على آليات العدالة، أن تتحرك الان، أن يرتقع صوتها الان، أو فلتخرس للأبد
الأعزاء في محكمة الجنايات الدولية، أعزائي القضاة في المحكمة، عزيزي كريم خان، المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية، أعزائي كافة العاملين في المحكمة ..
أود في هذا اليوم، الذي يوافق مرور 25 عام على إنشاء المحكمة، أن أهنيء قضاة المحكمة، والمدعي العام فيها، والعاملين فيها، والمساندين لها من حركة حقوق الإنسان المستقلة، حول العالم، وأهنئكم باعتباري أحد العاملين في مجال حقوق الإنسان، وفي مجال الجرائم الأشد خطورة، جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وكأحد المؤمنيين بقيم ومنظومة حقوق الإنسان، والعدالة، وبعالميتها، وكأحد المؤمنين، كذلك، بالمحكمة الجنائية الدولية، والمساندين لها، منذ إنشاءها، كآخر فرصة مأمولة، لتحقيق العدالة الدولية، ولحماية حقوق الإنسان، ولإنفاذ القانون الدولي الإنساني، بشكل معياري، شامل، وعادل، دون أي تمييز، وانتقائية.
ونحن نحتفل اليوم، بمرور 25 سنة، على تأسيس المحكمة، من المهم للغاية، أن نتذاكر، بأن سمعة المحكمة، ومصداقيتها ونزاهتها واستقلاليتها وجدارتها وقيمتها على المحك، أكثر من أي وقت مضى، فالجولة الحالية، من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ليست فقط تحدياً جديداً أمام المحكمة، فهي كذلك فرصة، لفكرة العدالة، ولفكرة سيادة القانون الدولي، ولفكرة عالمية قيم ومنظومة حقوق الإنسان، وهي، قبل كل ذلك وبعده، محطة اختبار دقيقة، للمحكمة الجنائية الدولية، ولولايتها، ولنظام روما الأساسي، ولمعياريتها، ومبدأيتها، وأخلاقيتها، واتساقها، والواجب، والمأمول، أن تخوض المحكمة، هذا الإختبار، فوراً، بجسارة، وفاعلية، من أجل العدالة، من أجل الحقيقة، من أجل القانون الدولي الإنساني، من أجل هزيمة الجرائم الأشد خطورة، المُرتكبة ضد المدنيين العزل، ومن أجل مساءلة المتورطين فيها، ومن أجل تقديم صوت ثالث، كصوت ممتثل لمنطق القانون الدولي، ولقيم حقوق الإنسان، ولمنطق العدل، ولميثاق الأمم المتحدة ومواثيقها، كأُطر ومحددات ضامنة للتعايش والسلام والتحضر، ضداً على أصوات وسرديات أطراف الحرب، واصطفافاتها وتحالفاتها، غير الأخلاقية، وغير المتحضرة، وغير الإنسانية.
ولعل من الجدير ذكره، طي هذه البرقية، أن دولة فلسطين، دولة طرف في نظام روما الأساسي، وتقع في نطاق ولاية المحكمة، منذ 1إبريل/نيسان 2015، هو أمر نادر في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، شأنها شأن أشقاءنا في الإنسانية، وفي المعاناة، وفي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، في أوكرانيا.
أعزائي في محكمة الجنايا الدولية ..
ما يجب أن ندركه في هذه المحطة الأخلاقية، بالغة الحساسية، أن على آليات العدالة، أن تتحرك الان، أن يرتقع صوتها الان، أو فلتخرس للأبد.
بالغ التقدير
عبدالرشيد الفقيه
الشريك المؤسسة لمواطنة لحقوق الإنسان
نائب رئيسة المنظمة
اليمن
صنعاء
18 أكتوبر/تشرين الثاني 2023