يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ضمان حصول ولايات حفظ السلام ومراقبة حقوق الإنسان على التمويل اللازم لتأدية وظائفها الرئيسية، بما في ذلك خبراء النوع الاجتماعي، وخبراء حقوق الطفل، ومسؤولو الحماية المتخصصون، ومراقبو حقوق الإنسان..
اجتمع رؤساء الدول والحكومات الشهر الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك لافتتاح الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي الوقت الذي تواصل فيه الجمعية العامة إجراءات عقد هذه الدورة، ستتاح للدول الأعضاء فرصة لتجديد وتعميق التزامها الجماعي بدعم الركائز الأساسية التي بنيت عليها الأمم المتحدة – وهي حقوق الإنسان والسلام والأمن وسيادة القانون والتنمية – بالإضافة إلى وضع جدول أعمال طموح لحماية السكان على الصعيد العالمي من خلال التعددية الفعالة.
تعهدت الدول في الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي لعام 2005 بمسؤوليتها المشتركة عن حماية السكان من الجرائم المتعلقة بالفظائع الجماعية، وخاصة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. وفي هذا الصدد، يدعو التحالف الدولي من أجل المسؤولية عن توفير الحماية (ICR2P) جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الوفاء بالالتزامات التالية أثناء أنعقاد الدورة الـ 77 للجمعية.
هناك مجموعة من علامات الإنذار المبكر بحدوث جرائم فظيعة ينبغي أن تكون بمثابة تنبهات للدول الأعضاء في الأمم المتحدة من أجل تحفيز الإجراءات الوقائية لمنع حدوث الفظائع. فعلى سبيل المثال، كثيرا ما تكون الانتهاكات والتجاوزات المنهجية أو الواسعة النطاق لحقوق الإنسان بمثابة علامة إنذار مبكر رئيسية بحدوث جرائم فظيعة محتملة. وقد تسبق هذه العلامات مخاطر حدوث الجرائم الفظيعة وتنشطها بشكل كبير، وقد تشكل في حد ذاتها جرائم فظيعة. ويجب على منظومة الأمم المتحدة أن تغتنم هذه الفرص على نحو أكثر فعالية ليس لإنقاذ أرواح الأبرياء فحسب، بل أيضا لتجنب الإجراءات القسرية الأكثر تكلفة. ويدعو التحالف الدولي من أجل المسؤولية عن توفير الحماية (ICR2P) الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى تعزيز قدراتها الفردية والجماعية على تنفيذ نظم الإنذار المبكر والإجراءات الوقائية من خلال:
تعد مشاركة المجتمع المدني والسكان المتضررين، بما في ذلك المجتمعات المحلية الناجية، أمر بالغ الأهمية لمنع حدوث حالات الفظائع والتصدي لها. وغالبا ما تكون الجهات الفاعلة في المجتمع المدني أول من يشهد مؤشرات وعلامات الإنذار المبكر لحدوث الفظائع، تحتل هذه الجهات الفاعلة صدارة مقدمي الدعوات المطالبة بإتخاذ إجراءات وقائية قوية وفعالة للاستجابة للأزمات الناشئة. وفي العديد من الحالات، كان المجتمع المدني أيضا يمثل القوة الدافعة وراء الدعوات الرامية لتحقيق العدالة والمساءلة والإنصاف بعد حدوث الفظائع، حيث يعمل المجتمع المدني بشكل مباشر مع المجتمعات المحلية المتضررة من أجل تحقيق المصالحة المجتمعية. وتقوم هذه الجهات الفاعلة بانتظام برصد وتوثيق الأدلة على الجرائم الفظيعة وانتهاكات القانون الدولي، وهو أمر ضروري لآليات المساءلة و/أو الملاحقات الجنائية المستقبلية.
وبالمثل، غالبا ما يكون السكان المتضررون هم الأشخاص الذين ينزع فتيل التوترات في مجتمعاتهم المحلية، حتى في خضم تصاعد العنف. وتعد التجربة والمعرفة المباشرة للسكان المتضررين، بما في ذلك المجتمعات الناجية، أمرا بالغ الأهمية لتوفير إنذارات مبكرة بالفظائع التي تلوح في الأفق وفهم مستنير للنتائج المحتملة.
وبالتالي، فإن المجتمع المدني والسكان المتضررين والمجتمعات الناجية مجهزون جميعا بفهم وخبرة متعمقين ينبغي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تدمجها وأن تمحورها في جميع جهود منع حدوث الفظائع. ويدعو التحالف الدولي من أجل المسؤولية عن توفير الحماية ICR2P جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى السعي بشكل فردي وجماعي لتضمين الخبرة المعيشية والمعرفة والحقوق للمجتمع المدني والسكان المتضررين في جميع مراحل عمليات صنع القرار. ويمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تفعل ذلك من خلال عقد مشاورات وجلسات إحاطات منتظمة مع المجتمع المدني، فضلا عن السعي المنهجي لمعرفة رؤيتهم ومساهماتهم. وبذلك، يمكن للمجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات وقائية أكثر ملاءمة وفعالية قائمة على الحقوق ومستنيرة مجتمعياً.
إن وجود منظومة متماسكة وفعالة للأمم المتحدة أمر بالغ الأهمية لمساعدة المجتمع الدولي على تحمل مسؤوليته الجماعية عن توفير الحماية. ومن الأهمية بمكان أيضا التمسك بميثاق الأمم المتحدة وضمان أن توفر تعددية الأطراف السلام والكرامة والمساواة لجميع الناس. وعليه يدعو التحالف الدولي من أجل المسؤولية عن توفير الحماية ICR2P الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مساءلة بعضها البعض والمجتمع الدولي عن التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
ومن الضروري أن تسعى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة جاهدة لكسر العزلة داخل المنظومة من خلال سد الفجوة بين جنيف ونيويورك، فضلا عن العمل من خلال جداول أعمال شاملة، بما في ذلك الدعوة إلى العمل من أجل حقوق الإنسان وأجندتنا المشتركة. وهذا من شأنه أن يسمح للدول بالمساهمة في الوقاية الشاملة من الفظائع والتمسك بشكل أفضل بمسؤوليتها الجماعية عن توفير الحماية للسكان.
ويجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ضمان حصول ولايات حفظ السلام ومراقبة حقوق الإنسان على التمويل اللازم لتأدية وظائفها الرئيسية، بما في ذلك خبراء النوع الاجتماعي، وخبراء حقوق الطفل، ومسؤولو الحماية المتخصصون، ومراقبو حقوق الإنسان. فكثيرا ما تعاني العناصر الهامة في هذه الولايات من نقص التمويل، مما يقلل بشكل كبير من قدراتها. كما يدعو التحالف الدولي من أجل المسؤولية عن توفير الحماية ICR2P الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى تخصيص التمويل حيثما أمكن لمنع حدوث الفظائع، وكذلك تزويد مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية بالموارد الكافية لتنفيذ ولايته.
ويأمل التحالف الدولي من أجل المسؤولية عن توفير الحماية ICR2P أن تترجم هذه الدعوة إلى جهود حقيقية ومحسنة من أجل حماية السكان من جرائم الفظائع الجماعية، ومحاسبة مرتكبيها والحد من تصاعد مخاطرها. ويقف التحالف الدولية من أجل المسؤولية عن توفير الحماية ICR2P والمنظمات الأعضاء فيه على أهبة الاستعداد كموارد دعم وإنذار مبكر وخبرة للدول الأعضاء لمساعدتها على الوفاء بهذه المسؤولية.