من ساحة للعب إلى مربع موت
لم يكن ملعباً أساسيًا، لكنه كان كافيًة للأطفال والشباب لممارسة هواية كرة القدم. لم تكن هنالك صافرة يملكها حكم. يطلق بها صفيرًا ينهي المباراة، فقانون اللعب مفتوح وعفوي، ينتهي بأخذ مالك لكرته والعودة للمنزل.
وبينما تتطاير الكرة بين أقدام اللاعبين، ومتابعون يشاهدون، ومارون قاصدون وجهاتهم، تحولت الساحة التابعة لمؤسسة الاتصالات بمحافظة الحديدة إلى ساحة للقتلى والجرحى.
عند 10:00 مساء يوم الخميس 20 يناير/ كانون الثاني 2022، قصف طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات مؤسسة الاتصالات بمديرية الميناء، محافظة الحديدة، كانت قنابله هي صفارة الحكم التي فضت اللعب بشكل دموي.
أربعة قتلى، وثلاثة عشر جريحاً بينهم أربعة أطفال. هي حصيلة ذلك المساء الدامي.
بدأ الضحية وديع الحرازي كلامه:
“كان ابني وائل (8 سنوات) وابن أختي أمير (11 سنة) يلعبون أمامي وفجأة لم أعد أرى شيئًا سوى الظلام. لا صوت لابني ولا لابن أختي.
كنت انتشل الجثث والجرحى من الأطفال وقد بترت أصبعي البنصر والخنصر من يدي اليسرى ورجلي اليمنى مكسورة وأنا أقطر دمًا من كل جسمي. لم أجد ابني وكنت أصرخ وأناديه، لكن المسعفون وجدوه على بعد ثلاثون مترًا مني. لقد طار جسده كل هذه المسافة وارتطم بالأرض وفارق الحياة بلحظته بينما لا يزال ابن أختي في المشفى”.
بنبرة حزن، يتحدث الشاب مازن (20 سنة) عن حالة والدته، بعد مقتل أخوه رامز (10 سنوات): “أمي لم تصدق خبر وفاة أخي ومن هول صدمتها أصيبت بجلطة.
اختلفت التعبيرات اللفظية المُعبّرة عن بشاعة الواقعة، واتحدت ملامح الضحايا بالجروح الجسدية والنفسية. بينما طالت آثار الهجوم ما هو أبعد من تلك الساحة، إذ تسبب القصف بانقطاع شبكة الانترنت والاتصالات الأرضية وشبكة اتصالات يمن موبايل لمدة ثلاث أيام نتيجة تعرض مبنى الاتصالات لتلف في الأجهزة والمعدات ومتسببة بخسائر مادية في منشئة مدنية يستفيد منها مدنيون لم يعد بإمكانهم تحمل مزيداً من العزلة.