 7 أطفال، واقتادتهم إلى منطقة “عُد” الإرتيرية حيث احتُجِزوا هناك لثلاثة أيام، ثم نُقلوا إلى أحد المعسكرات في منطقة “ترمة” الإرتيرية، وظلوا محتجزين فيها لمدة ثمانية عشرة يوما. “
فوجئنا بوجود حوالي 80 صيادًا محتجزًا منذ شهر في ترمة.” (سيف – 40 سنة، صياد يمني)
بعد ذلك أُخذ الأطفال فقط إلى منطقة ميناء عصب الإرتيري، كانوا يتلقون فيه معاملة قاسية تمثلت بالضرب بالعصي والقيام بالأعمال الشاقة وأعمال البناء. تم الإفراج عن الأطفال ونقلهم إلى اليمن بمنطقة واحجة التابعة لمديرية المخأ بمحافظة تعز صباح يوم الأحد، 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2022. فيما أُطلق سراح بقية الصيادين يوم الأحد، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022، بعد أن ظلوا مختفين قسرًا قرابة الشهرين قاسوا أثناءها صنوف التعذيب والمعاملة المسيئة والحاطة بالكرامة بحجة عدم حيازتهم لتصاريح اصطياد على الرغم من وجودهم في المياه اليمنية.
يقول سيف (40 سنة، صياد): “كنا نحمل المحركات الخاصة بالقوارب على ظهورنا، تحت سياط الجنود الإرتيريين، وشتائمهم، كانوا يضربوننا أمام أبنائنا ويضربون أبناءنا أمامنا”.
تدين “مواطنة” هذه الممارسات المشينة من قبل القوات البحرية الإريترية، وتؤكد ضرورة بذل جهود حثيثة لملاحقة المنتهكين قضائيًا جراء الانتهاكات التي تطال المدنيين في عرض البحر. وتطالب “مواطنة” هذه القوات بالتوقف فورًا عن اعتداءاتها، كما تطالب الحكومة الإريترية بوضع حدٍ للانتهاكات التي يرتكبها منتسبوها من القوات البحرية.
وتطالب “مواطنة” لحقوق الإنسان الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا تحمّلَ مسؤوليتها بالعمل على وقف الانتهاكات التي تطال الصيادين اليمنيين، وبذل الجهود اللازمة للإفراج عن المحتجزين لدى القوات الإرتيرية، والعمل على ضمان جبر ضررهم، وعدم تكرار تلك الانتهاكات.